تحذير من مخالطة الفرحة بمعاصي الله –
اجرى اللقاء- سيف بن ناصر الخروصي –
أكد كل من الدكتور سعيد الوائلي، وموسى العامري أن من فضل الله تعالى على عباده أن شرع لهم ما يفرحهم، ويدخل السرور إلى قلوبهم.
وقالا: إن الإسلام الحنيف شرع للمجتمعات البشرية ما يوافق فطرتها فجعل لها أعيادا تظهر فيها الفرحة والسرور.
وأوضحا أن العيد في الإسلام وضع إلهي لا يملك الناس حق التغيير والتبديل فيه.
وبينا أن فرح المسلمين ممتزج بالعبادة لا ينفك عنهم فهم محافظون على الآداب والفضائل التي دعاهم إليها إيمانهم.
وأشارا إلى أن الذكر بأنواعه أدب رباني يجعل للإنسان في فرحه الأمان والاطمئنان والسكينة والوقار ومن حِكَم مشروعية العيد الألفة والمودة للمسلمين.
– وقالا: إن اظهارالمسلم محبته لأخيه المسلم، في صفاء ومودة من الآداب المهمة في الحياة العامة، وتتجسد في الواقع يوم العيد.
وأوضحا أن من آداب يوم العيد الصفح والتسامح، وإنهاء كل ما يكون من قطيعة، والقضاء على مسببات الخصومة والجفاء ومن الآداب الإسلامية صلة الأرحام وحسن التواصل المأمور به.
وبينا أن التوسعة على الأهل والعيال والضيوف في الإنفاق من غير إسراف ولا تبذير من فضائل الأخلاق ومكارم الصفات.
وحذرا من مخالطة الفرحة بمعاصي الله وما لا يرضى عنه سبحانه.
وأكدا أن العيد شعيرة مباركة من شعائر الله وتعظيمها مدخل كبير نحو السمو بالنفس البشرية.
وقالا: ينبغي لكل إنسان أن يغرس هذا التعظيم في قلبه ليعم انسجامه على جوارحه وبذلك تستقيم جوارحه على منهج الله.
وأوضحا أن من أهم أعمال العيد أداﺀ سنة صلاة العيد المبارك في ذلكم اليوم السعيد وأن تهاون بعض الناس عن ادائها ناتج عن جهلهم بحكمها.
ومن سنن العيد الاستعداد لصلاة العيد بالاغتسال والتزين والتطيب والاستياك والتخلص من التفث كالشعر والأظافر والخروج بلباس جديد
ورسم البشر والابتسامة على المحيا وإكرام الأهل البيت وجعلهم يستقبلون العيد بكامل فرحتهم. ومن سنن العيد التكبير جهرا وتأخير الاكل في عيد الأضحى ودفع الزكوات المالية والخروج للمصلى ماشيا ويذهب من طريق ويعود من طريق آخر وأداء الصلاة مع المسلمين في مصلى خارجي وخروج الرجال والنساﺀ والصبيان والتكبير في مسيرة للعيد إلى أن يصل إلى المصلى.
وتبادل التهاني بين المسلمين والدعاﺀ لهم بقبول العمل وزيارة الأهل والأرحام وعدم قطعهم وإظهار العفو والمغفرة والمسامحة والإكثار من الصدقات ومبادرة الجيران بالطعام الذي تطبخه.
ما هي آداب العيد وسننه؟ ولماذا؟ وما هي مظاهره التي ينبغي للمسلم ان يظهر بها؟ وما حدود فرحة العيد؟ وماذا ينبغي ان يفعله المسلم في يوم العيد؟.. هذه الأسئلة اقرأ تفاصيل إجاباتها فيما يلي:
في البداية يقول الدكتور سعيد بن سليمان بن خلفان الوائلي: إن
من فضل الله تعالى على عباده أن شرع لهم ما يفرحهم، ويدخل السرور إلى قلوبهم، وينتشل من نفوسهم معاني الكآبة والتضجر، وقد جاء في الحديث عن أنس: أن الأنصار كان لهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قد أبدلكم الله عز وجل يومين خيرا منهما: الفطر والأضحى».. وعندما نتأمل في دلالة نص الحديث نلاحظ كيف ربط الرسول عليه الصلاة والسلام الناس بالله عز وجل فيما أبدلهم به من أيام جعل فيها الخير مما يرونه من لعب أهل الجاهلية.. فالفضل لله العلي الكريم.
في حقيقة الأمر، نلاحظ أن الإسلام الحنيف قد شرع للمجتمعات البشرية ما يوافق فطرتهم ولا يصطدم معها، فجعل لهم أعيادا يظهرون فيها فرحهم وسرورهم، وبشرهم وفضل الله عليهم، ولكنه مع ذلك ضبطها بإطارها، ونظمها في وضعها فلم يجعلها أيام عبث ولهو، ولا أوقات فجور وطغيان، وإنما جعلها أيام فرح وشكر وعبادة.
ومن هنا ينبغي أن لا يغيب عن بالناس أن الله تعالى لم يجعل في دينه أن من حق الناس أن يبتكروا لهم أعيادا يخلعون عليها صبغة دينية، كما لم يكن من حقهم أن يشرعوا عبادات شرعية من تلقاء أنفسهم.. فلا يجوز لهم أن يحددوا أياما لعبادة معينة، أو يؤدون فيها أعمالا بعينها، ويحيون لياليها وأيامها بعبارات يلتزمونها من تلقاء أنفسهم على أنها من وجوه القربى إلى الله.. وبذلك يتضح لنا أن العيد في الإسلام وضعا إلهيا، من قبل الله عز وجل، لا يملك الناس فيه حق التغيير والتبديل، وقد أتى على إثر إكمال العبادة لله كما هو الحال في عيد الفطر، (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). أو ملتبسا بأداء عبادة في ميقات الحج كما هو الحال في عيد الأضحى.
ومع أن حال المسلمين أنهم في فرحة عيدهم يتقلبون، إلا أنهم محافظون على مبادئ الدين وروح العبادة وأصل التقوى.. ففرحهم ممتزج بالعبادة لا ينفك عنها، وسرورهم في عبادة الله عنها لا يحيدون ولا يتخلفون، فحالهم أنهم محافظون على الآداب والفضائل التي دعاهم إليها إيمانهم.
وقد كان من أبرزها:
– ذكر الله تعالى بالتكبير والتهليل والتسبيح، والجهر بذلك: والذكر بأنواعه أدب رباني يجعل للإنسان في فرحه الأمان والاطمئنان والسكينة والوقار، ويضفي في شخصية العبد نوعا من الأنوار.
– ثم السعي لصلاة العيد: وفيها يذكر الإنسان ربه، ويستمع للذكر والموعظة، ويتضرع إلى الله بالدعاء.. فتمتزج فرحة العيد بمعاني العبادة والخضوع للرب المعبود.. ويؤدي الإنسان هذه الصلاة مع الناس في اجتماع.. يؤدون الصلاة جميعا فإنّ هذه القلوب تتصافى بهذا اللقاء الطيِّب.. مع هذه الفرحة الغامرة التي تعم الجميع من صغير وكبير وغني وفقير وقريب وبعيد، فينعَم الكل بما ينعمون به من البهجة والسرور فيتواصلون في رباط يشد كل واحد من المسلمين إلى الآخر، فهذه من حِكَم مشروعية العيد.
– الألفة والمودة للمسلمين: ففي العيد خاصة تتحقق صورة الألفة والائتلاف، ويؤمر أن يكون المسلم مراعيا لهذا الرباط الأخوي بينه وبين إخوانه المسلمين، (فالمسلم أخو المسلم)، و(مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد).. وفرحة العيد لا تنافي أن يظهر المسلم محبته لأخيه المسلم، في صفاء ومودة. وهذه من الآداب المهمة في الحياة العامة، وتتجسد في الواقع يوم العيد.
– التسامح والمسامحة وإنهاء القطيعة والخصومة والجفاء بين المسلمين: إنّ القلوب من طبعها أن تتأثر بالمؤثرات المختلفة من خلال احتكاك الناس بعضهم ببعض، ولربما كانت هذه الآثار تترك في النفس بعض الأوغار والأحقاد والخصومات، فمن آداب يوم العيد الصفح والتسامح، وإنهاء كل ما يكون من قطيعة، والقضاء على مسببات الخصومة والجفاء. فالمسلم سمح مسامح متسامح، ومما يساعد على ذلك: حسن اللقاء والمصافحة وإفشاء السلام، وهي مظاهر بارزة بصورة جلية في يوم العيد.
– إظهار البشاشة والفرحة والاستبشار بالعيد: فيلاقي الواحد منا إخوانه بالبشاشة والسرور والاستبشار، فلئن كان النبي عليه السلام بين لنا أن تبسم المسلم في وجه أخيه صدقة، فكيف بما هو فوق ذلك، وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يلقى أصحابه بمعاني البشاشة والاستبشار، لاسيما في مواسم الفرح والسرور.
– وصلة الأرحام والتواصل الذي أمر الله به: ومن الآداب الإسلامية بصفة عامة وآداب الأعياد بصفة خاصة صلة الأرحام وحسن التواصل المأمور به، وكل مسلم يدرك أهمية صلة الرحم في الدين الذي ارتضاه الله، وفي العيد يتأكد الأمر بالوصال، كأدب فاضل.
– التوسعة على الأهل والعيال والضيوف في الإنفاق من غير إسراف ولا تبذير: وهذا من فضائل الأخلاق ومكارم الصفات، بحيث يرى أثر نعمة الله عليه، من غير تقتير ولا تبذير.. فيدخل السرور إلى أهله وعياله ببذله وعطائه، ويكرم ضيفه من منطلق إيمانه بالله واليوم الآخر، ولئن كان هذا حسن في كل حين، فهو في أيام العيد أفضل وأحسن.
– والحذر من مخالطة الفرحة بمعاصي الله وما لا يرضى عنه سبحانه: ليحذر كل مسلم من هذا الأمر الشائن الذي يذهب بروعة العيد وروحه، ويضيع على المسلم، صفاء دينه في فرحة عيده.. فكيف بإنسان يظهر بحسن مظهر في يوم عيده من لباس وهيئة، ثم يدنس شكله بالمخالفات الشرعية ويسيء إلى حاله بارتكاب المعاصي والمحرمات؟!
شعيرة مباركة وتعظيمها مدخل كبير
اما موسى بن قسور العامري فيقول: العيد شعيرة مباركة من شعائر الله وتعظيمها مدخل كبير نحو السمو بالنفس البشرية وتطبيقها بكل يقين يعطي صاحبها الإحساس بالطاعة لله والحب الكبير للعبادة والافتخار بهذا الفرح الكبير .
مما يجعل الإنسان يتعرف بها على الخالق العظيم كما هو حال الشعائر الأخرى وقد دعانا الله إلى تعظيم شعائره سبحانه…فقال تعالى.. (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)…
فمن هذا المنطلق ينبغي على كل إنسان أن يغرس هذا التعظيم في قلبه ليعم انسجامه على جوارحه وبذلك تستقيم جوارحه على منهج الله… وهناك من الآداب والسنن التي ينبغي للإنسان أن يتحلى بها في العيد وأن يسابق إلى العمل بها دون تكاسل أو مماراة او تأخير فإنها الخير الذي يسوق الإنسان نحو الأمتثال والطاعة…
ومن أهم أعمال العيد هو أداﺀ سنة صلاة العيد المبارك بعد في ذلكم اليوم السعيد وقد رأينا بعض الناس يتهاون عن صلاة العيد لجهلهم بحكمها.فسنة العيد من السنن المؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتركها عليه الصلاة والسلام والخير كل الخيرفي اتباع سنة الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن سنن العيد التي ينبغي لكل مسلم أن لا يفرط فيها ولا يستهين بفعلها كثيرة نوجزها باختصار:
أولا: الاستعداد لصلاة العيد بالاغتسال والتزين والتطيب والاستياك والتخلص من التفث كالشعر والأظافر ويخرج بلباسه الجديد.
وان يكون طيب النفس سعيدا منشرحا.
وهذا من شأنه يزيد حبه لله وللمؤمنين ويكون رحيما بالخلق جميعا و أن يرسم البشر والأبتسامة على محياه ويكرم أهل بيته لانه القدوة بجعلهم يستقبلون العيد بكامل فرحتهم… ويحتسبون بذلك الأجر والثواب من عند الله الكريم العظيم.
وثانيا: التكبير جهرا دون خجل لأنها من رفع وتعظيم لشعائر الله التي ذكرناها مما يحسس صاحبها بقربه من الله واتباع سنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
وثالثا: تأخير الأكل في عيد الأضحى إلى ما بعد الصلاة عكس عيد الفطر وهذا ملحض كبير يجعل كل إنسان مؤمن يشعر بالمسارعة نحو المصلى يترك كل شيء ويخرج مكبرا مهللا سعيدا صادحا بالفرحة العظيمة.
ورابعا: دفع الزكوات المالية والمادية وهي من مظاهر فرحة العيد المتميزة.الذي يشعر الإنسان صاحبه بالقرب من الفقير ويتلاحم المجتمع كأنه صفا واحدا ببنيانه القوي المتماسك..
خامسا: الخروج للمصلى ماشيا ويذهب من طريق ويعود من طريق آخر.فإذا علمت بعض حكم ذلك فقد لا تعرف الحكم الأخرى التي ستعود على المسلم بالخير العميم.
وسادسا: يؤدي الصلاة مع المسلمين في مصلى خارجي في نفس المكان الجامع للبلد الذي تجتمع فيه.
ويخرج الرجال والنساﺀ والصبيان الكل يشارك في العيد …بكل حشمة ووقار واعتبار وتذكر لكرم الكريم.
وسابعا: التكبير في مسيرة للعيد إلى أن يصل إلى المصلى.
وثامنا: تبادل التهاني بين المسلمين والدعاﺀ لهم بقبول العمل.
وتاسعا: زيارة الأهل والأرحام وعدم قطعهم وإظهار العفو والمغفرة والمسامحة.لأنه عام جديد ويوم سعيد لا مجال للأحزان ولا مجال للقطيعة فيه.
وعاشرا: الإكثار من الصدقات ومبادرة الجيران بالطعام الذي تطبخه
ويظهر نعمة الله عليه… قال تعالى(وأما بنعمة ربك فحدث).
والحادي عشر: يدخل المصلى مكبرا مسبحا متواضعا لله…ولا يشرع له الصلاة بل الجلوس بانتظار الصلاة.
.والثاني عشر: إذا استطاع العبد أن لا يصافح إلا بعد الصلاة فذلك الصواب وهذا فيه خير عظيم لكي لا يشغل المسبحين المكبرين بمصافحته.
والثالث عشر: لا يغتاب أحد في كل وقت وخاصة قبيل انتظار الصلاة لكي لا ينتقض وضوﺀه بسبب الغيبة…لحديث الحبيب المصطفي عندما قال (الغيبة تنقض الوضوﺀ وتفطر الصائم) صدق رسول الله… بل عليه أن يشتغل بالذكر والتكبير والتهليل والتسبيح.
ختاما ليعلم كل إنسان أن ما يفعله لنفسه وأنه هو المستفيد الأول من تطبيقه للعيد بجميع سننه وآدابه وفضائله.
قال تعالى (كل نفس بما كسبت رهينة) وقال تعالي (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه) فهيا نطبق العيد بيومنا السعيد.