يانجون – «د.ب.ا»: تنتاب السكان على ضفاف نهر يانجون بماينمار الهواجس حيال الجهود الرامية إلى استعادة جرس قديم لأحد المعابد، يعتقد أنه يرقد في قاع النهر منذ أوائل القرن السابع عشر. ويقول ماونج لوين وهو من قدامى القاطنين بضاحية داو بوني الكائنة على الجانب الآخر من مدينة يانجون العاصمة التجارية لماينمار « إننا تعلمنا منذ أن كنا أطفالا أن الجرس تحرسه الأرواح التي تعرف باسم « ناتس «.والناتس عبارة عن أرواح تشبه الثعابين تعبد في الديانات قبل دخول البوذية إلى ماينمار، ولكنها استمرت في الوجود عبر كثير من دول جنوب وجنوب شرقي آسيا، وتبدو صور هذه المعبودات في كثير من المعابد، وتم دمجها في الطقوس اليومية التي يمارسها كثير من المنتمين للبوذية.
ويضيف « إننا نخشى أن تنزل الأرواح العقوبة بالأشخاص الذين يعثرون على الجرس الغارق بالنهر، وأن يكون لذلك تأثير علينا «.ويقدم ماونج لوين وجيرانه قرابين من الأطعمة بشكل منتظم إلى « نات « أو روح أخرى تسمى « يوشين جي «، والتي يقال إنها تسيطر على جميع مياه البحار.
ويوضح لوين قائلا « إن « يوشين جي « ستحمينا من غضب الأرواح التي تحرس الجرس «.ويضيف « إن هذه الأرواح يمكن أن تغضب بسبب الجولة الأخيرة من جهود إنقاذ الجرس، وربما تستثار فتطلق الفيضانات أو تسلط على المنطقة ما هو أسوأ «.وكان خين شوي وهو رجل أعمال بارز من مجموعة مون العرقية ونائب برلماني عن حزب التضامن الوحدوي والتنمية الحاكم قد أعلن العام الماضي عن أحدث الخطط للعثور على جرس دامازيدي العظيم.
ومن المقرر أن يستمر المشروع لمدة 45 يوما ويتكلف 200 مليون كيات (ربع مليون دولار)، ويأتي معظم التمويل من الهبات كما يوضح سان لين رئيس فريق الإنقاذ المكون من عشرة غطاسين تم جلبهم من أرخبيل ماييك الجنوبي. ويبدو أن خوف السكان المحليين من غضب « الناتس « له قدر من الأساس، حيث أن المحاولات السابقة للتكهن بموقع الجرس واكبها حدوث فيضانات مفاجئة دمرت حوالي مئة قرية في غضون أسبوع.
وقد أحاطت الأساطير والخرافات بالجرس منذ أن أمر الملك دامازيدي وهو حاكم من قومية مون بسبكه وصناعته، وكانت عاصمة هذا الملك مدينة باجو التي تبعد عن يانجون بمسافة 50 ميلا من ناحية الشمال الشرقي.
ويقال إن أصوات قرع الجرس لم تكن تستهدف آذان البشر وإنما الأرواح وحدها، حيث تم صب معدن الجرس تحت التأثير الفلكي للتمساح وفقا لمسار القمر.
ويشير ماونج لوين إلى أنه بخلاف الأجراس الأخرى فإن هذا الجرس الغارق صامت، حيث أن التمساح لا يصدر عنه أي صوت.
وفي عام 1608 استولى المرتزق البرتغالي فيليبي دي بريتو إينيكوتي الذي سيطر على بلدة ومنطقة سانلين المجاورة التي تقع على الضفاف الجنوبية لنهر يانجون على الجرس لاستعماله كخرده. وحاول دي بريتو أن يحمل الجرس في طريق عودته إلى قاعدته ليصهره ويستخدم معدنه في صناعة الأسلحة، ولكن الجرس انزلق من السفينة أثناء عبوره النهر وسقط داخل المياه، وأدت هذه العملية إلى إغراق زورق وسفينة حربية برتغالية.
ولأكثر من 400 عام جذب الجرس السحري المفقود المغامرين والباحثين عن الكنوز من مختلف أنحاء العالم. بل إن «بعض نجوم هوليوود مثل ريتشارد جير أبدوا اهتماما بهذا الجرس « كما يقول تشيت سان وين مؤلف كتاب حول جرس دامازيدي.
وخلال الفترة من 1987 إلى 1998 تم القيام بالعديد من المحاولات لانتشال الجرس من جانب كونسورتيوم مكون من الحكومة ومستثمرين من القطاع الخاص من بينهم مجموعة من المستكشفين الأجانب، غير أن هذه الجهود تعرقلت بسبب سوء الرؤية تحت الماء وكميات من الوحل المحيطة بحطام السفن الغارقة، وصعوبة تحديد موقع سقوط الجرس بعد مرور 400 عام عليه خاصة مع وجود التيارات المائية المتغيرة.
وفي عام 2012 أعلنت شركة سنغافورية أنها خصصت عشرة ملايين دولار كميزانية، وإطار زمني يستغرق شهرا لجهودها الخاصة باستعادة الجرس، غير أنها لم تقم بأية خطوة منذ إصدار الإعلان.
ويقول سان لين رئيس فريق الغطاسين « إن الأرواح ظلت تحرس الجرس منذ عودته إلى موطنه الذي هو عش للنات «.وأوضح سان لين أن « عملية الإنقاذ لا يمكن أن تنفذ باستخدام الأساليب الحديثة فقط، وأنه يجب أن نستخدم بعض الطرق التقليدية «، وكان رئيس الفريق قد شارك في سبع محاولات سابقة لاستعادة الجرس، وقال إنه رصد مكانه مستقرا في قاع النهر عام 1998. والمبادرة الأخيرة لا تستخدم أية معدات حديثة لتحديد مكان الجرس، وإنما يتم تقديم الطعام وإقامة الصلوات عند ضريح قريب، ثم يقوم الغطاسون بإدلاء الشباك لمسح القاع، بينما يتنفسون الهواء من خلال أنابيب متصلة بالسطح.
غير أن بعض المؤرخين يقولون إن الجرس قد لا يكون داخل النهر. ويقول المؤلف تشيت سان وين « إنه من الأفضل أن يدرسوا التاريخ، فأسطورة الجرس قد تكون خدعة من جانب دي بريتو لخداع البوذيين في ذلك الوقت لجعل عملية الاستيلاء على الجرس أكثر سهولة».