د. الراشدية: عرضنا الموضوع على 3 وكلاء بوزارة الصحة فدعمونا معنويا! -
حوار: دينا محفوظ -
أمام تزايد الإصابات والوفيات الناتجة عن حوادث السير والتي بلغت خلال عام 2012م حسب تقديرات الإدارة العامة للمرور بشرطة عمان السلطانية ما يقارب 11618 مصابا و1139 وفاة. تقف كل المبادرات المجتمعية موقف المترقب للخطط الجادة التي تحاول أن تساهم في التقليل من الآثار الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي يتحملها الفرد وأسرته والجزء الأكبر تتحمله الدولة خاصة عندما تخسر عددا ليس بالقليل من الفئات الشابة المنتجة سواء بالوفاة أو بإضافتها كرقم في سجل ذوي الإعاقة التي تحتاج بدورها إلى نوع آخر من الخدمات المكلفة طويلة المدى.
وفي هذا السياق جاءت فكرة مشروع في بيتنا مسعف كمحاولة تطوعية تشق طريقها ناحية التخفيف من حدة الإصابات الناتجة عن النقل الخاطئ للمصابين في الحوادث، ولكن إلى الآن وبالرغم من مرور ما يقارب السنتين ما زال المشروع يمشي في حدود ثلاث ولايات فقط ولم يصل إلى مسقط بعد. ترى لماذا توضع العراقيل أمام مشروع إنساني بهذا الحجم؟ لماذا لا تفتح له المؤسسات المختصة الأبواب ليكون مساندا لها في التقليل من الإصابات والوفيات الناتجة عن حوادث السير؟ لماذا إلى الآن لا يزال المواطن ينظر إلى مساهمته الرمزية في المشروعات التطوعية بأنها ثقيلة وغير مجدية؟
الدكتورة نوال الراشدية تقربنا أكثر من تجربة المسعف المجتمعي من خلال هذا الحوار:
أن تجعل من أفراد المجتمع مسعفين وبشهادات معتمدة مسألة ليست سهلة، ما دوافع طرح مثل هذا المشروع الآن؟
بدأت الفكرة مع تزايد أعداد الإصابات والوفيات التي نستقبلها في مركز صحي ولاية بدبد والناتجة عن حوادث السير وذلك بفعل الموقع الجغرافي للمركز كونه اقرب مركز صحي للطريق السريع الذي يمر على ولاية بدبد بمحافظة الداخلية، وما كان يزيد من حدة الإصابات النقل الخاطئ للمصابين من قبل الأهالي سكان المنطقة مما يسبب كسورا بليغة أو حتى وفيات، والناس اغلبها لا تعرف الطرق الصحيحة في نقل المصابين وفي الفترة الأخيرة استقبل المركز حوادث بها إصابات بليغة ووفيات ونحن مركز صحي وبإمكانيات محدودة غير مهيأ لاستقبال هذا العدد من الإصابات الخطيرة والكادر صغير ثلاثة أطباء والتمريض خمس ممرضات والعامل الآخر أيضا هو بعد المسافة بين المركز الصحي وأقرب مستشفى وهو مستشفى سمائل ومستشفى جامعة السلطان قابوس فالطريق إليها يأخذ ما بين 15 و20 دقيقة، ومن هنا جاءت فكرة المشروع فبدل أن نزيد من معدل الإصابات لماذا لا نعمل على تقليلها أو الحد من مضاعفاتها بتعريف الناس بأساسيات الإسعافات الأولية.
لماذا تم التركيز على أهالي ولاية بدبد في البداية؟
بحكم ظروف المنطقة وتدخل الأهالي في نقل المصابين إلى المركز الصحي لذلك جاءت المبادرة لتثقيف وتدريب المجتمع على كيفية التصرف في حالة حدوث اصابة سواء كانت هذه الإصابة منزلية، بالشارع، في العمل أو المدرسة، فالمشروع يحتوي على ثلاثة محاور أساسية، الأول يعتمد على الإسعافات الأولية والثاني الإنعاش القلبي الرئوي والثالث استخدام جهاز الصدمات الكهربائية.
ما هي الرؤية التي يسعى المشروع إلى تحقيقها؟
أن يكون كل فرد من أفراد المجتمع رجل إسعاف أولي، والتقليل من حالات الوفاة والحد من الإعاقات ومنع تداعيات الحالة، وإدراك وتعلم ثقافة الإسعاف الأولى ومهارات الإنعاش القلبي، وأيضا تدريب وتمكين المواطنين في كافة القطاعات على سرعة تقديم المساعدات والإسعاف الأولى للمرضى والمصابين وضحايا الحوادث، إلى جانب رفع الوعي الصحي في أوساط العمال والموظفين وتوعيتهم بمبادئ الإسعافات الأولية وكيفية التعامل مع الحالات الطارئة.
- ما البرامج التي يتم التركيز عليها في المجالات الثلاثة التي ذكرتيها؟
في مجال الإسعافات الأولية يتم تدريب الأشخاص على التعامل مع حالات الاختناق والنوبة القلبية والنزيف الخارجي ونزيف الأنف والحروق والإصابات والعضات واللسعات، أما في مجال الإنعاش القلبي الرئوي فعند إجراء الإنعاش فالشخص يقوم بمجموعة من الضغط تبلغ كل منها 30 ضغطة ونفسين اصطناعيين مع محاولة عدم مقاطعة الضغط على الصدر لما يزيد عن بضع ثوان. أما المجال الثالث فيتميز مزيل الرجفان الخارجي الآلي بالدقة وسهولة الاستخدام، فبعد تدريب بسيط جدا يستطيع معظم الأشخاص تشغيل مزيل الرجفان الخارجي الآلي وهذا الإجراء من شأنه أن يزيد من فرصة نجاة المصاب بتوقف القلب المفاجئ وقد تعاقدنا مع معهد المؤتمرات الطبية في الحيل الجنوبية وهو مركز خاص ومعتمد للتدريب على الإسعافات الأولية، ويحصل المتدرب على شهادة دولية كمستجيب أولى لمدة سنتين قابلة للتجديد.
كيف يتم اختيار المتدربين؟ وهل هناك شروط معينة للمشاركة في الدورات؟
ليست هناك شروط محددة فالأمر مفتوح للكل والتدريب يتم على شكل مجموعات ففي الدورة الواحدة 12 مشاركا بين ذكور وإناث نقوم بإرسالهم إلى مسقط بالمعهد لمدة يوم كامل من الصباح إلى العصر وأحيانا تكون يومين يتم تدريبهم على كل البرامج لكل الفئات الأطفال والكبار والرضع ومن بعدها يدخل المتدرب في امتحان ومن الضروري أن يتجاوزه حتى يحصل على الشهادة، وتبلغ تكلفة المتدرب الواحد 50 ريالا لذلك واجهنا صعوبة في زيادة عدد المتدربين.
ما هي مصادر تمويل المشروع؟
التمويل كان يأتي عن طريق جمع التبرعات وساعدنا في ذلك والي الولاية الذي يوقع على الرسائل الموجهة إلى الشركات لطلب الدعم فكل رسالة كانت تحمل توقيع وختم الوالي وكان أول تبرع يحصل عليه المشروع من شركة تنمية نفط عمان بولاية بدبد وبهذا المبلغ بدأنا تدريب المواطنين من الولاية وقد تم تدريب أكثر من 500 شخص وحصولهم على الشهادة الدولية في الإسعافات الأولية.
لماذا لم يطرح هذا المشروع على وزارة الصحة كحل لموضوع الدعم المادي والفني؟
لقد تم عرض الموضوع على ثلاثة وكلاء في وزارة الصحة وكان ردهم علينا أن هذا عمل تطوعي يفترض أننا ندعمكم معنويا فامضوا في مشروعكم، بالرغم من أنني شرحت لهم موقع المركز واستقباله لحالات وإصابات خطرة من جراء الحوادث وأهمية توفير إسعافات أولية طبية كافية في ذلك المكان وقد طالبت بأشياء كثيرة بحيث يكون المركز مهيأ لاستيعاب المصابين والمضاعفات الأخرى وبعد هذا الشرح تم توفير سيارة إسعاف فقط ولكن بعد اربع سنوات من المطالبات من 2009م إلى 2012م فخلال السنوات الأربع كان نقل المصابين إلى المركز يتم بواسطة الأهالي الأمر الذي يترتب عليه مضاعفات خطيرة أثناء النقل كان يمكن تفاديها لو كان عند هؤلاء خبرة في الإسعافات الأولية.
كيف ستتم الاستفادة من المجموعات التي تم تدريبها في ولاية بدبد؟
ليس هدفنا من التدريب أن يقوموا بمساعدتنا في تقديم الإسعافات الأولية بالمركز الصحي لأن الطاقم الطبي موجود في المركز وكان الأساس هو اكتساب المعرفة العامة بالإسعافات الأولية ومساعدة المواطن إذا تعرض لحادث أو شاهد حادث ما وليس بالضرورة حادث سير، وكانت هناك محاولات منا للاستفادة من هؤلاء من خلال التعاون مع شرطة عمان السلطانية فقد طلبنا منهم احتضان تلك المجموعة المتدربة ليكونوا مساعدين لشرطة الإسعاف الموجودين في الشوارع.
ما الخطوات الجديدة التي ينتهجها المشروع للتوسع خارج ولاية بدبد؟
طلبت منا شركة تنمية نفط عمان أن يقدم المشروع في ولاية أدم وكنا قد توقفنا عن التدريب في ولاية بدبد بسبب عدم توفر الدعم المادي الأمر الذي دفعنا للبحث عن فكرة أخرى من اجل الاستمرار وذلك من خلال تدريب الممرضين كمدربين ومن ثم يقومون هم بعملية تدريب المواطنين لذلك قمنا بالتنسيق مع الخدمات الصحية في ولاية أدم ورشحوا لنا اثنين من الممرضين وكان أول شرط أن يكونوا متطوعين.
بالرغم من خبرتهم السابقة التي اكتسبوها في مجال الإسعافات الأولية إلا أننا نقوم بتدريبهم مرة أخرى للحصول على شهادة المسعف المعتمد فالشهادة مهمة بالنسبة لنا فهي تخدم جوانب أخرى، فكانت هذه طريقة افضل نوعا ما من ناحية بعد المسافة بين مسقط وأدم وكذلك لضمان استمرارية المشروع في الولاية بوجود مدربين من الولاية نفسها لذا قمنا بتدريب ممرض وممرضة في مسقط لمدة أسبوع كمدربين في معهد الهدف بالعذيبة.
- كيف تتابعون نمو المشروع وتطوره؟
استطعنا تكوين مجموعة تطوعية من شباب الولاية تبنت متابعة المشروع ونشره في الولاية وهم جزء من فريق في بيتنا مسعف خاص بولاية ادم وذلك بالتواصل معنا في بدبد، ونحن بصدد إشهار جمعية المسعفين العمانيين وهي عبارة عن مجموعة من الشباب المتطوعين الذين حصلوا على الدورات وارتأوا إلى توسيع رقعة المشروع ليشمل كافة محافظات وولايات السلطنة.