نوافـذ – الحق وليس الواجب.. مشكلة

أحمد بن سالم الفلاحي -

Dreemlife11@yahoo.com -

ننتصر دائما لـ «لن يضيع حق وراءه مطالب»، وهذا الانتصار يفضي في كثير من الأحيان الى الاخلال بالواجب الذي يأتي عقبه هذا الحق، فالمكافأة حق، ولكن حتى تحصل على هذا الحق عليك ان تقوم بالواجب الذي يؤهلك لأن تحصل على هذه المكافأة، كما هو الحال في حالة الوظيفة التي نتقاضى على أدائها راتبا شهريا منتظما وهو المشروط، كما يفترض، ان نقوم بواجبات الوظيفة كلها حتى نستحق الراتب المرصود لهذا الأداء، وان كان الامر في هذا الجانب بالذات يحتاج الى كثير من الحديث، حيث لا تزال الوظيفة تعاني من مأزق الاخلال بشروطها والتزاماتها من عدد غير قليل من الموظفين في مختلف المواقع، وفي مختلف المستويات الوظيفية، وهذا مايؤسف له حقا، خاصة بعد ان قطع مفهوم الوظيفة عمرا زمنيا، يفترض، ان رسخ قناعات كثيرة عند من يمتهن اية وظيفة للقيام بواجب الوظيفة، وهو فرض عين، لا يقبل النقاش في مسألة الالتزام به او الاخلال في أدائه، فاذا لم يكن من قبيل الواجب القانوني، فمن قبيل الواجب الشرعي حتى يكسب الانسان رزقه ورزق من يعول حلالا طيبا لا شائبة تتخلله.

هاجس «لي حق» اتصوره هاجسا مقلقا الى حد بعيد، حيث تظل الرؤية معلقة على هذا الحق، فلي حق ان اقطع الطريق عند مكان عبور المشاة، بغض النظر عن السيارة القادمة، والتي لا أدري حالة سائقها وسرعتها، ولي الحق ان ادخل بسيارتي الدوار، او الطريق السريع، الجزيرة «التخزين»، ولي الحق ان اقبض راتبي في نهاية الشهر، ولي الحق في أن أربي أطفالي بالصورة التي أريد، ولي الحق في أن أقرر قطع علاقتي بأي شخص وفي أي وقت، ولي الحق في ان استبيح حرمات الآخرين قولا، وفعلا، ولي الحق في أن ألقي أية كلمة جارحة في لحظة ما لأي إنسان جرته الصدفة لأن يكون في موقع أخذ ورد على موقف معين، ولي الحق في أن اُعفّر جبهة زوجتي لأي موقف تافه، ولي الحق في أن أمارس غواياتي المختلفة في أي زمان وفي أي مكان.

يحدث كل هذا تحت مسميات «لي حق» بغض النظر عن ما يترتب على ذلك من مخاطر إنسانية، وأخلاقية، وسلوكية، ومعرفية، وقيمية، وأعراف، وقوانين، وتشريعات، حيث نستبسل في تنفيذ هذه الأحقية في كل ما شأنه أن يرضي غرورا ما، ويحقق مصلحة ما، لأن ما يندس تحت هذه الممارسات المختلفة هو حق الآخرين أيضا، ففي الوقت الذي امارس فيه «لي حق» في المقابل هو «واجب على آخرين»، والعكس صحيح، ففي القيام بواجبي أقدم، في المقابل، حقوق الآخرين علي، والمشكلة هنا هو استحضار هذه المعادلة الإنسانية الصعبة، وأقول عنها انها إنسانية لأنها تندرج (اغلبها) تحت القناعات الإنسانية، اكثر من انها تحتكم إلى القانون الصارم، لأن القانون في حالة عدم الإيمان به، يعمد الناس إلى التحايل عليه، فالموظف، على سبيل المثال، له الحق في الوظيفة، ولكن هذه الوظيفة، كما اسلفت تقوم على واجبات كثيرة، هذه الواجبات كثيرا ما يحتال عليها الكثير من الموظفين، تحت ذرائع كثيرة، وبالتالي تفتقد مجموعة الحقوق التي لها على الموظف، فينال هذا الموظف أوذاك مجموعة من الحقوق الوظيفية دون أن يكون قد أدى كامل الواجبات التي عليه تجاه الوظيفة، والتي هي بمثابة حقوق لهذه الوظيفة.

معادلة ليس من اليسير موازنتها بصورة مطلقة، ولذلك علينا في مختلف المواقف التي يكون هناك حق يقابله واجب ان نكون منصفين إلى حد بعيد، قبل أن تغتالنا حقوق الآخرين علينا.