السينما العمانية واقعها وطموحها على طاولة المهتمين في الجمعية العمانية للسينما

كتبت – سجا العبدلي –

عن السينما العمانية واقعها وطموحها وابرز المعضلات التي تواجهها اجتمع ثلة من المهتمين بالسينما للعمل على مناقشة واقع صناعة الأفلام في عٌمان ودورها وابرز المشكلات التي تعيشها. وذلك خلال الندوة المفتوحة التي حملت عنوان «واقع وطموح السينما في عٌمان» والتي عقدت مساء الثلاثاء في مقر الجمعية العمانية للسينما. وفي افتتاحه لهذه الندوة أكد خالد الزدجالي رئيس الجمعية العمانية للسينما على «أن الجمعية ارتأت اختيار بعض الشخصيات التي لها خبرة في هذا المجال، وأننا بهذه الفكرة نحاول إيجاد علاقة تواصل بين السينمائيين.» كما أشار إلى «أن جميع الأعمال التي نقوم بها في الجمعية هي أعمال تطوعية وتحتاج إلى جهود جماعية. «وعن واقع السينما العمانية قال: نحن نعاني من عدم التطور وذلك لعدم امتلاكنا للقاعدة والأرضية المناسبة لأننا اتينا متأخرين إلى عالم السينما. والإشكالية الأخرى التي نعاني منها تكمن في الجانب الاجتماعي والذي يتمثل في عدم تشجيع أبنائنا على المضي قدماً في تطوير مهاراتهم في عالم السينما وعدم تشجيعهم على دراسة السينما. وحتى ان عملية اختيار الشباب لتخصص السينما والمسرح لا يأتي من رغبة وانما هو أمر واقع فرضه عليهم تحصيلهم الدراسي. ومن جانب آخر تحدث الزدجالي بإسهاب عن مشاكل ومعوقات الانتساب الى عالم السينما والتي اعتبر أن جانبا كبيرا منها محصور في الجانب الاقتصادي والاجتماعي. وفي الوقت ذاته اعتبر ان انجاز 400 فيلم قصير في أقل من عشر سنوات انما يعكس الرغبة لدى الشباب في أن يكونوا فعالين في هذا المجال. وعن الجانب النقدي اكد على أهمية النقد الذي لم يحظَ بالاهتمام الكافي في عٌمان. معتبراً أن بعض الأقلام النقدية بقدر ما تساعد الشباب من خلال استعراض تجربتهم بقدر ما تحط من طاقاتهم. وبعد هذا التقديم استعرض كل من المخرج أنور الرزيقي تجربته في الإخراج السينمائي وحميد العامري في مجال فرز أفلام المسابقات السينمائية بينما تحدث عبدالله البطاشي في النقد السينمائي. أنور الرزيقي عضو مؤسس لمجموعة بياض السينمائية وأحد صناع الافلام الروائية القصيرة في السلطنة تحدث عن تجربته في اخراج الفيلم الروائي القصير معتبراً «أنه ومن خلال ما طرح من أوراق عمل ومداخلات من الجمهور أكدت هذه الندوة على ضرورة الاستمرار في الحراك السينمائي من خلال تكثيف حلقات العمل والدورات التي تهتم بمجال السينما وأيضا المضي في ممارسة الصناعة السينمائية من خلال المزيد من الاشتغال على إنتاج أفلام سينمائية سواء القصيرة منها أو الطويلة مؤكداً في الوقت ذاته أن مجموعة بياض لديها أفلام جاهزة للتنفيذ خلال العامين القادمين وان شاء الله وسوف تكون على مستوى المنافسة العالمية.»

وفي مقدمته لاستعراض هذه التجربة اكد على أهمية عقد ندوات من هذا النوع. وتناول من خلال استعراض تجربته – التي تكللت بسبعة أفلام حصل بعض منها على مجموعة من الجوائز – عدة محاور أولها التعريف بالفيلم من وجهة نظره وفي هذا المقام اكد على أن «الفيلم أو السينما يمكن أن يكونوا أداة لتوصيل رسالة أو تسجيل أحداث معينة أو صنع مادة ترفيهية باستخدام الصور، والحركة والألوان، والصوت، والموسيقى، والكلمة المنطوقة. ويعتبر الفيلم ناجحاً إذا ما استطاع المخرج ان يقدم محتوى من المشاعر للمتفرج، ويرتبط المتفرج بالفيلم حين يندمج كلياً في عالم هذا الفيلم ويصدقه. وعن ادوات صناعة الفيلم القصير قال انه يجب ان تتوافر عناصر معينة وهي الفكرة، السيناريو، الحوار، التصوير، التمثيل، المكياج، المناظر والديكور والأزياء والاكسسوارات، الصوت والمؤثرات والموسيقى، وأخيرا الإخراج. اما صناعة الفيلم فأشار إلى أن هذه العملية تتكون من ثلاث مراحل رئيسية أولها مرحلة ما قبل الانتاج وتتضمن: كتابة السيناريو، تقدير الميزانية، اختيار المواقع، والممثلين والديكور، وتفصيل الازياء واختيار الاكسسوارات، ورسم السيناريو، واختيار طاقم العمل الفني والاداري، وجدولة العمل و تحضير معدات ومواقع التصوير والتصاريح. اما المرحلة الثانية وهي التصوير فيجب ان تتضمن: تجهيز موقع التصوير، وتركيب الاضاءة ، المكياج ، الاكسسوارات والملابس، تسجيل الصوت والخدمات الانتاجية. وفيما يخص المرحلة الثالثة وهي مرحلة ما بعد التصوير او مرحلة المونتاج فتتضمن : فرز اللقطات حسب المشاهد مع الاصوات، وتجميع اللقطات، تركيب الحوارات، الترجمة، مزج الصوت ، المؤثرات البصرية، تعديل الالوان، تركيب الاسماء، الترويج للفيلم واخيرا التواصل مع وسائل الاعلام. وفي تعريفه للسيناريو قال الرزيقي : هو وصف عام للمشاهد السينمائية والمسرحية يتضمن وصف المكان سواء كان خارجيا أو داخليا، ليلا أو نهارا ووصفا لدخول الشخصيات وخروجها ووصفا للحدث. كما لو كان المشهد مرسوما وكل ما على المخرج والممثلين هو تنفيذ المشهد المكتوب. اما الإخراج فاعتبر انه إدارة للعمل الفني أيا كان نوعه يمثله شخص مسؤول مسؤولية شبه مطلقة عن المنتج النهائي ويقوم بعمل الفيلم بمساعدة طاقم العمل. واعتبر ان المخرج هو اول من يفسر العمل الفني وينقل تفسيره ورؤيته لما كتبه المؤلف. وان من واجب المخرج ان يجعل المتفرج في حالة تساؤل وفضول وقلق وتركيز بحيث يجعله متفاعل مع الأحداث وكأنه مشاركُ فيها.»

كاتب السيناريو والمخرج حميد العامري استعرض تجربته في مجال فرز افلام المسابقات السينمائية وتحدث عن لجان الفرز وتناول طريقة عملها ومؤكداً انها لجنة تنبثق من اللجنة المنظمة للمهرجان و تكون تحت اشراف المدير الفني للمهرجان او الملتقى. وبعد ان يتم وضع رؤية اللجنة المنظمة للمهرجان وتحديد شروطها للأفلام ، يتم الاعلان في وسائل الاعلام المختلفة عن افتتاح استلام الافلام الراغبة في المشاركة بالمهرجان. اما اعضاء هذه اللجنة فيتم اختيارهم مسبقاً وهم من الذين يملكون الخبرة والرؤية السينمائية. وأضاف: «بعد ان يتم استلام الافلام يقوم المدير الفني بتسليم اللجنة الافلام المستلمة مع استمارة للتقييم بها كل عناصر التقييم والتحكيم التي تواكب سياسة المهرجان. وتقوم هذه اللجنة بتسجيل كل البيانات الخاصة بالفيلم مثل «اسم الفيلم، نوعيته، اسم المخرج، اسم البلد، المدة، تاريخ الانتاج، اسم المنتج» وتتم مطابقة البيانات مع بيانات استمارة المشاركة وتصحيحها. ومن ثم يتم وضع الدرجات على المعايير التي وضعت في الاستمارة مثل: الاخراج ،السيناريو، التمثيل، الصوت، الصورة، المؤثرات الموسيقية، المونتاج بالإضافة الى عناصر أخرى تراها اللجنة في الفيلم . كما تقوم اللجنة بتسجيل نبذة مختصرة عن الفيلم ، ويمكنها تقييم الفيلم من خلال النسبة المئوية التي تحدد تصنيف الفيلم الممتاز او الجيد جدا او الجيد او المقبول او الضعيف. كما انها تقوم بتبرير تقييمها للفيلم في الاستمارة، وبعد توقيع أعضاء اللجنة، يتم تجميع الاستمارات وتقديمها للمدير الفني للمهرجان او الملتقى. مؤكدا على ان مشاهدة لجنة الفرز وعملها سري لا يطلع عليه سوى الاعضاء، وهي تعتبر لجنة تحكيم اولية للمهرجان. كما أن رأي لجنة الفرز ليس نهائي ويحق للجنة المهرجان ان لا تأخذ به اذا كان لديها رأي آخر. وفي الختام قدم مجموعة من التوصيات فيما يخص عمل الجمعية منها الاهتمام بالموقع الالكتروني للجمعية، وصياغة اللوائح والقوانين للجمعية وللمهرجان وللملتقى، وتوضيح دور كل اللجان التي تنبثق من اللجنة المنظمة للمهرجان، والاهتمام بوسائل الاتصال والتواصل بين الجمعية والمهتمين بالشأن السينمائي.

وفي الختام استعرض المخرج والكاتب عبدالله البطاشي العديد من الموضوعات التي تصب في مشكلة جوهرية تخص صناعة السينما في السلطنة وقد جاءت مداخلته من ناحية تناول الموضوع من زاوية نقدية معتبراً أن ثقافة النقد وتقبل النقد هو أمر معدوم في الواقع السينمائي العماني. وأن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم احترام الفنون بشكل خاص. وان الناقد السينمائي معدوم مع محاولة البعض أن يقحم نفسه ويصنع له هالة وهمية حول الأمر فتجده مزاجي، عاطفي فاقد للمهنية والحيادية وهو يؤلف على طريقته وعلى ذائقة تاريخ وهمي لتجارب غير حقيقية .

وان الثقافة السينمائية في البلد معدومة وانه قد حان الوقت للتوقف عن الاستخفاف بهذه الصناعة. واما الإشكال الأهم من وجهة نظره فتمثل في عدم وجود آلية معينة لذوي الاختصاص. فكل الامور مختلطة ببعضها الامر الذي اثر على مسيرة الصناعة السينمائية في السلطنة. وأن بعض الشباب يسعون للحصول على القاب مجانية دونما التبحر والاطلاع وصقل موهبتهم بالتجارب وحضور المهرجانات السينمائية وعروض الافلام في دور السينما والتعرف على آخر التقنيات والاساليب التي وصلت اليها السينما العمانية. مؤكدا على أن القضية لا تكمن في الحصول على كاميرا ومن ثم القيام بتصوير فيلم على اساس انه فيلم سينمائي فالفيلم السينمائي له مواصفات وخصائص تتمثل في الكادر في اللقطة والحركة وهي طريقة تعامل الممثل مع الممثل ومع الكادر الذي يؤدي الشخصية فيه. المسألة مرتبطة بمعايير وقدرات اخراجية وكتابية وفنية. ايضا اكد على انه من يفترض به أن يكون داعما للصناعة السينمائية هو نفسه يجهل الصناعة ولا يعترف اساسا بإمكانية نشوئها وما يشغله في الأساس هو الربح .