كانو (نيجيريا)- (أ ف ب) : يقترب متمردو جماعة بوكو حرام الذين يلحقون بالجيش الهزيمة تلو الاخرى، من تحقيق هدفهم اقامة خلافة في شمال نيجيريا، لكن الوضع ليس شبيها بالوضع في العراق، والامور لم تحسم بعد.
فمنذ ابريل، استولت بوكو حرام على عدد كبير من القرى وسيطرت على مناطق بأكملها في شمال شرق نيجيريا التي انسحب منها الجيش، كما يقول سكان ومسؤولون امنيون وخبراء، الا ان وضع خريطة محددة للمناطق التي يسيطر عليها المتمردن، مسألة بالغة الصعوبة، بسبب انعدام المعلومات الموثوقة.
ومنذ مايو 2013، فرضت حالة الطوارئ في الولايات الثلاث الاكثر تأثرا بالنزاع في شمال شرق نيجيريا، ويمارس الجيش رقابة على المعلومات، ويحصل تشويش على الاتصالات، وباتت عمليات التنقل محفوفة بالمخاطر في هذه المناطق المعزولة على حدود النيجر وتشاد والكاميرون.
والحقيقة الوحيدة الاكيدة هي ان النزاع اسفر عن عواقب مدمرة خصوصا بالنسبة للمدنيين، فقد قتل اكثر من 10 الاف شخص منذ بداية التمرد في 2009، منهم اربعة الاف في 2014 وحدها، وتهجر 650 الفا آخرين، واكدت الامم المتحدة سيطرة المتمردين مطلع اغسطس على مدينتي دامبوا وغوازا في ولاية بورونو، واكد الجيش انه استعاد دامبوا منذ ذلك الحين، لكن هذه المسألة لم يؤكدها مصدر مستقل،
وسقطت مدينة جديدة الخميس الماضي هي بوني بادي الواقعة في ولاية يوبي المجاورة.
واعتبر رايان كامينجز كبير محللي الشؤون الافريقية في شركة ريد 24 الامنية في جنوب افريقيا ان «الاستيلاء على اراض والبقاء فيها، تطور مهم في طريقة عمل بوكو حرام»، واضاف ان الهجومات الاخيرة التي شنتها بوكو حرام تؤكد ان الجماعة «تحقق ببطء انما بثقة هدفها الاول القاضي بانشاء الخلافة على اساس الشريعة في شمال شرق نيجيريا».
وتشاطره هذا الرأي فيرجينيا كومولي الباحثة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، وقالت ان بوكو حرام «تسيطر» سيطرة تامة على شمال ولاية بورنو، وتؤكد هذه المعلومة شهادات عدد كبير من السكان، واعتبرت «انهم يسعون الى السيطرة على مزيد من الاراضي وتتوافر لهم فعلا امكانية تحقيق هدفهم».
وفي شريط فيديو بث في يوليو، قدم زعيم بوكو حرام ابو بكر شيكاو دعمه الى ابو بكر البغدادي، زعيم تنظيم «الدولة الاسلامية» الذي اعلن اقامة «الخلافة» على اراض يحتلها التنظيم في العراق وسوريا، وتبنى التنظيم هذا الاسبوع قتل الصحفي الامريكي جيمس فولي.
ويقول جاكوب زن الباحث في مؤسسة جيمس تاون الامريكية، ان ثمة وجوه شبه بين بوكو حرام وتنظيم الدولة الاسلامية ولاسيما على صعيد وحشية الاعمال المتطرفة.
وقد قتلت بوكو حرام الاف المدنيين، بمن فيهم تلامذة مدارس، وخطفت اكثر من 200 تلميذة في ابريل وعاملتهم كسبايا، لكن وفيما تصف واشنطن الدولة الاسلامية بأنها جيدة التسليح والتنظيم والتمويل، تضم صفوف بوكو حرام شبانا فقراء واميين ولم يحصلوا على تدريب كاف.
ويعتبر الخبراء انها اقامت علاقات مع مجموعات متطرفة مثل «تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي»، لكن مستوى التعاون في ما بينها ما زال غير معروف، واعتبرت فيرجينيا كومولي ان بوكو حرام «لم تبلغ المستوى» الذي بلغته الدولة الاسلامية، لكن ما قاله شيكاو يؤكد ان المجموعة «تبدي اهتماما بما يحصل» في مناطق اخرى.
وفيما عمدت بوكو حرام الى تعزيز قوتها عبر التزود بأسلحة متطورة وتجنيد مقاتلين جدد، ظهرت للعيان نقاط الضعف التي يعاني منها الجيش النيجيري، واكد مصدر امني في مايدوغوري عاصمة ولاية بورنو، ان «جنودنا قادرون على قتال ارهابيي بوكو حرام، لكنهم باأمس الحاجة الى السلاح».
واتاح الهجوم الذي شنه الجيش في مايو 2013، ابعاد الاسلاميين الى خارج التجمعات السكنية وطردهم من معاقلهم، واضاف المصدر «كان يمكن ان نسحق بوكو حرام لو تمكنا من متابعة هجومنا».
والسلاح غير الكافي للجنود سبب اساسي لهزائمهم الاخيرة. وقد تمرد جنود هذا الاسبوع في مايدوغوري، مطالبين بأسلحة متطورة.
الا ان نيجيريا، المنتج الاول للنفط واقوى دولة على الصعيد الاقتصادي في افريقيا، لا تنقصها الموارد المالية، فميزانية الدفاع تبلغ ستة مليارات دولار (4,5 مليارات يورو) سنويا، ويقول الخبراء ان الفساد وسوء التنظيم يفسران النقص المزمن في تجهيز الجيش بما يحتاج اليه من اسلحة وليس نقص الموارد.