(وكالات): أفصح مسؤول بارز بالبنك الدولي مؤخراً عن مذكرة تحذير من اقتصاد عالمي “محبط” في عام 2014، مشيراً إلى المخاطر الشاقة مثل أسعار السلع وفيروس الايبولا والاستقرار السياسي.وقالت سري مولياني اندراواتي، المديرة الإدارية بالبنك الدولي، أثناء زيارتها للصين إن “الصورة قد تغيرت، وقد يصبح عام 2014 عاما محبطا للاقتصاد العالمي”. وفي هذا الصدد، وبحسب البنك الدولي، فقد انزلق نمو الاقتصاد العالمي ويتوقع أن يصل إلى 2.6 في المائة هذا العام، بزيادة طفيفة عن 2.4 في المائة المسجلة في عام 2013.
وقالت اندراواتي: “لا يجب أن نندهش إذا واجهنا انخفاضاً جديداً عن توقعاتنا، خاصة في عام 2015”. وقالت: إن الدول المصدرة للسلع ستشعر بضغط ناتج عن “ هبوط الأسعار لسلع كثيرة منذ هذا الصيف”، على الرغم من أنه ساعد على تخفيف التوازن من ضغوط الدفع للدول المستوردة للأطعمة والطاقة.
وانخفض مؤشر سعر الطاقة في البنك الدولي بنسبة 6 في المائة أثناء الربع الثالث بعد استقراره في النصف الأول هذا العام.
ولاحظت اندراواتي الخطر الثاني وهو فيروس الايبولا الذي يعد “صدمة خارجية تنفجر حاليا في أفريقيا الغربية”. وفي حال استمرار الفيروس في الزيادة في الدول الثلاث الأسوأ تأثراً وانتشر إلى الدول المجاورة، سيبلغ التأثير المالي الإقليمي 32.6 مليار دولار أمريكي حتى نهاية عام 2015.
وإذا حدث هذا، فهناك ضربة كارثية محتملة قد تلحق بهذه الدول، وفقا لتحليل من البنك الدولي.
وأضافت: إن العدوى ليست في الجانب الطبي، بل في الشعور النفسي الذي سيوجد آثاراً سلبيةً ضخمةً على الدول متدنية الدخول وسريعة النمو في أفريقيا، والتي أصبح نموها أكثر أهمية بالنسبة للاقتصاد العالمي.
كما يتوقع أن يلحق عدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط والأزمة الأوكرانية آثاراً عميقةً على التداولات المالية والنشاطات الاقتصادية ومستقبل النمو في المناطق المعنية.
وقالت اندراواتي: إنه “باختصار، نشهد انتعاشاً هشاً على نحو متزايد للاقتصاد العالمي مع وجود مخاطر رئيسية”. ودعت صناع القرار السياسي في مجموعات الدخل العالي والاقتصادات الناشئة إلى أن “يرسلوا إشارة الثقة عن طريق اتخاذ خطوات سياسية ضرورية وتعزيز الإصلاحات لتحسين المنشآت الأساسية”. وعلاوة على هشاشة الانتعاش الاقتصادي في العالم، أكدت اندراواتي على النمو الاقتصادي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ قائلة: إن “مناطق آسيا الوسطى والشرقية والمحيط الهادئ لا تزال من المناطق ذات النمو الاقتصادي الأسرع في العالم.”
وكشفت اندراواتي أنه من المتوقع أن تساهم الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية في منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والباسيفيك (ابيك) بثلث النمو الاقتصادي العالمي.
كما رأت أن الاقتصاد الصيني يشهد “وضعا عاديا جديدا” في الوقت الراهن، حيث تحول أسلوب النمو الاقتصادي في الصين من الاعتماد على الاستثمار إلى أسلوب جديد اعتمد على رفع قدرة الاستهلاك وقدرة الإنتاج.
وفيما يتعلق بانخفاض إجمالي الناتج المحلي في الصين إلى 7.3 في المائة في الربع الثالث من هذا العام، أشارت اندراواتي إلى أنه “لم يمثل تغير اتجاه النمو الاقتصادي في الصين”، بل أكدت أن الاقتصاد الوطني قد يتباطأ في فترة قصيرة أثناء عملية تحويل أسلوب التنمية الاقتصادية.
وعلى الرغم من أن البنك الدولي خفض توقعاته للنمو الاقتصادي الصيني في هذا العام من النسبة 7.6 في المائة إلى 7.4 في المائة، اعتقدت اندراواتي أن الصين ستشهد نموا اقتصاديا أكثر صحة واستمرارية بطريقة جديدة، كما أشارت إلى أن الصين تحتاج إلى إصلاحات أعمق في موارد الأرض ورؤوس الأموال والموارد البشرية، من أجل حفز الاستهلاك المحلي لكي يصبح قوة محركة للاقتصاد الوطني.
بينما يجتمع زعماء آسيا-الباسيفيك هنا في الأيام المقبلة في قمة سنوية تحت إطار التعاون الاقتصادي لهذه المنطقة، تتصاعد الآمال بأن يضخ هؤلاء حيوية جديدة في التكامل الاقتصادي الإقليمي.
من جانب آخر تتجه كل الأنظار بصفة خاصة إلى منطقة التجارة الحرة لآسيا-الباسيفيك، وهي رؤية شاملة لتحرير التجارة، يتوقع أن يرسم الأعضاء الـ21 لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا-الباسفيك (آبيك) لها خارطة الطريق.
لا يمكن إنكار إن صياغة منطقة للتجارة الحرة لمنطقة واسعة ومتنوعة مثل آسيا والباسيفيك هو عمل مرهق ومستهلك للوقت للغاية، ومع ذلك الاتجاه الحالي للتشرذم وعدم التناسق حول النظام التجاري للمنطقة إلى طبق “سباجيتي”.وقد شهد العقد الأخير تكاثر اتفاقيات التجارة الحرة متوسطة وصغيرة الحجم في منقطة آسيا -الباسيفيك. ومن الشراكة عبر المحيط الهادئ إلى الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، يتضح حرص اقتصادات آسيا -الباسفيك حقا على الانفتاح على بعضها البعض من أجل المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة.لكن نظراً لعدم وجود تقاسم للمعلومات والشفافية، فقد تولدت مثل هذه الآليات المتعددة والمتفاوتة والمتداخلة للتجارة الحرة في نهاية المطاف عدداً لا يحصى من القواعد المعقدة وحتى المتناقضة التي تحكم التجارة الإقليمية، وبالتالي خلق حواجز أكبر أمام التجار والمستثمرين.ولذلك، فقد حان الوقت لإعطاء اهتمام جدي لفكرة إقامة منطقة تجارة حرة لآسيا-الباسيفيك، وهي فكرة موجودة منذ عقد تقريباً. ويهدف هذا الترتيب الشامل ليكون مفتوحاً وشاملاً ومرناً، من أجل استيعاب كافة الاقتصادات في المنطقة وجسر الاتفاقيات التجارية القائمة أو في طور التكوين.
وتشير الدراسات إلى أن إقامة اتفاقية تجارة حرة لآسيا -الباسيفيك عالية الجودة يمكن أن يزيد من حجم الاقتصادي العالمي بنسبة هائلة بما يصل إلى 2.4 تريليون دولار أمريكي بحلول 2015.
وفي وقت تكون هذه الفكرة الكبيرة أقرب إلى الواقع، فمن الطبيعي أن يتم التخلي عن التشكيك والضجيج، إذ هرعت بعض وسائل الإعلام الغربية إلى الحديث بصخب عن “ تنافس صيني-أمريكي” على قيادة حملة تحرير التجارة المتصاعدة في المنطقة.
ومزاعم من هذا النوع لا تستند إلى أي أساس وتنم عن هوس هؤلاء بالمواجهة وغياب الإحساس.
فمنطقة تجارة حرة لآسيا -الباسيفيك ليست بأي حال من الأحوال” عزفا منفردا “ للصين، وإنما هي طموح مشترك لجميع أعضاء آبيك سوف يجلب لهم ثروة من المنافع.
بالإضافة إلى ذلك، لا تهدف منطقة التجارة الحرة لآسيا -الباسيفيك إلى إجبار ترتيبات تجارة حرة أخرى على المنطقة، وإنما تهدف إلى دمجها وصناعة حركة إقليمية أكثر كفاءة للسلع والخدمات.
ومع اقتصاد عالمي حددته العولمة واقتصادات آسيوية-باسيفيكية عرضه لتزايد الاعتماد المتبادل، فإن الوقت قد حان للتعامل مع هذه المنطقة الحيوية تجاريا ككل.