عبدالله بن سالم الشعيلي -
twitter@ashouily -
هذه الأيام تشد الرحال وبكثرة إلى المسجد الحرام في مكة المكرمة وإلى مسجد الرسول عليه السلام في المدينة، طمعا في نيل الأجر والثواب وغفران الذنوب في شهر تتضاعف فيه الحسنات وتعدل عمرته حجة كما روي ذلك عن الرسول الكريم.
مشهد القوافل في طريقها متجهة إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك العمرة، وكثرة الرسائل النصية التي يرسلها أصحابها لتوديع الأهل والأصدقاء ممن يعرفونهم وممن لا يعرفونهم طلبا للصفح والمغفرة، وتدفق الصور القادمة من تلك البقاع الطاهرة لصور المعتمرين أمام الكعبة المشرفة، تحمل بعض الدلالة من أن ما بات يسمى بالسياحة الدينية في بعض المجتمعات بدأ يتسرب إلى مجتمعنا المسلم. فالكثير ممن يذهبون في هذا الشهر إلى العمرة هم لا يقومون بذلك في المقام الأول- كما أحسب- طلبا للأجر والثواب – حيث إنهم قد قاموا بمثل هذا الفعل عشرات المرات – ولكنهم يقومون بذلك لأسباب مختلفة منها الفراغ والمجاملة للآخرين والبعض منهم للمباهاة والتفاخر بالعمرة في رمضان.
سمعت مرة عن شخص يعتمر في العام أربع مرات، واحدة في الشتاء والأخرى في الصيف وثالثة في رمضان وأخرى بين هذه وتلك، وكلها تقع ضمن تغيير الجو ومجاملات الأصدقاء وقضاء وقت الفراغ وزيادة الأجر والثواب من عند الله.
لو رجعنا إلى القرآن الكريم لوجدنا أن العمرة ورد ذكرها في القرآن كله مرتين فقط وورد ذكرها مقرونا بالحج، ورسولنا الكريم عليه السلام لم يعتمر سوى ثلاث مرات في حياته كلها كما ورد ذلك في روايات متعددة، وهذا يدل على أن للعمرة فضل ولكنه ليس كل الفضل، فهنالك الكثير من الأعمال التي يمكن أن يقوم بها من أراد التقرب إلى الله في شهر الفضل كالزكاة والصدقة التي ورد ذكرهما في القرآن الكريم في أكثر من ثمانية وستين موضعا في مختلف آي القرآن دلالة على كبر الأجر والثواب الذي يجنيه من يزكي ويتصدق.
ذهبت إلى العمرة في رمضان ثلاث مرات وفي آخر مرة قررت أن لا أذهب للعمرة في هذا الشهر بسبب الازدحام الكبير الذي أحدثته أنا ومن معي وحرماني للآخرين ممن أتوا من بقاع العالم المختلفة من متعة التمتع بالعمرة وهم قد تكبدوا المسافات والمشاق والمصاعب وبذلوا في سبيل ذلك الكثير من الأموال كانوا يدخرونها لهذا اليوم، علاوة على شدة العطش والجوع في رمضان وغياب كثير من الطمأنينة والخشوع بسبب الزحام الشديد وارتفاع الحرارة، وقلت في نفسي إن المبلغ الذي أنفقه لهذه العمرة قد يكون أنفع وأفود وأجره عند الله أكبر إن ذهب في عمل آخر من أعمال البر كإطعام مسكين أو التنفيس عن كربة مسلم أو التصدق على فقير أو محتاج لا يملك إفطار يومه أو مساعدة بعض من جمعيات الخير والبر التي تستثمر هذه الأموال في توفير بعض احتياجات الفقراء في رمضان وغيره من الشهور.
لست هنا من يحدد الأجر والثواب عن الأعمال فهذه كلها موكولة بالرب الذي خلقنا، ولكنني هنا بصدد الحديث عن بعض الممارسات التي يقوم بها كثير من الناس ظنا منهم أنها تقربهم إلى الله زلفى أكثر من غيرها من الأعمال، وكما أقول في ردي على من يرسل لي رسالة نصية أو يخبرني بنيته الذهاب إلى العمرة ( هنيتو العمرة، وعساها أن تكون مقبولة، وأتمنى أن تعود من رحلتك الدينية هذه وقد غسلت كل ذنوبك وآثامك).