سماء عيسى -
1
وحيدة غزة، وحيدة تنام ووحيدة تستيقظ ووحيدة ترحل،
ووحيدة تُقصف وتدمر
وحيدة غزة إلا من الرصاص والدمار
2
غزة التي تموت كل يوم
لتستيقظ ثانية وتعيش
غزة التي لا تعرف طعم الموت
لأن الموت جزء منها
كما هي جزء منه
دلفت وحيدة كطفلة
إلى القادمين من أطراف الأرض البعيدة
لاغتيالها وتسوية جثثها بالتراب
حتى لا تبين نظارة دمها الدافئ
وجمال بشرته الرقيقة.
دلفت جميلة كعرائس البحر
تطلب أكفانا وتوابيتا وقبورا
لأبنائها وإخوتها
ولشهدائها.
3
تبعث غزة وحيدة
طفلة سمراء من الشرق
باكية
أمام يدي الله
لقد تخلى عنك يا غزة
من هم غير جديرين بحبك
من هم غير جديرين
إلا بالنوم على عتبات الغرب
بقي معك الأطفال والأمهات
القديسون والأنبياء
الرسل والشهداء
بقينا معك
ونبقى جميعا نردد:
غزة الحب
غزة الجمال
غزة الحرية
غزة الرصاص.
4
أخبريني أيتها الصبية الفلسطينية
أين هو وطنك؟
وطني هو الحرية
من أي أرض أتيتِ؟
أتيت من نخلة
غذى رطبها مريم العذراء
وإلى أين أنت راحلة يا حبيبتي؟
أسير إلى المحراب
الذي صام به زكريا
وإلى النهر المقدس
الذي تعمد به يحيى.
5
إلى إسماعيل ناشف
الشهداء هم من جعلوا كل شيء في الأرض فلسطينيا
ليس من باب الإيديولوجيا
ولكن لأبعادها الإنسانية
التي تمتد من أول الأرض إلى نهايتها!
لكننا نسير معا
كمن يختلق دربا عصيبا على المرء المرور به
الدرب الذي توصل نهايته إلى أريحا.
كان الأب الفلسطيني،
يأخذ أطفاله وهم صغار إلى نهر الأردن
وعبر النهر كانت تضيء لهم من بعيد
في الضفة الأخرى قناديل أريحا
إذْ ذاك تدمع عينا الأب ويلتفت
إلى أبنائه قائلا:
تلك وطننا فلسطين
يا أطفالي.
في المكان إياه، عندما خرج يسوع من الماء، فإذا السماء قد انفتحت فرأى روح الله يهبط كأنه حمامة وينزل عليه. وإذا صوت من السموات يقول: «هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت».
6
وحيدة تنام خوذات الجنود وبنادقهم ودروعهم
وحيدا ينام الرصاص في الاسفلت والطرقات
وحيدة تنام طفولتي
وحيدة تنام الدماء النازفة
من الجثث ومن الأرحام
وحيدة تنام أشلاء أحبتي
أنا الفتاة الفلسطينية
وحيدا ينام قلبي.