ثروتنا البحرية.. تواجه الاستنزاف من الأيدي العاملة الوافدة «2ــ2»

106846«عمان» تابعت القضية في أكثر من منطقة ونيابة بالوسطى وظفار والشرقية ..

تحقيق: أحمد بن عبدالله الحسني –


أكد مراقبو الثروة السمكية بولاية الجازر بالوسطى أن الأيدي العاملة الوافدة تستخدم معدات وشباكا محظورة في عمليات صيد الثروة البحرية بغية الربح السريع، مضيفين أن أغلب هذه الأيدي بدون ترخيص لمزاولة الحرفة، وأكدوا على الرقابة المستمرة على سواحل ولاية الجازر بالتعاون مع بعض المواطنين، كما أكد بعض المسؤولين بالوزارة السماح للأيدي العاملة الوافدة بممارسة العمل في سفن الصيد الساحلي فقط وذلك على حسب طول السفينة والتي غالبا ما يتم السماح للعمل فيها ما بين 7 و8 أشخاص، فيما تحدث رئيس ميناء الصيد البحري بالجازر قائلا: إن الميناء يعتبر من أهم الموانئ بمحافظة الوسطى لكونه نقطة تجمع السفن من مختلف الولايات، مشيرا إلى وجود مركز التنمية السمكية الذي يخدم الصيادين بالولاية منوها بخطة وزارة الزراعة والثروة السمكية لتوسيع حوض الميناء وإمداد جميع المرافق بالمياه الصالحة للشرب. (عُمان) نشرت في الحلقة السابقة عن معاناة مناطق ونيابات في ولايات الوسطى وظفار والشرقية من قضية الأيدي العاملة الوافدة والتي تمارس حرفة صيد الأسماك بطرق غير مشروعة والتي انعكست سلبياتها في تناقص المخزون السمكي، كما تطرقت الى بعض السلبيات التي تقوم بها هذه الأيدي في تلك الولايات ومنها الاختلال الواضح في التركيبة السكانية، وقد التقت بالعديد من الحرفين والمواطنين والذين أكدوا عملية استنزاف الثروة وظهور بعض السلبيات في الولايات والمناطق والنيابات بسبب وجود هذه الأيدي العاملة بما فيها انتشار بعض الأمراض وخاصة الجلدية.


ما زالت المناطق والولايات في محافظات الوسطى وظفار وجنوب الشرقية تتوافد عليها المئات من الوافدين للعمل في حرفة صيد الأسماك التي وجدوا فيها ضالتهم للربح السريع، لكن هناك مشكلة قائمة لا يبدو لها حلول سريعة ألا وهي تكتم المعنيين في تلك الولايات عن هذه الأيدي العاملة، وأينما ولينا وجهتنا فلم نجد من يتحدث عن هؤلاء بالرغم من ممارسة الحرفة من قبل الأيدي العاملة الوافدة أمام مرمى ومسمع المسؤولين في تلك الولايات. وزارة الزراعة والثروة السمكية اعترفت قبل فترة أن هذه الأيدي العاملة تتركز في محافظة الوسطى لكونها منطقة ذات ثروة اقتصادية كبيرة مع قلة توفر الأيدي العاملة من الحرفيين، مما شجع على استقطاب الأيدي العاملة الوافدة غير القانونية للعمل بمهنة الصيد، إلا أنها لم تهمل في تتبع هؤلاء وخاصة المخالفين للقوانين، وما زالت الوزارة تعمل بالتعاون مع الأجهزة الحكومية الأخرى لمكافحة التجارة المستترة وذلك باستمرار الحملات للتخلص من هذه الظاهرة، وتمثلت الجهود المبذولة خلال العامين الماضيين بتشكيل لجنة برئاسة وزارة الزراعة والثروة السمكية وشرطة عمان السلطانية ووزارة القوى العاملة ووزارة الداخلية وضمت عددا من أصحاب السعادة الولاة والمختصين، وهدفها الرئيسي وضع البرامج والخطط لمكافحة هذه الظاهرة والتخلص منها بشكل نهائي، وقامت اللجنة بأعمال عديدة مثل الحملات التفتيشية وضبط عدد كبير من الوافدين الممارسين لهذه المهنة بشكل غير قانوني، وأن الجهود ستكثف بصورة أكبر للقضاء على الممارسات غير الشرعية بالتعاون مع المؤسسات الحكومية الأخرى، لكنها نفت أي وجود للجرافات منذ عام 2011 وذلك لإتاحة الفرصة أمام الشباب العماني للاستفادة من مهنة صيد الأسماك ذات المردود الاقتصادي الكبير وكذلك للمحافظة على هذه الثروة الوطنية التي تشكل أهم مصادر الغذاء في السلطنة، بالإضافة الى مراقبة شواطئ السلطنة من قبل جهات عسكرية وأمنية ممثلة بسلاح الجو السلطاني العماني وشرطة عمان السلطانية وخفر السواحل.

الرقابة الساحلية


الرقابة مستمرة على سواحل ولاية الجازر مع إصدار المخالفات عند عدم التزام الصيادين بالمواقع المحددة للصيد مع اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها، إضافة الى وجود رقابة ذاتية من قبل بعض الأهالي في الولاية والذين يقدر عددهم (6) أشخاص موزعين على طول الشواطئ، هذا ما أكده سعود بن جمعة بن خميس المخيني مراقب الثروة السمكية بمركز الجازر، مضيفا: إن المعدات المحظور استخدامها في عملية الصيد هي شباك العقرب والكوفة والأيدي العاملة الوافدة غير المرخصة، مضيفا: إن الحد من الأيدي العاملة الوافدة هو مسعى نتطلع إليه حتى لا تكون هناك منافسة من قبل هؤلاء للحرفيين العمانيين، وقال: انه بحسب نظرتنا للرقابة نجد أن جميع المخالفات التي ترتكبها الأيدي العاملة الوافدة تتمحور في استخدام الشباك المحظورة، كذلك عمل هذه الأيدي في جميع المجالات يشكل استنزافًا مستمرًا للثروة السمكية والذي انعكست نتائجه على الحرفي والذي اصبح يعزف عن العمل في هذه الحرفة.


دعم مستمر


من جهته تحدث رشيد بن سعيد الحبسي رئيس ميناء الصيد البحري باللكبي بولاية الجازر قائلا: إن الميناء يعتبر من أهم الموانئ بمحافظة الوسطى لكونه نقطة تجمع السفن من مختلف الولاية، مشيرا إلى وجود مركز التنمية السمكية الذي يخدم الصيادين بالولاية من حيث استخراج التراخيص لمزاولة صيد الأسماك، منوها بالدعم المقدم من وزارة الزراعة والثروة السمكية مثل القوارب والمحركات والسفن وصناديق لحفظ الأسماك وغيرها من الاحتياجات إضافة الى الإرشاد السمكي وإقامة المحاضرات، كما يتوفر في الميناء مصنع لإنتاج الثلج لأصحاب السفن والقوارب الصغيرة، كما توجد مظلات للصيادين مع وجود محلات تجارية وذلك لخدمة الصيادين ومرتادي الميناء، مشيرا إلى أن الوزارة ستقوم في الخطة القادمة بتوسيع حوض الميناء وإمداد جميع مرافق الميناء بالمياه الصالحة للشرب. وتحدث خالد بن سليم الجنيبي رئيس قسم سوق الأسماك بالميناء عن وجود سوق للأسماك بالجملة والذي يخدم جميع الصيادين بالولاية بمن فيهم ناقلو الأسماك من الولايات الأخرى، حيث تتم عملية تداول الأسماك بعرضها على المستثمر والذي يقوم بدوره أيضا عرضها وبيعها للمشترين وناقلي الأسماك وذلك على حسب العرض والطلب، وتتم هذه العملية تحت إشراف رئيس سوق الأسماك.

ومن جهته قال فيصل بن صالح بن حمد الجنيبي القائم بأعمال التراخيص بمركز التنمية السمكية بالجازر انه لا بد من حصول الحرفي على ترخيص لمزاولة الحرفة، مضيفا إن المركز يقوم باستبدال القوارب القديمة بقوارب جديدة للحرفيين بعد موافقة اللجنة، كما أن المركز توجد به 21 سفينة مرخصة لمزاولة الصيد وتتم معاينتها عند كل تجديد، وحول الأيدي العاملة الوافدة قال فيصل الجنيبي: إنه يسمح لكل سفينة بما يعادل من 7 إلى 8 عمال وذلك على حسب أطوال السفينة، وتتم عملية السماح للأيدي العاملة الوافدة بعد اشتراط إحضار البطاقة من وزارة القوى العاملة بالإضافة الى سريان جواز السفر وتراخيص السفينة.


إلى متى؟!


يبدو أن ملاحقة هذه الأيدي العاملة أصبحت غير مجدية لأسباب ربما ترجع الى السلبيات التي حدثت منذ فترة عندما عانى سوق الأسماك العماني من نقص بسبب عمليات القبض التي قامت بها الجهات المعنية في بعض الولايات، كما أن (النفوذ) اصبح أداة حماية للعامل الوافد المخالف، في حين اصبح الصياد العماني يواجه منافسة غير مشروعة في حرفته التي ورثها عن أجداده وتعتبر مصدر دخله الوحيد، وهناك من يجد في تشغيل وإيواء هذه الأيدي العاملة مصدر دخل كبير وخاصة لأصحاب سفن الصيد الساحلي الكبيرة، إضافة الى الاستفادة من هذه لأيدي العاملة في تشغيلها بمختلف الحرف مثل الرعي والعمل في المنزل نظير السكن في بيوت لا تتوفر فيها أدنى الرعاية الصحية وخاصة في (عزب) الحيوانات مثل الجمال والأغنام. (إن هذه الظاهرة كثيرا ما تنتشر في الولاية بصفتها بعيدة عن الجهات الرقابية، ويعود انتشارها لأسباب كثيرة منها قلة عدد السكان في هذه المنطقة، ووفرة الخيرات فيها)، هذا ما يؤكده المسؤولون في بعض الولايات، موضحين (أن الصيادين العمانيين طالبوا بفتح المجال أمامهم من أجل جلب الأيدي العاملة لمعاونتهم في هذه الحرفة وذلك لصعوبة العمل بشكل منفرد)، يبقى أن على الشباب ممارسة حرفة أجدادهم والدخول في العمل الحر بدل الاتكال على هذه لأيدي العاملة.