تحسين جودة الاقتصاد الصيني سيجلب فرصا اكبر للعالم

بكين ( وكالات): أصدرت الصين في الفترة الأخيرة مجددا إشارات إلى العالم بأنها تنكب في الوقت الراهن على تحسين جودة اقتصادها بدلا من السعي إلى رفع سرعة نموه.

وسيفيد هذا الإجراء نمو الاقتصاد العالمي بشكل سليم ومستدام على الرغم من انه قد يؤدي إلى انخفاض نسبة مساهمة الاقتصاد الصيني في النمو الاقتصادي العالمي في أمد قصير والتي كانت قد فاقت 50%.

ومن المؤسف أن الإجراءات الاقتصادية الصينية الحصيفة تؤرق بعض الدول الغربية التي وجهت بالأيام الأخيرة انتقادات غير معقولة ضد الصين مشيرة إلى أن تراجع نمو الاقتصاد الصيني يؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي. واشتكى جاك ليو وزير الخزانة الأمريكي ، في اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين الذي اختتم مؤخرا في مدينة سيدني الاسترالية ، أن الصين فشلت في تعزيز خطوات إصلاح الاقتصاد حسب ” السرعة المرجوة من أمريكا ” مما يؤثر في نهوض الاقتصاد العالمي.

ومن الواضح أن هذه الانتقادات غير معقولة وعارية تماما من الصحة، لأن الصين ظلت ولاتزال تقدم مساهمات كبيرة للاقتصاد العالمي.

ففي الوقت الراهن، تقارب نسبة مساهمة الصين في نمو الاقتصاد العالمي 30% ولاتزال هذه النسبة كبيرة على الرغم من انخفاضها عن الماضي وخاصة أن حجم اقتصاد الأول يشكل دون 10% من حجم اقتصاد الأخير.

وبالطبع ساهمت الصين في نمو الاقتصاد العالمي على نحو أكبر في الماضي، لاسيما في عامي 2009 و2010، حيث تجاوزت نسبة مساهمة الاقتصاد الصيني في نمو الاقتصاد العالمي 50% ، ما أضاف قوة دافعة كبيرة للأخير الذي كان يقبع في وادي الركود. ولكن الصين دفعت ثمنا لتلك المساهمة الباهظة.

وأثبت الواقع أن الأسلوب القديم لتنمية الاقتصاد غير مستدام. حيث تواجه الصين الآن سلسلة من المشكلات لتنمية اقتصادها بما في ذلك تغير المناخ وتلوث البيئة ووفرة طاقة الإنتاج وارتفاع تكلفة الأيدي العاملة وتسارع الشيخوخة وتفاقم أزمة الموارد.

وبعد النمو السريع في العقود الماضية، هبطت سرعة نمو الاقتصاد الصيني الذي يعيش الآن مرحلة التحول والتعديل. ولا يرجع ذلك إلى الأسباب المحلية فقط، بل تأثر أيضا بالعوامل الخارجية، مثل التيسير الكمى للسياسة النقدية للولايات المتحدة واليابان وسياسة التقشف المالي الأوروبية التي تعرقل زيادة الواردات من الصين.

فمن الضروري ويحق للصين أن تختار نمطا مناسبا وسرعة معقولة لتنمية اقتصادها. وبعد دراسة الظروف المعقدة الجديدة بدقة، بادرت الصين إلى تعديل هيكل الاقتصاد وتحسين جودة نموه إضافة إلى كبح السعي المفرط وراء زيادة الناتج الصيني الإجمالي .

وعلى ضوء هذا، شهد الاقتصاد الصيني تراجعا في عام 2013 حيث بلغ حجم الناتج الصيني الإجمالي إلى 7.7% ليقل عن متوسط الحجم المسجل في نحو عشرة أعوام مضت.

وفي هذا الشأن، قال تشو شياو تشوان، محافظ البنك المركزي الصيني إن نسبة نمو الناتج الصيني الإجمالي التي تتراوح بين 7% إلى 8% لا تلائم الصين فحسب، بل وتخدم أيضا نمو الاقتصاد العالمي.

من جانبه، قال وزير المالية الصيني لو جي وي لوكالة أنباء شينخوا ” لا نسعى إلى رفع وتيرة نمو الناتج الصيني الإجمالي بل نحتاج إلى نمو اقتصادي عالي الجودة ونسبة تضخم منخفضة ومعدل توظيف مرتفع”.

وأكد أن مساهمة الاقتصاد الصيني للعالم قد تنخفض في المستقبل داعيا كافة الدول إلى بذل جهود مشتركة لإنعاش الاقتصاد العالمي.

وفي الحقيقة إن زيادة جودة الاقتصاد الصيني سيساعد على تحسين نوعية الاقتصاد العالمي وسيجلب للعالم كله فرصة جيدة، نظرا لأن الصين تعد ثاني اكبر كيان اقتصادي بالعالم.

وفي هذا السياق، قال فان لي مين المسؤول الكبير بمكتب الأبحاث الاقتصادية لشركة هونج كونج – شانغهاي المصرفية أن الاقتصاد الصيني كبير الحجم لا يزال يقدم مساهمات ضخمة للعالم الاقتصادي حتى ولو هبطت سرعة نموه، منوها بأن حجم الواردات الصينية سيزداد نحو 80 مليار دولار أمريكي إذا تراجع نمو الناتج الصيني الإجمالي الصيني إلى 7.4% بالعام الجاري والذي يعد أكثر من الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة بـ20 مليار دولار أمريكي. وإذا انخفض هذا النمو إلى 5%، ستتجاوز الصين الولايات المتحدة من حيث ارتفاع حجم الطلب. وعلى صعيد متصل، قال سون لي جيان نائب رئيس كلية الاقتصاد بجامعة فودان الصينية انه لا يمكن تقييم مساهمة الاقتصاد الصيني، الذي دخل مرحلة تعديل الهيكل، لمثيله العالمي اعتمادا على نتيجة قصيرة الأمد فقط، والطلب الصيني تجاه الخارج قد لا يرتفع بشكل كبير خلال فترة قليلة.

ونوه بأن اذا نجحت الصين في تعديل هيكل اقتصادها وإصدار الطلب المحلي بصورة كاملة، سيشكل ذلك قوة دافعة كبيرة للاستيراد وسيجلب مزيدا من الفرص التجارية للعالم كله.