سالم بن حمدان الحسيني –
تتضاءل الكلمات في وصف مشهد لم تألفه السلطنة منذ أن غادرها سيدها وقائد مسيرتها، حتى وقع عليها الخبر اليقين بالصوت والصورة وقع الندى على زهر الربيع.. انها الليلة التي لم يذق فيها الوطن طعم الكرى.. فقد طار النوم من عيون باتت ترقب شروق شمس الغد؛ لتضمن أن المشهد لم يكن رؤى منامية وإنما واقع أشرف من خلاله باني نهضتها ومفجّر طاقاتها على أبناء شعبه، عبر شاشات التلفزة بعد غياب تضاعف عده وطال مده، فغرس في النفوس شوقا وفي القلوب قلقا، فكانت تلك الدقائق المعدودة التي لم تتجاوز أربع من عمر الزمن بمثابة الانتعاشة لقلوب أضناها الشوق لسماع تلك النبرة القابوسية المعتادة في مثل هذه الأيام النوفمبرية على مدى أربعة وأربعين عاما من مسيرتها المظفرة، وقد صدقت الكلمات تلك الإطلالة البهية لجلالته فعززت من الثقة في النفوس، وغرست الراحة في القلوب حتى انطلقت نشوى في فضاءات ترفرف بأجنحتها باندفاعية لا إرادية في ليلة قمرية من هذه الليالي النوفمبرية البهية.حينما استيقظ وطن بأكمله على بشارة زفها الأثير عن صحة جلالته – أيده الله – اختلط لديه المشاعر الجياشة، فهب الجميع كل يعبر عن فرحته وسعادته فمنهم من خر ساجدا لله، ومنهم من رفع يديه مبتهلا إليه سبحانه، بأن يعيد رمز عمان بملبوس الصحة والعافية، ومنهم من لم تتمالكه الفرحة فانطلق يجوب الشوارع رافعا علم السلطنة مرفرفا خفاقا وقد انبرى الكاتب بقلمه معبرا عن مكنون فرحته وانبرى الفنان بريشته ليرسم لوحة بديعة استلهمها من هذا المشهد، الذي فجرالطاقات وألهم الابداعات لتعبر عن صادق الكلمات بأبلغ العبارات.
يا له من يوم وطني وحّد مشاعر الجميع ويا له من قائد عظيم التفت حوله القلوب واتحدت في حبه النفوس صغيرها وكبيرها رجالها ونساؤها من اقصى السلطنة إلى اقصاها .. أي قلب هذا الذي أجمع الكل على حبه والإخلاص له في زمن يعج بالفتن والصراعات، فنأى ذلك الرجل بهذه البقعة وسما بها إلى أرفع الدرجات، وأسمى المنازل بعيدا عن التيارات التي عصفت بأكثرها وانحطت بها إلى الحضيض. فجدير بهذا الشعب ان يسجد شكرا لله وحُق له أن يطير فرحا؛ فقد اعتاد أن يحلّق به هذا القائد الملهم وأن يطير به بعيدا عن العيون المتربصة، وينأى به بعيدا عن الفتن.