قصص إسلامية: أبواب السماء مغلقة دون قاطع الرحم

ان أعظم عقوبة يعاقب الله بها العبد أن يلعنه أو أن يطرد من رحمته ، والملعون المطرود من رحمة الله ، لا يمكن أن يتقبل منه أd عمل ولا يمكن أن ينعم عليه بأd نعمة وإن رزق لن يكون ذلك الرزق إلا عليه حسرة يوم القيامة وندامة ، ولا ينعم عليه بنعمة ، وهؤلاء من قاطعوا الله عز وجل ، لأنهم يقطعون أرحامهم فى هذه الحياة الدنيا .وحول ما ورد في هذا الشأن على لسان الصحابة ، فقد أخرج الطبراني عن بن الأعمش قال : كان ابن مسعود رضي الله عنه جالساً بعد الصبح في حلقة قال : أنشد الله قاطع رحم لما قام عنا فإنا نريد أن ندعو ربنا ، وأن أبواب السماء مرتجة “مغلقة “ دون قاطع رحم ، أي أن أبواب السماء مغلقة لوجود شخص قاطع لرحمه ، وعن أبي أيوب سليمان مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : جاءنا أبو هريرة رضي الله عنه عشية الخميس ليلة الجمعة ، فقال : أحرج على كل قاطع رحم لما قام من عندنا ، فلم يقم أحد حتى قال ثلاثاً ، فأتى فتى عمة له قد صرمها “ قطعها “ منذ سنين فدخل عليها فقالت : يا بن أخي ما جاء بك» قال سمعت أبا هريرة يقول كذا و وكذا ، قالت : أرجع إليه فسله لم قال ذاك ؟ قال : سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول : « إن أعمال بني آدم تعرض على الله تبارك وتعالى عشية كل خميس ليلة الجمعة ، فلا يقبل عمل قاطع الرحم».

وقصة أخرى نستشعر مدى الضرر الذي يعود عن من يقطعه أهله .. حين جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: « إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي ، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال صلى الله عليه وسلم: « إذا كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل (الرماد الحار)، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك « كما جاء في صحيح مسلم .. كما أن البعض قد يسافر ويترك والديه دون رعاية مهتماً فقط لشأن نفسه فيقطع أقرب الأرحام إليه .. مثل ما حدث مع أمية بن الأسكر رضي الله عنه وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان شيخاً كبيراً قد كف بصره ، وكان يسكن الطائف ، وكان له ولدان رباهما أحسن تربية ، فصحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم خرجا في الغزو إلى القادسية وتركاه ، فأرسل بقصائد يستقدمهما ، يقول فى إحدى هذه القصائد :

يا ابني أمية إنى عنكما غاني وما الغنى غير أني مرعش

فإني يا ابني أمية إلا تشهدا كبرى ، فإن نأيكما والثكل مثلان

إذ يحمل الفرس الأحوى ثلاثتنا وإذ فراقكما والنأي سيان

أمسيت هزءاً لراعي الضأن أعجبه ماذا يريبك مني راعى الضآن

انعق بضأنه في نجم تحفره من البواضع واحبسها بجمدان

إن ترع ضاناً فإنى قد رعبتهم بيض الوجوه بنى عمى وإخوانى

يا أم هيثم ماذا قلت أبلاني ريب المنون وهذان الجديدان

إما ترى حجرى قدرك جانبه فقد يسرك صلباً غير كذان

أو ما تريني لا أمضى إلى سفر إلا معي واحداً منكم أو اثنان

ولست أهدى بلاداً كنت أسكنها قد كنت أهدى بها نفسي وصحباني

فلما بلغت القصيدة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى سعد بن أبي وقاص أن يرسل إليه كلاب بن أمية الأسكر في أسرع وقت ، فأرسله سعد إلى عمر بن الخطاب ، فلما أتاه سأله : بم كنت تبر أباك ؟ فقال : كنت أختار نياقنا ، فأغسل ضرعها ، وأغسل الإناء وأحتلبها فيه ، وأمسكها عليها حتى يشرب منها ما شاء ، فدعا عمر بأمية فأجلسه بين يديه وأمر كلاباً أن يحتلب الناقة دون أن يخبره به ، فأحتلب تلك الناقة فأمسكها عمر على أمية ، فلما ذاق طعم اللبن قال : حَلب كلاب ورب الكعبة ، فأمره عمر أن يلزم أباه ، وألا يكون منه أبعد من سجر الكلب حتى يلقى الله ، ففعل ذلك ، وهذا التنبيه العظيم من أمير المؤمنين رضى الله عنه ينبه به الأبناء على أهمية الوالدين ، فإنهما إن خرجا من هذه الدنيا وماتا لن يستطيع برهما .

وعن الأسباب التي أخذت تدفع بالناس لقطع الرحم يقول الدكتور محمد سيد أحمد المسير في “أخلاق الأسرة المسلمة بحوث وفتاوى” ، أن الناس يدفعهم الحسد والبغي إلى الوقوع في جريمة تقطيع الأرحام والإساءة إلى الأهل والاعتداء على الأقربين ، وأكل أموالهم والنيل من أعراضهم إشاعة قالة السوء حولهم ، وهنا يعمق في نفس المؤمن شعور الأسى والحزن ..

ويحذر وفقاً للشرع من قطع الأرحام ، لوقف نشر الفساد في الأرض ويقول الله تعالى :” فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض ، وتقطعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم “ . وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :” لا يدخل الجنة قاطع رحم “.

ودعا إلى مراعاة العدل والإحسان فى المعاملة ، والتعالي على هموم النفس ، والتغاضي عن إساءة الأقربين .. وفي صحيح الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :» ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذى إذا قطعت رحمه وصلها «. فالواصل هو الذى يصل من يقطعه من أرحامه ، وليس المكافئ الذى إذا أحسن إليه ذو رحمه أحسن إليه فى المقابل ، فهذا مكافئ فقط وليس واصلاً ، وإن ذا الرحم الكاشح إذا أساء إلى رحمه فإن صلته تقتضي استمرار نسله ، وطول عمره . وإن قطيعتهم للرحم تقتضي بقرب آجالهم ، وإنتقاص ذريتهم ، فلذلك سيرثهم هو. أي أن من يوصل رحمه عائلته تزدهر وتستمر ومن يقطعه تتناقص وتنقضي.