إن الصبر من أعظم ما يتقرب به الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى ناهيكم أن الله سبحانه ذكر الصبر في كتابه والصابرين في أكثر من ستين موضعا وفي كل ذلك يعد الصابرين بالجزاء العظيم ويثني على الذين صبروا والصبر إما أن يكون صبرا على بلاء وإما أن يكون صبرا على طاعة وإما أن يكون صبرا عن معصية وفي كل ذلك ثواب كبير من الله تعالى يلقاه الصابرون ناهيكم أن الله سبحانه وتعالى قال (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) يعني أن أجور العاملين إنما تكون بحساب يعلمه الله ولكنّ أجور الصابرين تكون خارجة عن حدود الحساب وان كان الله تعالى محيطا بكل شيء علما لا يخفى عليه شيء مما يؤجره هؤلاء ولا يخفى عليه شيء مما ينالونه من الثواب.
ومن خلال الصبر يفتح الله الأبواب ويسهل الأسباب فكم من خير عظيم كان موصدا دونه السدود والحواجز وكان مفتاحه الصبر يفتح الله سبحانه وتعالى للصابرين من الخير ما يفتح ناهيكم ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم ولمن كان ملتفا حوله من المستضعفين الذين كانوا يمطرون من قبل أهل مكة بوابل من المصائب وكانوا لا يكادون يفتحون أبصارهم على صبح يتنفس إلا ويجدون الجديد الجديد من مؤامرات قريش ولا يكاد يعسعس الليل عليهم إلا على الجديد الجديد من الهموم التي كانوا ينؤون بأوزارها بسبب مؤامرات المتآمرين وقد فتح الله سبحانه وتعالى لهم ومكّن لهم في الأرض وآتاهم من خيره وبسط لهم من رزقه وصاروا قادة في هذه الأرض مكن لهم فيها تحقيقا لوعد الله سبحانه وتعالى الذي وعده عباده المؤمنين.