السلطنة تدشن قطاعات إضافية في مجال الطيران المدني العام القادم

Untitled-1لمواكبة الزيادة المضطردة في عدد الطائرات المستخدمة للأجواء والمطارات الجديدة -

حوار – أحمد بن علي الذهلي -

الكثير منا لا يعرف اهمية الدور الذي تلعبه المراقبة الجوية في الاجواء، البعض يتوقع بان الطائرات تسير بتلقائية دون أي متابعة حتى تصل الى وجهتها، لكن واقع الحال عكس ذلك تماما، فهناك جنود مجهولون يواصلون العمل الليل مع النهار لخدمة المسافرين على متن الخطوط الجوية العالمية، هذا الجندي هو المراقب الجوي أو العين التي ترى اكثر مما يراه الآخرون .

يمكن إدراك الأهمية الكبرى للمراقب اذا راجعنا تفاصيل الكوارث التي شهدها قطاع الطيران في العالم خلال الفترة الماضية ، وماتوصل اليه المحققون من نتائج أهمها أن الكثير من الأسباب التي أدت لتلك الكوارث يتعلق بأخطاء بشرية ارتكبها بعض المراقبين الجويين في وقت كان قطاع الطيران يعاني من ندرة الامكانيات التكنولوجية.

الآن تغيرت الصورة بكل ابعادها، واصبحت الملاحة الجوية تدار وفق انظمة ومعدات متقدمة تحرص الدول على اقتنائها وكانت السلطنة سباقة في تطوير اجهزتها الملاحية بالمقابل ارتفعت نسبة التعمين في قطاع المراقبه الجوية في السلطنة حيث يكاد المعدل العام يلامس الدرجة العليا في جميع الوظائف، فالكفاءات العمانية في هذا المجال ينظر لها بشيء من التقدير، وهناك الكثير من الانجازات التي تحققت والمواقف المشرفة التي تدعونا الى الفخر والاعتزاز بأبناء عمان.


ومن هذا المنطلق يفتح (عمان الاقتصادي) هذا الملف لتسليط الضوء على هذا المجال الحيوي من خلال حوارنا مع حمد بن سعيد الحوسني مشرف المراقبة الجوية في المركز الانتقالي الجديد بمطار مسقط الدولي حيث سألته في البداية عن مجال عمله فقال: مجال المراقبة الجوية، يعج بالكثير من التحديات والتطورات خاصة مع انتعاش حركة النقل الجوي بين دول العالم المختلفة بالاضافة الى ان الموقع الجغرافي والاستراتيجي الذي تتميز به السلطنة جعلها محطة مهمة لكثير من الطائرات العابرة للأجواء العمانية ،ولهذا اصبحت مهمة المراقب الجوي اكثر تعقيدا ومسؤولية، فمتابعة الاجواء تحتاج الى الكثير من المهارة وحسن التصرف، فكل ما يشاهده المراقب الجوي عبر شاشات العرض التي امامه هي مسؤوليته الكاملة وعليه ان يدرك بان ارواح الناس مرتبطة بمهارته وخبرته في اداء وظيفته.

واضاف: ان مهمة المراقب الجوي تتلخص في عدد من النقاط منها توجيه الطائرات نحو مساراتها الصحيحة وابعاد الطائرات عن بعضها البعض خشية حدوث تصادم لا قدر الله ايضا يعمل على امداد طاقم الطائرة بكافة المعلومات التي يحتاج اليها سواء كانت عن حالة الطقس او الارتفاعات التي يتم يتطلبها التحليق في المجال الجوي موضحا بان الارتفاعات تقسم بشكل مختلف عن بعض فمثلا جهة الشرق تكون الارقام فردية مثل التحليق على ارتفاع 35 الف قدم.

واضاف: اما الاتجاه الغربي يكون برقم زوجي مثل الارتفاع ب 36 الف قدم مشيرا الى ان مهمة المراقب الجوي هو تأمين مسارات الطائرات وتوجيها وفق الارتفاعات المحددة لها واكتشاف اي من الاخطار التي يمكن ان تتعرض لها خلال مسار رحلتها بالاضافة الى ذلك يستطيع المراقب الجوي التدخل في الوقت المناسب والتعامل مع اي حدث طارئ مثل استقبال نداءات الاستغاثة كحدوث الاعطال المفاجأة عندها يعمل على توجيه الطائرة نحو اقرب مكان للهبوط مع اعطائها اولويات دون تأخير وذلك بالتنسيق الكامل مع برج المراقبة.

وحول الخبرات التي تعمل في مجال المراقبة الجوية بمطار مسقط الدولي قال: اثبت المراقب الجوي العماني قدرته على تحمل المسؤولية في التعامل مع الكثير من المواقف، فالكل مؤهل في التعامل مع اي حدث عارض يتم الابلاغ عنه موضحا بان الدورات التدريبية التي يخضع لها الموظفون تمكنهم من التدخل المباشر في حل المشكلات التي تعترض طريق بعض الرحلات الجوية خاصة في الظروف المناخية الصعبة.

واضاف: بيئة العمل في مجال المراقبة الجوية متعبة للغاية فهو يحتاج الى كمية تركيز عالية، في ظل الوجود الكثيف للطائرات المحلقة في اجواء السلطنة وبالتالي فان المراقب الجوي يمكث في المعدل العام نحو ساعتين او اكثر بقليل امام شاشة العرض التي امامه ومن ثم يخرج في استراحة |، بهدف تجديد من نشاطه العملي وحفاظا على سير العمل، الذي يتبع نظام الورديات او المناوبات على فترات متفاوته من اليوم، كلا حسب تقسيم محافظات السلطنة مؤكدا بان اجواء السلطنة تعج بالطائرات العابرة حيث تعبر اكثر من 1100 طائرة يوميا ويتم التعامل معها وفق لغة خاصة بالطيران المدني ومصطلحات متعارف عليها بين الجميع.

واضاف: بعض الدول لا تغطي راداراتها كافة مناطقها وبالتالي تعتمد اعتمادا كليا على المراقب الجوي الذي يتجلى دوره في الاتصال المتواصل مع قائد الطائرة وامداده بالمعلومات موضحا بان المراقب الجوي لديه من الاجهزة ما يمكنه من اكتشاف اي تقارب بين الطائرات او اي خطر ربما تتعرض له سلامة الرحلة سواء كانت تحلق قريبا من رؤوس الجبال او غيرها وهذا بوقت كاف.

انخفاض مستوى الضغط الجوي

وحول احد المواقف الصعبة التي مرت عليه خلال عمله في مجال المراقبة الجوية قال:مجال المراقبة الجوية يعج بالكثير من الامور التي ينبغي التنبه لها والعمل على اتخاذ القرار في الوقت المناسب موضحا بان من بين المواقف التي يتذكرها البلاغ الذي تلقاه من قائد الطائرة الباكستانية وكانت على ارتفاع 41 الف قدم وبشكل مفاجئ حيث تعرضت الطائرة الى انخفاض في مستوى الضغط الجوي داخلها وتوقفت اجهزة التكييف وكما هو معلوم لدى الجميع فإن هذه الارتفاعات لا يمكن التنفس خلالها بطريقة طبيعية وبالتالي عليه النزول باقصى سرعة في اقل من دقيقتين ونصف الى ارتفاع 28 الف قدم وهو الارتفاع الذي يقل فيه الضغط ليصبح التنفس فيه طبيعيا وفي ذلك الاثناء كانت بالمقابل طائرة اخرى تسير في هذا الارتفاع.

واضاف: قمت بالتعامل مع الامر بسرعة من خلال التنسيق مع الطائرة الاخرى وابلاغه بالواقعة ومن ثم وجهته بتغيير مساره قليلا بحيث يمكن السماح للطائرة الاعلى بنزول الى المستوى المطلوب وبالفعل تمت العملية بنجاح مضيفا بان هذه الحادثة نقطة ضمن قائمة من المواقف التي صادفها خلال عمله الممتد منذ 25 عاما.


تقسيمات جوية

وحول المهام والمسؤوليات الجوية ودور كل منها قال: هناك 3 جهات تتابع سير الرحلات الجوية وهي : برج المراقبة ومهمته السماح للطائرات بالهبوط والاقلاع ومدى مسؤوليته نحو عشرة اميال فقط ومن ثم تاتي مهمة الرادار الاقترابي وهو همزة الوصل ما بين الطائرات المغادرة والقادمة ومن ثم يأتي دور مركز المراقبة الجوية الذي يمد جميع الطائرات بالمعلومات الضرورية ويراقب الحركة الملاحية بشكل عام موضحا بان الطائرات التي تود العبور في اجواء السلطنة تحجز مسارها قبل 72 ساعة بشكل رسمي وتنتظر الموافقة من عدمه وهناك رسوم تفرض على الطائرات التي تعبر اجواء السلطنة ومن هنا يمكن القول بان(السماء تمطر ذهبا).

زيادة التقسيمات

وحول زيادة عدد قطاعات المجال الجوي العماني لمواكبة نمو الحركة الجوية قال حمد الحوسني:يتم تقسيم كل مجال جوي في العالم على قطاعات بحيث تقسّم الاجواء فيها وقطاعات اخرى تتعلق بالاقتراب من المطارات في ذلك البلد، بحيث يوزع العمل عليها وفق خصائص ذلك المجال الجوي، وتحتاج ادارة هذا التقسيم الى توفر أجهزة بمراكز المراقبة الجوية تفي بعدد القطاعات وعدد مواقع التحكم او مواقع عمل لإدارة الحركة الجوية بذلك القطاع.

واضاف: كان بداية تقسيم المجال الجوي العماني على قطاعين جويين وقطاع اقتراب راداري واحد ثم تم رفعهما الى ثلاثة قطاعات عندما بدأ تشغيل مركز المراقبة الجوية الآلي، وتم زيادة هذه القطاعات بحسب تطور ونمو حجم الحركة الجوية الى أن بلغ المركز أقصى طاقة استيعابية في القطاعات ومواقع التشغيل بعد تقسيم المجال الجوي العماني الى خمسة قطاعات اعتمد تشغيلها على 8 مواقع عمل وقطاع اقتراب راداري واحد يخدم حركة الملاحة الجوية بمطار مسقط الدولي وآخر بمطار صلالة يخدم حركة الطائرات القادمة والمغادرة لمطار صلالة، وهو الأمر الذي استدعى بدء تنفيذ خطة التوسع على مراحل تعتمد على مركز المراقبة الجوية المساند والذي تم تدشين العمل فيه بخمسة قطاعات منطقة يعتمد تشغيلها على 10 مواقع عمل مضيفاً بذلك موقعين إضافيين لهما دور هام في إدارة الحركة الجوية، مع إمكانية إعادة تقسيم المجال الجوي العماني الى سبعة قطاعات منطقة تعتمد على 14 موقعا تشغيل وقطاعين للاقتراب الراداري لخدمة مطار مسقط الدولي وقطاع اقترابي لمطار صلاله موفراً طاقة استيعابية كبيرة بالإضافة الى الاجهزة المرتبطة ببرج المراقبة الجوية.

تعزيز مستوى أمن وسلامة الطيران المدني

ونوه حمد بن سعيد الحوسني مشرف المراقبة الجوية بمطار مسقط الى انه وفق ما اعلنت عنه الهيئة العامة للطيران المدني سوف يتم إدخال القطاعات الإضافية للخدمة خلال العام 2015م بموجب خطة يجري الإعداد لتنفيذها للتعامل مع الزيادة المضطردة في عدد الطائرات المستخدمة للأجواء والمطارت العمانية وتحسين مستوى السلامة.

تدشين مركز المراقبة الجوية الانتقالي

وحول تدشين الهيئة العامة للطيران المدني في السادس والعشرين من يونيو الماضي مركز المراقبة الجوية الانتقالي بعد عملية انتقال ناجحة من النظام القديم الى الحديث قال: حققت السلطنة بافتتاح هذا المركز العديد من الأهداف أهمها الاستفادة المبكرة من موارد المشروع في تغطية متطلبات تشغيل قطاع الملاحة الجوية بالسلطنة والإعداد المسبق للانتقال للمركز الجديد للمراقبة الجوية والذي هو من ضمن مشروع تطوير مطاري مسقط الدولي وصلاله الى جانب ذلك يعد تعزيز مستوى أمن وسلامة الطيران المدني ورفع كفاءة الكوادر الوطنية من الفوائد التي يعود بها تشغيل مركز المراقبة الجوية الانتقالي على قطاع الطيران المدني بشكل خاص وعمان بشكل عام، إلا أن تحقيق ما سبق لم يكن إلا جزءاً من هذه الفوائد، حيث أن هناك بعداً اقتصادياً يساهم به المركز الجديد بتقنيته الحديثة التي ترفع الطاقة الإستيعابية للمجال الجوي العماني ويعزز ذلك إمكانية المزيد من التوسع الذي تتيحه قطاعات إدارة الحركة الجوية الإضافية التي يجري الإعداد لتشغيلها وهو الأمر الذي يعزز جهود السلطنة في تنمية وتطوير القطاعات الاقتصادية التي يساهم النقل الجوي في دعمها مشيرا الى ان هناك علاقة مباشرة بين زيادة الطاقة الاستيعابية والموارد الغير نفطية ومساهمة النقل الجوي في تنشيط الحركة السياحية ودعم التجمعات الصناعية والاقتصادية الفتية بالسلطنة.

واضاف :إن إفتتاح هذا المركز يؤسس لمرحلة جديدة تضع فيها السلطنة أولى خطاها نحو تبوء مكانة عالمية على مستوى مقدمي خدمات الملاحة الجوية لقطاع الطيران من خلال رفع جودة الخدمة التي تقدمها الهيئة العامة للطيران المدني لمستخدمي أجواء السلطنة موضحا ان المركز الانتقالي يستخدم أنظمة حديثة مؤهلة لتبادل بيانات الحركة الجوية آلياً مع الطائرات ومع مراكز المراقبة الجوية في الدول المجاورة مما يعزز دقة وجودة البيانات ويقلل من الأخطاء البشرية التي ترافق الوسائل الحالية واضعاً بذلك السلطنة في موقع متقدم عالمياً.

تبادل المعلومات ذات دقة وجودة عالية

وحول طبيعة العمل والتعامل مع الانظمة الحديثة قال: الاجهزة التي تم تركيبها هي من الجيل الحديث لهذه الانظمة حيث وفرت التقنية الحديثة والمواصفات المتعددة والتي يتميز بها نظام إدارة الحركة الجوية المستخدم في مركز المراقبة الجوية الانتقالي معلومات ووسائل تعزز من مستوى سلامة وأمن الطيران المدني، منها على سبيل المثال توفير بيانات إضافية دقيقة يعرضها النظام بشكل آلي للمراقب الجوي عن الطائرات في الاجواء العمانية مما يمكنه من إتخاذ قراراته وأداء عمله بكفاءة أفضل، وتوفر عليه الوقت الذي كان يستهلك في محادثة الطيارين للحصول على هذه المعلومات، ومن مواصفات النظام الحديث توفير خاصية الإنذار الآلي عن الحالات التي تتجاوز فيها الطائرة مستوى الارتفاع المصرح به وكذلك خاصية الإنذار المبكر عن الطائرات التي تسلك مسارات باتجاه مناطق غير مصرح لها بالطيران فيها، أو حتى الاقتراب من العوائق الطبيعية وتبادل المعلومات ذات دقة وجودة عالية مع الجهات المرتبطة بأمن الطيران في السلطنة، وهناك المزيد من المميزات التي تعد إضافة هامة في سبيل تعزيز مستوى سلامة وأمن الطيران المدني بالسلطنة.

المواصفات الحديثة لاجهزة ادارة الحركة

وردا على سؤال حول المواصفات الحديثة لاجهزة ادارة الحركة الجوية الانتقالية اجاب حمد الحوسني مشرف المراقبة الجوية بمطار مسقط الدولي قائلا: هناك شاشات عرض بحجم 56 بوصة وهي الأولى في العالم التي تستخدم في نظام إدارة الحركة الجوية، حيث تم الإستغناء عن أكثر من ثلاث شاشات منفصلة لعرض المعلومات المساندة للمراقب الجوي، ومن فوائدها المباشرة أن يكون تركيز المراقب الجوي على شاشة واحدة عوضا عن التشتت في عدة شاشات مما يساهم بشكل كبير رفع مستوى السلامة مشيرا الى ان الشاشات القديمة كانت بعرض 31 بوصة فقط وهي مرهقة للمراقب الجوي.

ويضيف الحوسني : من مميزات الاجهزة الحديثة ان لها خاصية التنبيه بأقل ارتفاع لمستوى الطيران، حيث يصدر النظام تنبيه للمراقب الجوي عند اقتراب الطائرات من مستويات الخطر في الجبال أو التلال حيث إن طبوغرافية وتضاريس السلطنة مخزنة في النظام مما يمكنه من إعطاء بيانات صحيحة للمراقب وتأتي أهمية هذه الخاصية في الرحلات الليلية أو في الأحوال الجوية السيئة.