محمد سعد شحاته -
قالَ المُجندُ لصديقته: جَهِّزي «التوست» ريثما أعودُ من القتال!
قالت الأمُّ لابنها: خُذ القروشَ القليلةَ.. وابحثْ لنا عن رغيف!
ربما تجدُ المخبزَ البعيدَ عاملا!
لم يقصفوه بعد!
قال الرئيسُ لسكرتيره: جهزوا لي بيانَ شجبٍ قويّ
ألقيه على الشعب ريثما آكلُ «التوست» المُحمّص!
وافصلوا لي متعهدي الأغذية!
فقد استوردوا زبدًا مالحا سيرفعُ ضغطي طول النهار!
**
ردّت الصديقةُ على مُجنَّدِها المسافر: هيا يا حبيبي!
عُد إلي لتحكي كم قتلت من أطفالهم!
لا تَغِب عني كثيرًا؛ فشوقي نارٌ تُحمصُ التوست قبل أن تقضمَه!
ردَّ الولدُ على أمِّه: قصفوه أمسُ في ساعةٍ متأخرة!
بعدما قتلوا أبناءَ جيرانِنا وزملاءَ فصلي الأربعة!
هؤلاءِ الذين كانوا يلعبون على الشاطئ
وأخذوا كرتي بين أقدامهم!
جاوب السكرتيرُ على رئيسِهِ:
يا صاحبَ الفخامة..
إنه الزبدُّ الذي أوصى به الطبيبُ بديلا عن حبوبِ الفياجرا
بعدما شكوتَ له من ليلةِ البارحة!
*****
كانَ المجندُ هائمًا في شوقِ صديقته؛ قالَ لنفسه، في الطائرة: أين ذهبَ الكبار؟ سأقتنصُ هذا الغلامَ! وأهدي دمَهُ الساخنَ لشوقِ صديقتي! فتعرفَ أنني فارسُها المدافعُ عن أمنِها من أمثالِهِ! فتضمني بقوةٍ في الظلام، وتُخرِج شوقي ــ كلَّه ــ دفعةً واحدة!
كانَ الصبيُّ يخطو فوق ركام البيوت.. ويقفزُ، حاملا لأمِّهِ الأرغفَ الساخنة!
كانَ الرئيسُ ــ مُتمهِّلا ــ يقضمُ «التوستَ» المُحمَّصَ وفوقه الزبدةُ السائلة!
كانت الأمُّ في بيتها، تجهِّزُ طعامًا للصغارِ الذين تبقوّا من بيوت جيرانها المتهدمة!
*****
أطلقَ المجندُ قذيفةً، ذكّرتهُ ارتعاشتها بانتفاضته الأخيرة بين فخذي صديقته، وهي تطلب منه أن يبقى قليلا ريثما تنتهي من نشوتها الغامرة!
شاهدَ الطفلُ القذيفةَ، لم يغادرْ ــ من هول المفاجأة ــ موقِعَه! فقط في اللحظة التالية كان يضربُ الكرةَ لأحد زملاء مدرسته الذين قتلتهم، أمسُ، قذيفةٌ على الشاطئِ بعدما أخذوا منه الكرة!
تحسّسَ الرئيسُ معدتَه! ورمق غانيةً تمرقُ في الجوار، وقال لنفسِهِ: «آهٍ.. تستحقُّ ليلتَها أن نُغَيِّرَ الزبدةَ المعتادةَ إلى زبدةِ الفياجرا الفاخرة!»
****
قالت الصديقةُ للمجند: فخذي دافئٌ.. ودمي سينزلُ! فدُكّ حصني كما دمرتَ بلدَتَهم العاهرة!
قالت الغانيةُ للرئيسِ: «كان شجبًا قويًّا.. زلزلَ الأرضَ تحت أقدامِ الجميعِ! فتعالَ.. لنرى نتيجةَ الزبدةِ الفاخرة!
قالت الأمُّ لزوجِها ليلا: علينا أن ننجبَ ابنا جديدًا لهذه الأرض! فتعالَ.. بكلِّ آلامِنا على روحِ ولدِنا الطاهرة!
•شاعر مصري مقيم في السلطنة