في ظل ما هو معروف من ان التغيرات والخطوات الاقتصادية تأخذ بعض الوقت لتعطي آثارها على الأداء الاقتصادي للدول المختلفة ، وذلك باستثناء أسواق المال واسعار بعض السلع، فان الانخفاض الحاد في اسعار النفط في الأسواق العالمية، الذي بدأ منذ منتصف العام الحالي بشكل متدرج، ستتضح نتائجه بشكل اكبر واعمق، بالنسبة لكل الدول المصدرة للنفط والمعتمدة على ايراداته كدول الخليج العربية، خلال العام القادم. ومع الوضع في الاعتبار ان حكومة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – قد سارعت بالتحرك لدراسة وتقييم ما يمكن اتخاذه من خطوات لمواجهة مثل هذا التطور، وهو ما يعكف عليه المجلس الأعلى للتخطيط والجهات المسؤولة وذات الصلة بذلك ايضا، فان جهدا مكثفا وكبيرا يبذل ولابد من القيام به، سواء للانتهاء من عدد من المشروعات الكبيرة، التي تم البدء فيها، او لاعطاء دفعة لمشروعات تنويع مصادر الدخل القومي للسلطنة، وخاصة من خلال القطاعات غير النفطية وفي مقدمتها السياحة والموانئ اللوجستية والثروة السمكية والصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يحظى بأولوية فعلية.
وفي هذا الاطار فانه في حين سجلت البنوك العاملة في السلطنة أداء طيبا خلال العام الجاري، وحقق الناتج المحلي الاجمالي نسبة نمو بلغت 6.4% بالاسعار الجارية في الربع الأول من هذا العام ، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فان من الجوانب التي ينبغي التوقف امامها لدلالتها الطيبة ايضا، ان المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم قد تلقت خلال الشهور الأحد عشر الماضية من هذا العام 194 طلب استثمار فيها، ومن ثم تتجاوز قيمة استثمارات الحكومة والقطاع الخاص في المنطقة خلال العامين الاخيرين بليوني ريال عماني، اي ما يعادل نحو 2.5 بليون دولار، وهو حجم استثمار كبير، يضاف الى حجم المشروعات التي تعمل بالفعل في هذه المنطقة الاقتصادية الواعدة، والتي تحمل الكثير من الخير للاقتصاد والمواطن العماني خلال السنوات القادمة.
تجدر الاشارة الى ان الاستثمارات الحكومية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم خلال فترة العامين بلغت بليونا و700 مليون ريال عماني، في حين بلغت استثمارات القطاع الخاص نحو 300 مليون ريال عماني . وهو ما يشير بوضوح الى حجم ما تعلقه الحكومة من آمال، وما تخطط للوصول اليه بالنسبة للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، في ظل ماهو مخطط له، اقتصاديا ولوجستيا وسياحيا وتجاريا كذلك. ولعل ذلك يفسر ان العدد الكبير من طلبات الاستثمار المستلمة بدائرة خدمات المستثمرين بالمنطقة خلال هذا العام غلب عليه الطابع الخدمي والسياحي، بما في ذلك عقود حق الانتفاع وتطوير اراض مخصصة لأنشطة مختلفة ومتعددة، وبالطبع يتكامل ذلك بالضرورة مع مشروعات الميناء والحوض الجاف ومحطة تكرير النفط والمصانع التي ستقام في المنطقة، والتي ستتحول من خلالها الى منطقة نشاط اقتصادي وسياحى متكاملة، ومرتبطة في الوقت ذاته بكل انحاء السلطنة عبر خطوط السكك الحديدية والطرق البرية والبحرية والمطار الذي يتم تشييده فيها، وهو ما يجعل منها اضافة كبيرة لتحقيق مزيد من التقدم والازدهار للاقتصاد وللمواطن العماني في ظل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه.