القدس المحتلة ديالا جويحان -
تعيش مدينة القدس في شهر رمضان أجواءً إيمانية وروحانية جميلة، فرغم التضييق ومعاناة المقدسين إلا أنهم يحولون الهمّ والحصار والتهويد بشهر رمضان المبارك إلى انتصار للقوة والإرادة والصمود الفلسطيني الإسلامي والحضاري والتاريخي لهذه المدينة، وشهر الخير والبركة له طابع خاص ومميز في القدس والمسجد الأقصى وأجواء روحانية وإيمانيه يشعر بها كل من وطأت قداماهُ لهذه المدينة الطاهرة..
مدينة القدس تكتسي بالزينة..
واكتست أحياء وأزقة وأسوار مدينة القدس بالزينة الخاصة بشهر رمضان لاسيما بالطرقات التي يسلكها المصلون إلى المسجد الأقصى المبارك، وذلك رغم محاولات قوات الاحتلال الإسرائيلي إفساد هذه الأجواء بتكثيف التواجد العسكري ونشر كاميرات المراقبة التابعة لأجهزة المخابرات لمراقبة المقدسيين حتى في حركاتهم داخل الأسواق.
وكانت حارة باب حطة وحي الواد وحارة السعدية وباب المجلس، وباب السلسلة استعدت قبل يومين من الشهر الفضيل بتزين الطرقات ونشر الشادر عند باب المجلس لحماية الزائرين من المصلين خلال شهر رمضان من حر الأجواء الصيفية لهذا العام، بالإضافة لتزيينها باستخدامات الزينة البسيطة من صنع الأيدي وطلائها بألوان جميلة ومريحة للناظر.
الأقصى واستقبال الشهر الفضيل
قال مدير عام الأوقاف الإسلامية الشيخ عزام الخطيب التميمي في حديث خاص:إن المسجد الأقصى استقبلت شهر الخير والبركة بعد ترتيبات دامت عدة شهور من حلول الشهر الفضيل لضمان راحة المصلين والوافدين الى المسجد الأقصى وشمل تلك الترتيبات عدة جوانب أهمها البرامج الدينية من خلال إعداد برنامج متكامل للتدريس في المسجد الأقصى بإشراف مجموعة كبيرة من العلماء الأفاضل ذوي التخصصات الشرعية لتعريف الناس بأمور الدين والعبادة والوعظ والإرشاد منذ الصباح حتى ساعات المساء، موضحا بأن الدروس تكون في المسجد القبلي قبة الصخرة وفي الأروقة والساحات.
مشيراً إلى أن مجموعة من المقرئين من مدينة القدس وخارجها وهذا العام تميز بمقرئ مسلم من كندا جاء إلى المسجد الأقصى ليشارك هذا العام كإمام في صلاة التراويح، وقال بإن التوافد خلال الثلاث أيام من الشهر الفضيل للمسجد الأقصى المبارك المئات من أبناء القدس والداخل الفلسطيني المحتل، دون وجود أهل الضفة الغربية وقطاع غزة بسبب الاجراءات العسكرية الأمنية الإسرائيلية المفروضة منذ سنوات طويلة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني.
وتطرق الشيخ عزام الخطيب التميمي:( عن اللجان الصحية والتنظيمة وعن لجان الزكاة، بالإضافة لنصب أكثر من 350 مظلة متحركة وثابتة والتي ستقي المصلين من حرارة الشمس الحارقة طوال الشهر الفضيل وتم وضع رذاذات المياه على أبواب المسجد الأقصى لخفض درجة الحرارة للمصلين.
أسواق القدس والركود الاقتصادي..
تعجّ الأسواق والمتاجر بالمتسوّقين من رواد المسجد الأقصى في اليوم الثالث من الشهر الفضيل فهي فرصة ثمينة للشراء من أسواقها، فيما تشهد الأسواق في غير رمضان ركوداً بسبب الحصار المفروض على المدينة المقدسة، فضلاً عن حالة الفقر التي يعيشها أهالي القدس..
رغم تلك الأوضاع الا أن أسواق البلدة القديمة تنتشر بالمشروبات الرمضانية مثل: الخروب، والسوس، والليمون والتمر الهندي، بالإضافة للحلويات المشهورة:( القطايف، العوامة، الكولاج، الهريسه، النعومة، وتكثر الطلب في القدس على شراء البرازق بالسمسم، والخبز المجدل، والشراك، وخبز الطابون، والقرشلة، حيث تعج محلات الحمص والفلافل المقدسي بكثرة طيلة شهر رمضان، ومحلات التوابل والبهارات، والتمر. وقال أبو فريد 65 عاماً صاحب بسطة العصائر الرمضانية في حديث خاص:( منذ 50 عاماً وأعمل في مهنة صناعة العصائر المشهورة في مدينة القدس الرمضانية مثل الخروب والسوس، والليمون والتمر الهندي، توارثها عبر الأجداد والآباء ولا يكتفي بيعها فقط برمضان وإنما طوال العام.
رغم جمال الأجواء الروحانية في مدينة القدس إلا أن سلطات الاحتلال تفرض قيوداً مشددةً على أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة ومع اقتراب الجمعه الأولى من شهر رمضان المبارك، قدمت توجهت جمعية حقوق المواطن في رسالة مستعجلة لوزارة ألأمن مطالبةً بالتدخل الفوري وبإيجاد حلول للقضايا المستعصية على حواجز قلنديا وشعفاط والسواحرة، وخصوصًا مشكلة الاكتظاظ الكبير وأوقات الانتظار الطويلة التي تتزايد أثناء شهر رمضان الفضيل. كما توجهت الجمعية لإدارة بلدية القدس الاحتلالية، مطالبةً بإيجاد حلول لأزمة مواقف السيارات في القدس الشرقية، خاصةً أثناء الصلاة في المسجد الاقصى المبارك.
وجاء في رسالة المحامي يوسف كرام، باسم جمعية حقوق المواطن، أن آلاف المصلين يحضرون إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان الكريم، وعلى غرار كلّ عام، فإنّ عدد الأشخاص الذين يعبرون حواجز قنلديا ومخيم شعفاط للاجئين والسواحرة، يزداد بشكل كبير جدًا، الأمر الذي يؤدّي إلى حصول ازدحامات واختناقات مروريّة كبيرة في جميع الحواجز المحيطة بالقدس، وخصوصًا عند حاجزيْ قلنديا وشعفاط.
كما جاء في رسالة المحامي كرام أنّ قرار المحكمة العليا، الذي ناقش مسألة مسار الجدار في منطقة الرام، قضى بأنّ حاجز قلنديا، برفقة حواجز أخرى، مخصّص للسماح بتمكين (نسيج حياة معقول) لسكان القدس الشرقيّة الذين يعيشون في الأحياء التي تقع وراء الجدار، إلا أنّه فيما يتعلق بمعدل الانتظار على الحواجز للسيارات والسابلة، هناك فجوة كبيرة بين التزام الدولة وبين الواقع على الأرض على مدار العام، وأنّ مسألة الاكتظاظ على الحواجز تتفاقم خلال شهر رمضان، وعليه لا يمكن اعتبار هذه الحواجز توفر (نظام وصول معقول للقدس) كما قضت المحكمة العليا.
هذا وطالبت الجمعية من الوزارة التهيؤ سلفًا وكما يجب، سواءً على مستوى القوى العاملة أم على مستوى تحسين الظروف الماديّة الملموسة بشكل عام في هذه الحواجز.
يذكر أن الجمعية كانت قد توجهت في تاريخ 10/4/2014 إلى وزارة الأمن برسالة مفصلة، عرضت من خلالها مجمل القضايا التي تؤثر على حياة المقدسيين الواقعين خلف الجدار، مطالبةً الوزارة بمنحها أفضليّة قصوى أثناء شهر رمضان، منها معبر السابلة وسيارات الإسعاف على حاجز قلنديا، فتح البوابات الحديدية في الجدار بجوار حاجز قلنديا وضاحية البريد، فتح حاجز مديرية التنسيق والارتباط في بيت آيل أمام السيارات الفلسطينية، فتح بوابة حاجز رأس خميس أمام السيارات العائدة إلى الأحياء في ساعات الذروة، تسهيل عبور التلاميذ وسيارات الإسعاف والمطافئ على حاجز السواحرة والشيخ سعد، وغيرها. وفي رسالة إلى ادارة بلدية القدس، طالب المحامي يوسف كرام بالعمل على ايجاد حل لأزمة مواقف السيارات في القدس، خاصةً عند موعد الصلاة في الحرم الشريف، إذ تعاني البلدة القديمة من نقص حاد في أماكن توقيف السيارات، الأمر الذي يدفع السائقين إلى إيقاف سياراتهم أينما تسنى لهم ذلك مما يؤدي إلى تغريمهم من قبل شرطة السير والبلدية.
كما طالب المحامي كرام بإيجاد حل للمصلين القادمين إلى الحرم الشريف من جنوب المدينة ولكافة المصلين على مدار شهر رمضان الفضيل، وذلك على غرار الترتيبات التي أقرتها البلدية العام المنصرم، إذ استجابت بشكل جزئي لمطالب جمعية حقوق المواطن، وقامت بتوفير حافلات أيام الجمعة تقل المصليين من شمال المدينة الى الحرم الشريف.
هذا وطالب المحامي كرام بتوفير هذه الحافلات على مدار الشهر الفضيل من شمال وجنوب المدينة ولساعات أطول ليتسنى للمصلين أداء الصلوات في المسجد الأقصى.