تأجيل الحكم على «مبارك» في قضية قتل المتظاهرين إلى 29 نوفمبر

شكري: مصر ستواصل جهودها لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية –


القاهرة-(د ب أ) – (أ ف ب) : قررت محكمة جنايات القاهرة تأجيل النطق بالحكم على الرئيس الاسبق حسني مبارك في قضية التواطؤ في قتل المتظاهرين اثناء ثورة 2011 التي اطاحت به الى 29 نوفمبر المقبل.

واوضح رئيس المحكمة القاضي محمود كامل الرشيدي ان المحكمة لم تنته من كتابة اسباب الحكم في القضية التي يحتوي ملفها، وفقا له، على 160 الف صفحة رغم انها عملت لساعات طويلة طوال الفترة السابقة لذلك قررت «مد اجل النطق بالحكم»، واضاف انه «من ضمن التزام القاضي من الناحية الموضوعية ان يحرر اسباب الحكم» قبل النطق به مشيرا الى انه بشكل شخصي اعتاد ان يودع اسباب اي حكم يصدره صباح يوم النطق به.

وأكد، في معرض شرحه لاسباب تأجيل النطق بالحكم، ان تحرير اسباب الحكم يحتاج الى «ألفي صفحة» على الاقل خصوصا وان المحكمة «تعهدت بأن تكتب اسبابا خاصة (للحكم) على كل متهم من المتهمن الـ11 في القضية وهم عشرة في القفص وآخر غائب».

وقال القاضي، بعد ان عرض شريط فيديو يظهر الحجم الضخم لأوراق القضية، ان اسباب الحكم التي لم تنته هيئة المحكمة منها تتضمن ثلاثة عناصر هي «عرض الوقائع المادية للقضية وموجز لدفوع الدفاع عن المتهمين واستبيان مكنون ما استقر».

ويحاكم الرئيس الاسبق الذي يبلغ السادسة والثمانين مع وزير داخليته حبيب العادلي وستة من كبار مسؤولي الاخير في هذه القضية التي تشمل ايضا قضية فساد متهم فيها مع نجليه علاء وجمال ، وقد سبق ان حكم على مبارك بالسجن مدى الحياة في هذه القضية في يونيو 2012 لكن محكمة النقض قررت الغاء الحكم واعادة محاكمته امام دائرة جديدة.

وكان الرئيس المصري الاسبق نقل الى محكمة جنايات القاهرة على سرير طبي من مستشفى المعادي العسكري في القاهرة الى مقر اكاديمية الشرطة في ضاحية التجمع الخامس بشرق العاصمة المصرية، وظهر مبارك في الجلسة جالسا على مقعد متحرك وبجواره نجلاه.

ويواجه مبارك الذي حكم مصر بقبضة من حديد لنحو ثلاثين عاما، اتهامات بالتواطؤ في قتل مئات المتظاهرين اثناء ثورة العام 2011، وتأتي اعادة المحاكمة في اجواء مختلفة عن تلك التي كانت سائدة قبل سنتين. فقد اجرت مصر في يونيو 2012 اول انتخابات رئاسية ديمقراطية انتخب فيها رئيس مدني واسلامي لمصر هو محمد مرسي في اقتراع بدا كأنه ينذر بحكم استبدادي، وبعد نحو سنة وتحت ضغط شعبي اطاح الجيش بمرسي الذي اودع السجن حيث يواجه عقوبة الاعدام، وفي نهاية مايو 2014 انتخب قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر.

وشنت السلطات المصرية حملة عنيفة على المعارضة الاسلامية ادت الى مقتل 1400 شخص معظمهم من انصار جماعة الاخوان المسلمين واعتقال آلاف آخرين،وحكم القضاء على مئات منهم بالاعدام.

والى جانب الاسلاميين، اوقف عشرات الشبان الليبراليين والعلمانيين الذين قادوا الثورة، لمشاركتهم في تظاهرات غير مرخص لها.

وقد اكد السيسي اكثر من مرة رغبته في اعطاء الاستقرار الاولوية ولو على حساب الحريات في موقف لقي تأييدا كبيرا من الشعب الذي انهكته ثلاث سنوات من الفوضى والانفلات الامني والركود الاقتصادي.

وجعل تدهور الاوضاع الاقتصادية والامنية في عهد محمد مرسي والفترة التي تلتها الكثيرين يشعرون بالحنين لعهده الذي يرونه تميز بـ»استقرار اقتصادي وظروف معيشية افضل» مقارنة بالوضع الحالي.

وتواجه مصر في الواقع منذ عزل مرسي اعتداءات دامية تشنها الجماعات المسلحة وتستهدف قوات الامن والجيش، كما بات ينظر الى ثورة 25 يناير على انها مؤامرة على مصر تستهدف اضعافها.

حتى ان الكاتب الصحفي ابراهيم عيسى المعارض الشرس لمبارك، شهد في اعادة المحاكمة بان اعمال العنف التي جرت خلال الثورة كانت على الارجح من فعل مخربين وليس من فعل الشرطة، وفي اشارة الى هذا اختلاف الاجواء فان محاكمة مبارك التي لقيت في البداية متابعة كثيفة من المصريين لم تعد تتصدر الصفحات الاولى للصحف المصرية التي لم يشر معظمها الى الخبر سوى في الصفحات الداخلية.

وخلال الجلسة السابقة للمحكمة في اغسطس الماضي ، دافع مبارك عن فترة حكمه نافيا التهم الموجهة ضده في «خطاب عاطفي» مؤثر كان الاطول الذي يلقيه منذ عزله في فبراير 2011.

وخاطب مبارك القضاء وهو جالس على كرسي متحرك بسبب صدور حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات في قضية فساد تعرف في مصر باسم «القصور الرئاسية» في مايو الماضي حكم في اطارها ايضا على ولديه علاء وجمال بالسجن اربع سنوات.

وقال الرئيس الاسبق ان «حسني مبارك الذي يمثل امامكم لم يكن ليأمر ابدا بقتل المتظاهرين وإراقة دماء المصريين»، وهو ما كرره مرة اخرى، واضاف «لم أكن لآمر ابدا بقتل مصري واحد لأي ظروف او اسباب»، ودافع عن سياساته في مجال السياسة والاقتصاد خلال فترة حكمه، وقال ان مصر شهدت «اعلى معدلات نمو واعلى احتياطي للنقد الاجنبي» في تاريخ مصر مؤكدا انه عمل على «حماية الامن القومي المصري».

وتابع «لعل حديثي اليوم هو آخر ما اتحدث له.. قبل ان ينتهي العمر ويحين الاجل واوارى في تراب مصر الطاهر»، وتابع «انني احمد الله مرتاح الضمير ان قضيته مدافعا عن مصر ومصالحها وابنائها حربا وسلاما».

ومع دفاع معظم الشهود من مسؤولين في الشرطة والجيش عن مبارك يخشى الضحايا واقاربهم من ان يؤدي المناخ السياسي الجديد الى عدم احقاق العدل، وقال اسامة المغازي لوكالة فرانس برس «هناك موجة من تشويه صورة الثورة والشباب الذين قاموا بها».

واضاف هذا الرجل الذي فقد يده خلال قمع الشرطة لتظاهرة في الاسكندرية (شمال) بالغازات المسيلة للدموع والرصاص الحي في 28 يناير 2011 «من المهم ان اشعر بانهم انصفوني».

من جهته، صرح جمال عيد احد المحامين المدافعين عن حقوق الانسان ويمثل الضحايا انه لا يتوقع عقوبة قاسية ضد مبارك او قادة الشرطة الذين تمت تبرئة ستة منهم في المحاكمة الاولى، واضاف «لا اشعر بثقة نظرا للاحكام السابقة.. الاحكام تسير في اتجاه المناخ السياسي».

وفي سياق منفصل، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إنه لا يمكن الحديث بجدية عن هدف نزع السلاح النووي دولياً دون ربطه بهدف إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف شكري، في بيان أمام الاجتماع الوزاري للجمعية العامة بشأن اليوم الدولي للتخلص التام من الأسلحة النووية على هامش أعمال الدورة الـ69 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن مصر تؤكد التزامها الصادق لدعم الجهود اللازمة كافة لتحقيق نزع السلاح النووي الكامل كأولوية بارزة على أجندة المجتمع الدولى، وتدعو الجميع لتبنى ذات التوجه سعياً لعالم مستقر يسوده الأمن والرخاء لجميع الشعوب دون استثناء.

وأشار شكري في بيان امس إلى أن «وفد مصر يعبر عن القلق العميق تجاه ما لمسناه من عدم احترام عدد كبير من الدول لما يتم التوصل إليه من نتائج في مؤتمرات مراجعة معاهدة عدم الانتشار وآخرها مؤتمر عام 2010 «، مؤكدا أن مصر ستستمر في الدفع بكل قوة لتحقيق هدف إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.