أحداث رمضانية – وفاة العلامة الريامي

مسعود بن محمد المقبالي -

ولد في شهر رمضان الشيخ العلامة القائد المجاهد أبو زيد عبدالله بن محمد بن رزيق الريامي، وكان ذلك في ليلة الجمعة الخامس من شهر رمضان سنة 1301 قيل إنه ولد بتنوف وقيل بإزكي.

نشأ أبو زيد بإزكي ثم انتقل أبوه وعمه إلى إبراء من الشرقية يعلمان القرآن العظيم فمات أبوه بها، ونشأ في حجرعمه ثم انتقل إلى إزكي واتخذها وطناً. أما وطن آبائه وأجداده فبلدة تسمى العين في أعلى الجبل الأخضر انتقل منها جده سُلَيْم إلى إزكي فولد له محمد وسالم فنشآ بالحارة المعروفة بالنزار خاصة تزوج محمد أمَّ أبي زيد من تنوف من أولاد حمير من النباهنة قوم شهروا بالبسالة.

رحل أبو زيد إلى الشرقية لطلب العلم، وهو ابن خمسة عشر عاماً فتتلمذ على نور الدين السالمي فأخذ عنه أصول العربية وأصول الفقه وفروعه وصار من أكبر تلامذته وأكثر تساويد نور الدين بخطه وذلك لملازمته إياه ولقدره عنده.

رجع أبو زيد إلى وطنه إزكي عام 1328 هـ وعقد مجلساً للتدريس بمسجد الحواري فأخذ عنه جم غفير أكبرهم الشيخ العالم محمد بن سالم الرقيشي الريامي.

وأبو زيد هو من قدمه المسلمون للصلاة على شيخه الإمام نور الدين رحمه الله بعد موته. شهد العلامة أبو زيد رحمه الله بيعة الإمام سالم بن راشد الخروصي -رضي الله عنه- بل هو ثاني من بايعه، حيث تقدم لبيعته أولا العلامة عامر بن خميس المالكي -رحمه الله- ثم تقدم أبو زيد، وبعد أن بايع كان هو من أمسك العلم الأبيض بجانب الإمام، وكان عاملا له وللإمام محمد بن عبد الله الخليلي رضي الله عنهما، خاصة في مدينة بهلا، وكانت بيده أموال بيت مال المسلمين ولكنه مع ذلك عرف بالزهد والتقشف المبالغ فيه، وعنه يقول صاحب النهضة:» جعل الإمام ببهلا عند خروجه منها والياً ذلك الهزبرالضاري أبو زيد عبدالله بن محمد بن رزيق الريامي الأزكوي تحمل بوظيفتي الولاية والقضاء فأجرى فيها العدل والمعارف الإسلامية وردَّ شوارد القلوب الخائفة من اضطهاد الظلمة إلى أوكارها فهو واليها في عصر الإمام سالم ثم في عصر الإمام الخليلي إلى أن توفي -رحمه الله- في عصر الإمام الخليلي والمسلمون عنه راضون».

ويقول سماحة مفتي عصرنا ومصرنا أبقاه الله في محاضرته (مكانة إزكي التاريخية): وكان من العلماء الأفذاذ الذين جمعوا بين العلم والعمل والزهد والصلاح والاجتهاد والمثابرة في الخيرذلك القائد الشهيرالعلامة أبو زيد عبدالله بن محمد الريامي -رحمه الله- الذي جسد في ولايته في عهد الإمامين سالم بن راشد الخروصي والإمام محمد بن عبدالله الخليلي -رحمة الله عليهما- سيرة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب في زهده واجتهاده لأمر المسلمين وحرصه على مصالحهم، حتى كان مضرب المثل، وقال ممن قال من أهل العلم والخبرة والذين عاصروا العلامة أبا زيد بأنه لم يكن في عمال الإمامين المذكورين أحد كمثله في مزاياه التي تميز بها، وحسبه ثناء الإمام محمد بن عبدالله الخليلي -رحمه الله- عندما قال فيه إنه رجل من رجال عمر، ولكن الله أوجده في زماننا.

كان أبو زيد من المتبتلين المتعبدين لله تعالى، ولا أدل على ذلك مما يرويه صاحب النهضة عنه حيث قال: «كان يُعد من أعبد أهل زمانه، فقد أدى ثلاثين عمرة وهو في مكة في رمضان.. وقد كان -رحمه الله- ملازماً الاعتكاف طوال عمره (في رمضان) مع ما عرفنا عنه من قيام الليل وتلاوة القرآن الكريم».

وقد فجع المسلمون بوفاته ليلة الجمعة الرابع من رجب عام أربعة وستون بعد الثلاثمائة والألف في بُهلا، ودفن بها في مكان اسمه (الغنيمة) من منطقة البدوع في سفالة بُهلا.

وسبب وفاته جراحة أصابته في ساقه، وما زالت تعظم، ولا يطلب لها الدواء لقلة ما في يده، حتى عظمت ولم يستطع أن يخرج إلى مجلس الحكم إلا بحمله، إلى أن تغمده الله تعالى إلى رحمته».