رندة صادق -
الحظ كلمة كنت أسمعها دائما تتردد في كل حالة إحباط تصيب ساع لرزق أو لعلاقة أو لأي خطوة فيها تقدم ما، في مسيرة العمل أو الحب أو الحياة. لطالما سمعت أمثالا كثيرة منها “حظ اعطيني وبالنار ارميني” وكنت أفسره بحرفيته لا بغايته. وبت ألاحق الحظ وأترصده الى ان سمعت مثلا غريبا جدا: “الحظ يختار الحمقى، ويكون الى جانبهم.” الحظ أعمى اذا إنه لا يصيب من يستحق وهو عشوائي لا قاعدة له. فتزداد حيرتي مما جعلني أكثر دهشة وحيرة اذا لماذا أسعى؟ لماذا اقاتل؟ وكيف أتخطى المحظوظين من البشر وأسبقهم؟ وكيف أعرف أني من المحظوظين في مستقبلهم أو ممن كُتبت لهم الهوامش في دفاتر الحياة؟ فلا عناوين مهمة في كتاب العمر ولا صفحات تبرق في تاريخي. من المربك أن نقوم برحلتنا في الحياة على الحظ وعلى غيبياته التي لا نملك التحكم في تفاصيلها، ولربما البعض بنى أمورا كثيرة في حياته على هذه الكلمة فإن تزوج شاب بفتاة قالوا لها :”الزواج ضربة حظ لا احد يضمن نتائجها” فأنتِ وحظك، وان سافر رجل الى بلد ما بحثا عن عمل قيل له: “سافر وجرب حظك”. كل شيء يربطونه بالحظ حتى في موضوع الدراسة أحيانا كثيرة نسمع حين يرسب أحدهم في امتحاناته جملة “رسب لأنّ الحظ لم يحالفه” كل هذا يجعلني أفكر بالمنطق بالعقل بالخطوات المحسوبة فكيف نبني مستقبلنا على مصادفة غيبية ونقامر معتمدين على حظنا. هناك تعارض كبير بين فكرة الحظ وفكرة التخطيط فهل نخطط لمستقبلنا أم نتركها لمصادفات الحظ؟ وتتحرك الكلمة بين مفاهيمي وفي رحلة عمري وأبحث عن المعنى الحقيقي لكلمة ينتظرها الجميع كنوع من مكافآت الحياة لهم واكتشفت أن موضوع الحظ موضوع شائك ومعقد ومتشعب المعاني ومن الموضوعات المثيرة للجدل، حيث يفهمه الناس بطرق مختلفة. فالبعض يعرفه على أنه مجرد صدفة ايجابية، وآخرون يعتبرونه حدثا كبيرا قادما ربما يكون فيه الخير الكثير وغير المحسوب. وهناك تعريف عام للحظ يقول إن الحظ هو عبارة عن اجتماع التوقيت الصحيح والعمل الجاد، أما المحظوظ فهو من يعرف كيف يقتنص الفرص في الوقت المناسب ويتصرف بشكل صحيح . والسواد الأعظم من الناس يرون أن الحظ ليس إلا التفاؤل بالخير بمعنى” تفاءلوا بالخير تجدوه”. فان كنت شخصا متفائلا فإنك توحي للناس بطاقة ايجابية فتتولد لديهم مشاعر جيدة فيحبك الآخرون. ويقول بعض العلماء إن من ينقل السعادة للآخرين عبر الطاقة الايجابية فانّه يلقى في المقابل كل ما فيه الخير ويتمثل هذا الخير في أشكال كثيرة كالنجاح المستمر والترقي الى مراتب أعلى لم يكن يحلم بها. ورغم هذا لا يمكننا الاعتماد على الحظ لنحقق أحلامنا على الرغم من حدوث مصادفات مع البعض تكون نتائجها خارج نطاق إرادتهم أو نيتهم أو النتيجة التي يرغبون بها. واضح أن وجهات النظر حول الحظ تختلف من ثقافة إلى أخرى، فهناك من يعده أمرًا مرتبطًا بالفرص العشوائية ومنهم من يربطه بتفسيرات متعلقة بالإيمان والخرافة. كاعتقاد الرومان أن الحظ تجسد في الإلهة فورتونا، ورأي الفيلسوف دانيال دينيت أن “الحظ هو مجرد حظ” وليس خاصية لفرد أو شيء، ورأى كارل يونج أن الحظ يمثل تزامنًا ذا معنى، ووصفه بأنه “صدفة ذات معنى”. ولكن لا يمكننا ان نجلس وننتظر الحظ بل علينا ان نعمل لنهيئ للحظ فرصه وأرضيته فلا قانون لعامل غيبي ربما يخطئنا ويصيب غيرنا..