د. ناصر الندابي -
لا أحد ينكر بأن الوقت هو الحياة، وهو أغلى ما يملك الإنسان، فمن عرف قيمة الوقت أحسن استغلاله، والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، لهذا عرف العلماء قيمة الوقت فاستغلوا كل ثانية فيه، استغلوا نهاره، ولم يفرطوا في ليله، فهم وإن اتفقوا مع الأخرين في استغلال نهارهم إلا أنهم اختلفوا عنهم في استغلال الليل، فعرفوا كيف يغنمون الليل وهدوءه وكيف يستغلوه في طلب العلم وفي العبادة، فقد واصلوا كلال ليلهم بكلال نهارهم.
هكذا كان علماء عمان، كانوا حكماء في استغلال أوقاتهم، إذ يروى أن الإمام جابر بن زيد قال: “ لليل حديث وللنهار حديث فأما حديث الليل فالدعاء والرغبة والموعظة والتخويف وأما حديث النهار فالفقه في الدين”.
ومما قاله المختار بن عوف السليمي (أبو حمزة الشاري) في وصف أتباعه قوله : شبابٌ والله مُكتهلون في شَبَابهم، غَضيضةٌ عن الشر أعينُهم، ثَقِيلة عن الباطل أرجلُهم، أنْضاءُ عِبادة، وأطْلاح سَهَر، ينظُرُ اللّه إليهم في جوف الليل مُنْحنِيةً أصلابُهم على أجزاء القرآن، قد أكلت الأرض رُكَبَهم وأيديَهم وجِبَاهَهم، واستقلُوا ذلك في جَنْب الله.
ويروى أن العلامة الرئيس أبي محمد جميل بن خميس السعدي صاحب قاموس الشريعة يقول :
ياليل طل أو لا تطل لابد لي أن أسهرك
لو كان عندي قمر مابت ارعى قمرك
ومما يروى من اهتمام العلامة الزاهد علي بن سعيد الرمحي العيني الرستاقي بطلب العلم إذ أنه كان كثيرا ما يكرر أمام اقرانه وطلبته هذين البيتين :
ومحبرة تجالسني نهاري أحب إلي من ألفي صديق
وصبرة كاغد في البيت عندي أحب إلي من حِملي دقيق
من درر العلامة محمد بن شامس البطاشي في طلب العلا وهو في سن الرابعة عشر
سأحالف الخلوات في ظلماتها وأواصل الأرقال بالاساد
وأهين هدبي في طلب العلا حتى ألقّى بغيتي ومرادي
فليهنا قومي بالدنا إني امرؤ قد بعتها بخسا بسوق كساد