علي بن خلفان الحبسي -
يقول المثل العماني (قديم البريسم ولا جديد الصوف) ويضرب بهذا المثل في متانة وجودة الأشياء القديمة مقارنة بالحديثة، وبالفعل فالمثل العماني كغيره من الأمثال تضرب في الصميم وجاءت بناء على تجارب عاشها أجدادنا القدماء الذين عايشوا الماضي والحاضر، فهذا المثل تنطبق مواصفاته على كثير مما نشاهده اليوم في آلاتنا وأدواتنا وأجهزتنا.
المثل العماني القديم الذي يشابه بعض الأمثال عند أشقائنا العرب لم ينطبق فقط على جهاز التلفاز أو جهاز الهاتف النقال أو أي جهاز أو صناعة أخرى أصبحت مجرد تجارة فقط قطعها يتم جلبها من كل صوب وحدب، حيث أضحت هذه الأجهزة وغيرها تجمع في محلات صغيرة ربما بعضها لا يمتلك حتى صلاحية الترخيص القانوني ليخرج في النهاية جهازا يحمل كل المواصفات الراقية، فقد أصبحت الأجهزة معظمها شكلا فقط وافتقد معظمها إلى المصداقية الصناعية في جودتها ومواصفاتها، وقبيل طرحها في الأسواق هناك مئات الإعلانات لترويجها وليطرح بعدها عشرات التساؤلات ومن ثم معاناة مالكيها بسبب رداءة صناعتها فعبارة (صنع في اليابان) أصبحت هي الشغل الشاغل لمن أراد أن يقتني هذا الجهاز أو الآلة ولو أن اليابانيين أنفسهم لا يعرفون شيئا عنه وإنما صنع في دولة أخرى ومن ثم كتب عليه صناعة يابانية تماشيا مع تاريخ اليابان صناعيا الراسخ في الأذهان منذ القدم.
للأسف ليس فقط صناعات الأجهزة أصبحت هشة، بل طال ذلك مشاريع رائدة وعملاقة ومشاريع حيوية تخدم المجتمع بأسره نأتي إلى جزء منها وهي الطرق المرصوفة في السلطنة خاصة خلال السنوات الأخيرة حيث أصبحت بنية هذه المشاريع هشة بمعنى الهشاشة – ولا نعمم هذا على كل طرقاتنا بطبيعة الحال – حيث إن هناك طرقا جرفتها أبسط الشعاب ودمرتها عجلات المركبات وربما في المستقبل ستتأثر حتى بأقدام العابرين عليها، ونتمنى أن تكون هناك نظرة ولو عابرة في مواصفات ومقاييس هذه الطرق رأفة بنا وبأرواحنا قبل مركباتنا.
ما آلت إليه بعض طرقنا يدعونا بأن نفتح أبواب المقارنة بين الماضي والحاضر فهناك طرق رصفت منذ السبعينات ما زالت تنبض بالحياة وتشع بريقا بينما طرق أخرى رصفت منذ أشهر أصبحت تئن مما وصلت إليه، فهل ذلك يؤكد بأن بنيتنا الأساسية هشة، ونأمل أن لاتصل هذه الهشاشة إلى بنى أكثر أساسية كحاجتنا إلى الماء والهواء.