مجتمع: إسقاطات سياحية..أندونيسيا أنموذجا (1)

خصيب عبدالله القريني -

لقد كانت رحلة رائعة تلك التي جمعتني بإخوة أعزاء الى بلاد الاندومي والسحر والجمال الرائعة الاسيوية (اندونيسيا) في رحلة سياحية من الطراز الرفيع، رحلة امتزج فيها جمال الطبيعة بأناقة الصحبة وظرافة المعشر، فكانت كما عهدناها دائما متعة لا تضاهيها متعة، وهكذا هي الاسفار ترويح عن النفس واكتساب لكل ماهو جديد من معلومات وخبرات حياتية لا تتقنها الا اذا كنت محلقا في اجواء الترحال.

زرنا في بداية الرحلة مدينة جاكرتا العاصمة ولعل شهرتها فيما يخص التسوق هي التي اجبرتنا على وضعها أولا في مؤخرة الجدول، ولكن شاءت الاقدار ان تكون في البداية لسبب طارئ، فكانت جولة مدة يوم واحد على امل ان نأتي اليها قبل المغادرة بيومين للهدف الآنف الذكر، ما يزعجك في جاكرتا وفي اغلب المدن التي زرناها في اندونيسيا هو الزحمة الشديدة في الطرقات وخاصة اوقات الذروة رغم وجود الشوارع السريعة المتناثرة على امتداد العاصمة، والزحمة هنا في احيانا كثيرة تقلب مائدة برنامجك رأسا على عقب، خاصة اذا لم تتحلَّ بالمرونة ودقة التوقيت في وضعه، لقد كان ميدان الاستقلال ومسجد الاستقلال من ابرز المعالم التي قمنا بزيارتها، وفي الحقيقة هنالك معالم تميز كل مكان وتعطيه شخصيته الخاصة، ولعل جاكرتا رغم تنوع معالمها لكن يبقى لهذين المعلمين خصوصية تتميزهما ولعل السائح دائما ما يبحث عن المميز والفريد الذي لايوجد ما يضاهيه هنا او هناك فيربط المعالم بمختلف اشكالها وانواعها بمكانها الذي لايوازيه في بقعة اخرى، ولعل هذا الشعور كان يخالجنا في تجوالنا في العاصمة جاكرتا، وبحثنا المستمر عن ما يميزها عن العواصم والمدن الاخرى وهو الهاجس الذي كنا نركز عليه.

لقد كان ميدان الاستقلال وخاصة في فترة الاجازة الاسبوعية بمثابة المهرجان الذي يمكن ان تقضي فيه اوقات رائعة وجميلة، اوقاتا تتسم بالمرح والسحر وإظهار التقاليد والاعراف والفنون الاندونيسية، مهرجان تتنقل بين جنباته وكأنك تتابع قنوات تلفازية مختلفة كل منها يشدك ويجذبك اليه، وكل منها يحاول ان لايدعك تترك مشاهدته او الانتقال الى قناة اخرى، ولكن الوقت هو من يحكمك فلا مجال لمشاهدة عرض او قناة واحدة بل التنوع والابهار سيجعلك تتنقل كالنحلة بين تلك الزهور لتقطف منها ما يروق لذائقتك وما يسر نظرك، والميدان هنا ليس فقط مجرد مهرجان وعروض، بل هو سوق مفتوح لمختلف البضائع، وهو في الوقت نفسه مجال لممارسة الرياضة وخاصة المشي، مع ما يساعد على كل ذلك من جو رائع وبديع .

لاشك ان وجود الميادين العامة هي سمة تتميز بها الكثير من دول العالم، وهي في الواقع فرصة للسائح ليشاهد البلد من الداخل بصورة اكثر واقعية خاصة عندما نتحدث عن ما يتميز به المهرجان من فنون واسواق وعروض، وهنا اجد ذاكرتي تسترجع قبل سنوات مشروع لا ادري اين وصل امره، وهو الميدان الذي تم وضع تصاميمه الجميلة ليكون متاحا للجمهور واذا لم تخني الذاكرة فقد كان المكان المزمع اقامة الميدان به هو منطقة الخوير امام الوزارات الحكومية، ولكن لم اسمع عن جديد هذا المشروع ومتى سيرى النور، واتمنى ان يكون التقصير مني في عدم الاطلاع على مستجداته لما له من اهمية حيوية في تنشيط السياحة بشقيها الداخلي والخارجي علاوة على كونه معلما حضاريا يميز العاصمة.

وللحديث بقية