مسعود الحمداني -
أتساءل أحيانا عن بعض الأشخاص الذين يعتقدون انهم يملكون مفاتيح كل شيء، بدءا من المعرفة، وانتهاء بـ (التجهيل)، والتجهيل الذي أعنيه هو محاولة البعض القفز على حقائق التاريخ، وصنع بطولات وهمية ورقية، تحاول ـ وبسوء نية ـ تمريرها على الآخرين، وإيجاد واقع وهمي يغطي على جهل مفرط، ومع سبق الإصرار والترصد.
يخرج علينا هؤلاء البعض ليفتوا في الساحة، ويفتتوا الحقائق، والوقائع، ويفرضوا أجندتهم الخاصة، رغم أنهم في دواخلهم يعرفون أن ما يقولونه غير صحيح، إلا أنه يخدم توجهاتهم، ربما لأنهم لا يجيدون غير الثرثرة والتذمر وانتقاد كل شيء، أو لأنهم يريدون افتعال إثارة، وزوبعة يستفيدون منها، فهم يتباكون على أنفسهم، ويرددون شعارات (الحرية والانتصار للحق)، ويشوهون الآخرين لأنهم يرون أنهم الأحق، أو حسدا من عند أنفسهم، أو لأنهم يبحثون عن موقع لهم من الإعراب حين يشاهدون شمسهم قد بدأت في المغيب.
قل رأيك، واختلف مع غيرك، ولكن تعلّم كيف تختلف، وتعلّم كيف تقول الحقيقة، وتكون موضوعيا، وحياديا، وصادقا مع نفسك، دون أن تحاول تقزيم من حولك، ودون أن تنتقص من منجزاتهم، واشتغالاتهم، فذلك يُخرج الأشياء من دائرة النقد المقنن، إلى ساحة التشخيص والعقد النفسية البغيضة، وهذا ما يفعله للأسف بعض المحسوبين على الشعر، والأدب بشكل عام.
لا أحد يملك الحقيقة المطلقة، لا أحد يملك مفاتيح الكلام وحده، لا أحد يستطيع أن يدّعي معرفة كل ما حوله، لذلك يجب علينا أن نتحاور وسط هذه المنطقة، ولا نتعدّى قدراتنا، كي لا نكون سفسطائيين لا يعترفون بغير أفكارهم، ولا تعنيهم الحقيقة بقدر ما يعنيهم الجدال الذي لا يفضي إلى نتيجة، فالقضايا برمتها لا يمكن لها أن تتفق على فكرة واحدة، تماما كما هي الحياة لا تتطابق بتفاصيلها مع كل الأشخاص، لذا يجب علينا أن نعترف بأنفسنا، وأن نعترف بالآخر الذي هو ضد أفكارنا، لا أن نلغيه، أو نشوّه صورته، من أجل أن نلمّع صورتنا، فالكائنات الحية جميعها متساوية في فرص العيش، كما هي متشابهة في حركتها، ودورة حياتها، والشيء الوحيد الذي يميزها هو العمل..والاختلاف..فليس بتقزيم الآخرين يكون التميّز والتباهي، ولكن يكون ذلك بصنع جمال خاص تستطيع من خلاله النظر إلى عوالم أكثر اتساعا، وزرقة..واختلافا.
ولنا لقاء
Samawat2004@live.com