لماذا اختفى الفيلم الغنائي من السينما العربية؟

انتشار فضائيات الفيديو كليب.. والتكلفة الإنتاجية أهم الأسباب -

القاهرة – محمد السنديوني -

لماذا اختفى الفيلم الغنائي من الساحة السينمائية؟ سؤال يتردد دوماً لعشاق السينما الجميلة خاصة الجيل الذي تربى على أفلام عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش ومحمد عبدالوهاب وصباح وشادية وغيرهم من عمالقة الغناء العربي.

يرجع ظهور الأفلام الغنائية مع نهاية الثلاثينات وبداية الأربعينات إلى كثرة المطربين والمطربات في هذه الفترة حيث أصبحت الأفلام الغنائية هي التي تدر الأرباح وتجذب الجمهور المصري والعربي.

وشهدت مرحلتا الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي عدة محاولات لإعادة الفيلم الغنائي إلى الواجهة من جديد، أشهرها «سمع هس» ثم فيلم «رشة جريئة» وتعددت المحاولات من حين إلى آخر الى أن أصبحت تجربة تقديم الأعمال الفنية الاستعراضية مرفوضة سواء من الجمهور أو المنتجين والمؤلفين.

لكن السؤال الذي بات يتردد في الساحة الغنائية هل المنتجون بالفعل يخشون من إنتاج أفلام غنائية استعراضية.

المنتج محمد السبكي الذي قدم في العديد من أفلامه عددا من نجوم الغناء مثل حمادة هلال وتامر حسني يشير إلى أنه كمنتج يحاول أن يقدم في مجموعة الأفلام التي قوم بإنتاجها توليفات متعددة لجذب الجمهور خاصة مع نجوم هم بالفعل يمتلكون موهبة التمثيل والغناء معاً مثل تامر حسني وحمادة هلال ويؤكد السبكي أن الأفلام الغنائية بالفعل تشهد أزمة في السوق السينمائي المصري ويرجع ذلك لأكثر من سبب كما يرى السبكي منها انتشار القنوات الفضائية الغنائية التي جعلت المشاهد يتشبع بالمطرب ليل نهار بالمقارنة بالعصر القديم في جيل العمالقة الذين نشأ على أيديهم الفيلم الغنائي الذي لم يكن متواجد في عصرهم كل هذا الكم من الفضائيات أضف إلى ذلك عدم وجود نصوص جيدة تستطيع أن تغري المنتج على إنتاج أفلام غنائية لأكثر من مطرب في فيلم واحد أو في أفلام متعددة.

المنتج محمد حسن رمزي يشير إلى أن الأفلام الغنائية الاستعراضية في مصر والعالم كله بها أزمة والدليل على ذلك أن السينما الأمريكية في عصرنا الحالي لم تقدم أفلاما غنائية أو استعراضية إلا قليلا جدا وذلك يرجع للتكلفة الإنتاجية الضخمة التي تحتاجها مثل هذه الأفلام الغنائية أضف إلى ذلك اختفاء فن الاستعراض حاليا في مجال الفن المصري فلم تظهر حتى الآن فنانة استعراضية مثل نعيمة عاكف التي قدمت أفلاما استعراضية بمفردها أو مع عدد من نجوم الطرب مثل محمد فوزي وسعاد حسني أضف إلى ذلك إلى أن ثقافة السينما حاليا لدى الجمهور باتت مختلفة عن الماضي والمزاج العام للشارع المصري والعربي لا يتفق مع طبيعة الفيلم الغنائي الاستعراضي أضف إلى ذلك إلى أن شكل السينما حاليا على مستوى مصر والعالم كله مختلف فظهور فيلم استعراضي بالمعنى المتعارف عليه صعب جدا إلا إذا اختلفت وتغيرت الظروف الحالية التي يعيشها العالم كله وليست مصر فقط.

الناقد عصام زكريا يؤكد على أن أزمة الفيلم الغنائي المصري ترجع إلى ثقافة الجيل الحالي السينمائية الذي نشأ وتربى على ثقافة أفلام ذي طبيعة مختلفة عن الجيل الذي نشأ وتربى على أفلام عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش، ويشير عصام زكريا إلى أن المنتجين حالياً مختلفون عن منتجي الفن الجميل فالمنتج حالياً يريد أن يصنع فيلما في أسابيع قليلة ويحصد ملايينه بسرعة البرق، وهذه السرعة لا تتوفر أبداً للفيلم الغنائي الذي يستغرق وقتاً طويلا في الإعداد لبروفات الأغاني والفرقة الاستعراضية إذا كان الفيلم سيحتوي على استعراض ويعد الفيلم الاستعراضي حاليا توازي تكلفته الأفلام التاريخية التي عزف عنها المنتجون تماماً حاليا.

الناقدة ماجدة موريس تشير إلى أن أزمة الفيلم الغنائي تكمن في عدة أسباب أهمها اختفاء فن الاستعراض حاليا وانقراضه وحصرها في الفرق التقليدية فقط لعدد محدود من المغنيين وأزمة المنتج المثقف الذي يريد بالفعل أن يقدم فناً راقياً وأزمة النص التي أصبحت أزمة حديث الصحافة خاصة مع سيطرة الفنان النجم على كل مجريات الأمور في الفيلم من الألف إلى الياء، ومحاولة بعض النجوم لتقديم اسكتشات غنائية في أفلامهم مثل محمد هنيدي ومحمد سعد وغيرهم ومن قبلهم عادل إمام في بعض أفلامه ما هي إلا محاولة فقط لجذب المشاهدين فقط، حتى المطربين الحاليين الذين يشاركون في أفلام سينمائية فيقدموا الأغاني في أفلامهم لأن قدراتهم التمثيلية ضعيفة فهم يستعيضون عن ذلك بهذه الأغاني لكنها ليست أيضاً أفلام غنائية أو تندرج تحت هذا المسمى.

المنتج محسن جابر يؤكد أن مشكلة الفيلم الغنائي تكمن في نقاط متعددة منها استعداد المطرب نفسه لخوض التجربة السينمائية حيث إن العديد من المطربين ليس لديهم استعداد لخوض التجربة السينمائية بالإضافة إلى أن معظم هؤلاء المطربين تكون أجندتهم الفنية ممتلئة بالحفلات والأسفار المتعددة مما يجعل وقته كله مستهلكا، ومن المعروف أن الفيلم الغنائي يحتاج لفترات تصوير طويلة، وفوق ذلك كله خوف المنتج نفسه من استعادة أمواله التي قام بصرفها على إنتاج هذا الفيلم خاصة مع القرصنة المستمرة والمتكررة لأي عمل فني جديد، فالفيلم الغنائي يحتاج لتضافر مجهودات من جهات متعددة سواء كانت هذه الجهات مؤسسات أو أفراد ويحتاج لمناخ مناسب لظهور فيلم غنائي يستطيع أن يكون بذرة نقية لعودة هذا الفن الجميل للسينما المصرية.