أزهار أحمد –
اشتغل الفنان النمساوي موريتز ستيفتر (1857-1905) على رسم لوحات تحمل ثيمات من الشرق الأدنى، الموضوع الفني والأدبي الذي أصبح شائعا لدى الأوروبيين خلال القرن التاسع عشر. وقد بدأت ظاهرة تذوق غرابة «الشرق» مع غزو نابليون لمصر في بداية القرن. هذا الموضوع ملأ صفحات الكتب الأدبية، واللوحات الفنية والمطبوعات عبر الرحالة الغرب ضمن رحلاتهم للإمبراطورية العثمانية. ومن ضمن أولئك الرحالة الروائي جوستاف فلوبير، والعالم بعلم الإنسانيات إي دبليو لاين، والمستكشف ريتشارد برتون صاحب الترجمة الأصلية لكتاب ألف ليلة وليلة. وفي أواخر القرن التاسع عشر انتشرت فكرة السياحة الجماعية ووصلت إلى الكاتب مارك توين الذي كتب محاكاة ساخرة لمجموعة من السياح في كتاب عنوانه «رحلة الحجاج إلى الأرض المقدسة». كما أن شركة توماس كوك بدأت في تنظيم رحلات إلى مصر حيث بنيت فنادق ضخمة على نهر النيل لتستوعب السياح الساعين للاستمتاع بشمس الشتاء.
« في السوق» هي لوحة عن السياحة والفانتازيا، فالمرأة الأوروبية الأنيقة تتحسس بيدها التي ترتدي فيها قفازا مفرش الطاولة المعروض أمامها. وتشير إيماءة التاجر الذي يرتدي طربوشا على رأسه إلى جودة البضاعة المعروضة. هذا المشهد من المشاهد المألوفة للسياح حتى اليوم، وما هو إلا مشهد تصويري واقعي، إلا أنه في الحقيقة لم يكن إلا من صنع الفنان ستيفتر في مرسمه في هاج بولاية النمسا السفلى، مستخدما بعض الأدوات التي تدعم المشهد مثل الشيشة وطاولة القهوة التي تبدو وكأنها في متناول الأيدي. بالرغم من انتقاد الكاتب الراحل إدوارد سعيد لهذه الصور المزيفة عن الشرق الأدنى بأنها وصلت إلى شكل من أشكال العنصرية، إلا أن الأعمال الفنية ذات الطابع الشرقي ما زالت تلقى شعبية كبيرة في المزادات العلنية.
هذه اللوحة من أعمال القرن التاسع عشر وهي محفوظة في متحف بيركو للفنون في نوك لو زوت ببلجيكا
نقلاً عن كتاب: 1001Paintings You Must See Before You Die