العمل في القرآن: الحياة لا تستحق عمل السيئات

حمود بن عامر الصوافي -

القرآن مليء بآيات العمل والإحسان لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أشار إليها وأشاد بقيمتها وربما كان صبر المرأة وتحملها إبان الولادة من أعظم الأعمال وأجلها عند الله تعالى لذلك وجب على الأولاد أن يعوا قيمة آبائهم وأن يسعوا إلى خدمتهم ومساعدتهم ردا لإحسانهم وجميل صبرهم (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ). وإذا عرف الإنسان حق والديه علم أن عبادة الله واتباع أوامره من أجل الإحسان لمن أحسن إليك فحفظك منذ الصغر حتى صرت شابا جلدا، قال تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ،أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ».

وفرصة المسلم في الدنيا باقية ما دام على قيد الحياة فإذا انقضت فلا عمل وإنما جزاء وحساب فيضيق الوقت على بني آدم في ساعة الاحتضار ويتمنى أن يعيد الزمن أدراجه ولكن هيهات هيهات قد انتهى كل شيء ولم يبق للعبد من الدنيا إلا الأعمال التي سيتقدم بها يوم الجزاء العادل قال تعالى «حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ، فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ، تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ». وكل أمة مسؤولة عن عملها لذلك لن تسأل عما مضى ولا ترهق نفسك في ربط مصيرك بمصير من مضى فتلك أمة قد خلت ستسأل وتحاسب وأنت ستسأل وتحاسب فلا تدخل صراعا حول ما مضى بل لا ينبغي أن تتحدث إلا بمقدار ما تستفيد من تجارب الآخرين وكل له مواقفه فيما مضى وليكن قدوتك الأمير الأموي الصالح حين قال: «تلك أمة قد طهر الله منها أسنتنا فلماذا لا نطهر ألسنتنا؟ ثم تلا قوله تعالى: «تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ» فلو أننا حللنا ما جرى بين الصحابة قصدا للاستفادة وطلبا للمعرفة بدلا من تراشق الاتهامات والخوض في اللعن والتكفير [كما عند البعض] لنجونا من مشاكل كثيرة نتلظى نارها اليوم وقد حدثت منذ آلاف السنين فيجب أن نعي التأريخ وألا نحشر أنوفنا وكأننا مع الحدث بل الأغرب أن السنين تتباعد والنفوس تزداد تشاحنا، وكأننا نتفيأ ظلال تلك الأيام أوليس في التأريخ الإسلامي غير صفين؟ أوليس في التأريخ الإسلامي غير الجمل؟ هناك بطولات وتضحيات يجب أن تغطي على السواد القليل، فما لم نع كيفية التعامل مع الآخرين فلن نستطيع التحرر من أصار الماضي وما لم ندرس التأريخ بعيدا عن الخلفيات المذهبية لن نستطيع أن نفيد شيئا لأننا سنسير خلف ركب أجدادنا وكل متيم بأجداده ولكان هل وعينا نغير الظروف واختلاف المناسبات؟ فلتكن الإجابة منك أيها القارئ لتبدأ منذ اليوم صفحة جديدة في كل ما يقال ما لم يكن مقدسا كالقرآن أو المتواتر من السنة.