براعم الإيمان: الفضول والتجسس سالم.. والامتحان

بعد أن انتهى الأب من حواره مع الأم في شؤون الأسرة، فتح الأب باب الحجرة ليذهب إلى عمله، ففوجئ بسالم يقف خلف الباب، ولما سأله والده عن سبب وقوفه هكذا قال له إنه كان سيطرق الباب للدخول، ولكنه فتح الباب فجأة، فقال له ماذا تريد؟ قال سالم كنت أريد أمي، فقال له تفضل، وتركه وذهب إلى عمله، دخل سالم إلى أمه وجلس إلى جوارها فسألته:

الأم: ماذا كنت تريد يا سالم.

سالم: كنت أريد مصروفي لشراء شيء من السوبر ماركت قبل ذهابي إلى المدرسة.

أخذ سالم مصروفه وذهب إلى المدرسة، فوجد صديقيه يتحدثان في شيء ما وعندما اقترب منهما وسلم عليهما، طلبا منه أن يتركهما بمفردهما، ابتعد سالم عنهما ولكنه ظل يفكر في الموضوع الذي يتحدثان عنه، لابد أن يعرف، اقترب قليلا من جهة أخرى لا يرونه منها حتى يتمكن من الاستماع لهما ومعرفة ما يدور بينهما، وللأسف.. فقد عرف موضوع الحوار الذي يدور، ولكنه لم يعرف أن الأستاذ جمال رآه وهو يتنصت على زملائه، فكر الأستاذ جمال كثيراً وقرر أن يلقنه درساً لن ينساه في حياته.

رن جرس المدرسة معلناً بداية الحصة الثانية، فدخل الأستاذ جمال على التلاميذ وألقى عليهم التحية فردوها عليه وطلب منهم الجلوس.. ثم قال: كنت سأجري لكم الاختبار الشهري اليوم ولكني قررت أن أؤجله إلى بعد غد لأني سوف أحدد الأسئلة التي ستأتي في الامتحان مع الأستاذ علي مدرس أول المادة في حجرتنا أثناء الفسحة.

قرر سالم أن يكون الأول على الفصل ولكن كيف؟

فكر سالم قائلا لنفسه: سوف أذهب إلى حجرة الأستاذ جمال وأحاول الاستماع إلى ما سيقولونه وأعرف الأسئلة كلها وأذاكرها وأجيب عليها في الامتحان وأكون الأول.

رن جرس الفسحة وخرج التلاميذ في سعادة إلى فناء المدرسة، بينما ذهب سالم لينفذ خطته، وصل إلى حجرة الأستاذ جمال فوجد الباب مواربا فسمع كل ما دار بينهما وكتب الأسئلة التي ستأتي في الامتحان، وعندما عاد إلى بيته ذاكرها جيدا.

جاء وقت الامتحان وكان سالم ينتظره بفارغ الصبر، دخل الأستاذ جمال إلى الفصل وألقى التحية كالعادة، ثم بدأ في كتابة الأسئلة على السبورة، ولكن.. ما هذا؟

ما كتبه الأستاذ جمال على السبورة ليس هو ما قاله وذاكره هو.. ماذا حدث.. ما العمل، هذه الأسئلة لم أذاكرها كلها.. جلس سالم واضعاً يده على خده، فسأله الأستاذ جمال:

لماذا لا تحل الامتحان؟

سالم: سوف أحل يا أستاذ جمال ولكني أراجع ما في رأسي أولا.

انتهى الوقت وقام الأستاذ جمال بجمع ورق الإجابات، وفي اللقاء التالي أعلن الأستاذ جمال النتيجة وكانت المفاجأة.. إذ أن سالم لم يكن الأول على الفصل أو حتى الثاني، ولكنه الأخير.. بكى سالم كثيراً لما ألم به، فقال له الأستاذ جمال.. أريدك أن تحضر لي في مكتبي أثناء الفسحة.

ذهب سالم إلى الأستاذ جمال في الفسحة، فقال له:

هل استوعبت الدرس يا سالم؟

سالم: مستغرباً.. أي درس يا أستاذ؟

الأستاذ جمال: ما حدث لك نتيجة فضولك.

سالم: فضولي؟

الأستاذ جمال: نعم.. لقد رأيتك أكثر من مرة تحاول أن تتنصت على زملائك، وعندما أعلنت أنني سأحدد أسئلة الامتحان مع الأستاذ علي كنت متأكدا من أنك ستأتي لتعرف الأسئلة، فاتفقت مع الأستاذ علي على أن نلقنك هذا الدرس القاسي ونقول أسئلة غير التي ستأتي في الامتحان.. يا سالم.. إن الفضول داء سيىء ونهانا عنه رب العزة وعاقب عليه..

كما أن التجسس على المسلمين وتتبع عوراتهم أمر حرام حرمه الله تعالى في محكم كتابه فيقول عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [سورة الحجرات: الآية 12}. وورد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا تجسسوا ولا تحسسوا.. وعقاب من فعل ذلك هو: الفضيحة في الدنيا والخزي في الآخرة، فقد روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته.