تترقب الأوساط الدولية اللقاء الذي ينعقد في مسقط اليوم بين الطرفين الأمريكي والإيراني والاتحاد الأوروبي، في إطار الوصول إلى تسوية نهائية وشاملة بخصوص الملف النووي الإيراني، بما يحقق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة، وهو الاجتماع الذي يمهد للموعد النهائي في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، للوصول إلى حل من جانب الدول الكبرى الست وإيران.
إن أهمية هذا اللقاء التاريخي تكمن في كونه يؤكد على دور مسقط الدائم في عمليات التوازن الإقليمي والدولي، وسياسة صاحب الجلالة السلطان المعظم القائمة على بذل السبل للوصول إلى عالم تسوده الطمأنينة والمحبة، بين الجميع، يقوم على العلاقات الإنسانية والمصالح المشتركة بما يخدم مصالح كل الأطراف بتعاون بناء وبالاستفادة من مقدرات كل طرف وتدعيم الجوانب الاقتصادية بشكل خصوصي في عالم باتت سمته الانفتاح والبحث عن تأكيد الذات من خلال إدراك الآخر والتعايش معه.
كذلك فإن الرعاية السامية والإدارة المباشرة لجلالته – أبقاه الله – لهذا اللقاء تدل على يقين تام من لدى القيادة السياسية بأن الدور العماني بات بارزا ومقدرا من كافة الأطراف، وأن كلمة السلطنة أصبحت تجد الأذن الصاغية وقد أثبتت التجارب ذلك، كما أن الثمرات كانت تأتي الواحدة تلو الأخرى حتى لو أنها لم تكن معلنة على الملأ، فالجهود العمانية ظلت ومنذ سنوات تقوم بعمل إيجابي مستمر وبنّاء لأجل الاستقرار في الإقليم وتوجيه السلم الدولي نحو المستقبل الأفضل، ورأينا كيف أن السلطنة وبتوجيهات القيادة نجحت في تحقيق نتائج سابقة عملت على تقريب المسافات بين الأطراف، ما مهد لإمكانية الوصول إلى حل نهائي يكفل الأمان ويحقق لكل طرف المصالح الذاتية في ظل المصلحة الكلية.
إن استضافة عُمان لهذا الحدث الكبير لهو تأكيد لعدة أمور أبرزها الدور الجيوسياسي والتاريخي للسلطنة منذ القدم وكيف أنها باتت علامة بارزة في مسار السلم الدولي، كذلك يدل ذلك على أن سياسة البلاد الخارجية نجحت في أن تجد لها صوتا منفردا يؤكد على الحياد والتوازن وتقريب الهوة بين الشعوب بما يضمن الحياة الأفضل للجميع والتكامل المستقبلي، ولعل ذلك نتاج عقود من العمل الدؤوب والسياسة الحكيمة التي انتهجها جلالة السلطان المفدى وهو ينسج لعمان فجرا جديدا على الصعيدين المحلي والخارجي، تتجلى ثمراته في مثل هذه اللقاءات التي ينظر إليها العالم أجمع بإكبار واهتمام كبيرين، ويترقب ما يتمخض عنها من نتائج، فاليوم مسقط هي محطة مهمة في كافة وسائل الإعلام وشاشات التلفزة ومواقع الإنترنت وهو أمر يشعر بالفخر ويجعلنا نسعد بمدى الموقع الذي بات يحتله بلدنا في خارطة صياغة القرار السياسي الدولي.
وإذا كان ثمة قول يجب أن نؤكده في هذه المساحة فإن الأمل المنشود هو توصل الأطراف إلى مسودة اتفاق نهائي يتم التوقيع عليه قبل نهاية الشهر، ليكون لقاء مسقط، أو اجتماع مسقط حدثا تاريخيا يسجل في كتاب الأمم الحديثة، بأنها صانعة السلم الدولي ومن رتب للاستقرار والأمان والسلام في المنطقة والعالم بشكل عام. وإننا واثقون بأن اختراقا كبيرا سوف يتم اليوم بفضل مكانة عمان الدولية ودورها المتوازن والاحترام الذي تجده من كل الأطراف المعنية، لتعود النتائج المثمرة بالخير على كل الشعوب.