«المصور» في ذكراها الـ90…. مصر أقوى من الزمان:-
القاهرة ـ إميل أمين –
في ذكرى مرور تسعين عاما على صدور مجلة المصور المصرية عن دار الهلال، أصدرت الدار عددا تذكاريا فاخرا يقع في نحو ستمائة صفحة، بطباعة فاخرة، تحت عنوان «مصر أقوى من الزمان» ، وفيه سرد رائع بالصور الملونة لحكام مصر، وذاكرة الوطن، والحرب في بر مصر، وثورات المصريين، وجذور الإرهاب، والدبلوماسية المصرية، وعلاقات مصر مع الدول العربية، عدد يحمل ذاكرة مصر عبر تسعة عقود.
وفي هذه الذكرى، كتب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقدمة ورسالة خاصة للمصور، تحت عنوان: «تحية وتقديرا للمصور» قال فيها: «إن معارك المصور الوطنية لدحض أسطورة السيطرة على مقدرات الوطن والشعب باسم الدين، قد تواصلت تحت قيادات وأعين ولا يزال زملاؤهم وتلاميذهم يستكملون سيرتهم الوطنية دفاعا عن معاني الاعتدال والوسطية.
كما أشار إلى أنه: «إذا كان الإعلام المصري قد أثبت أنه أعلام قوي قادر على الحشد خلف الوطن في معركة المصير التى خاضتها ثورة 1952، فثقتنا كاملة في أن أعلامنا سيثبت من جديد أنه على قدر المسؤولية في معركة الوجود التى تخوضها مصر والشعب ضد الإرهاب».
يفرد العدد صفحات خاصة للعلاقات المصرية العمانية نجد فيها صورة تاريخية لزيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى مسقط وفيها يستعرض حرس الشرف مع صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم- حفظه الله ورعاه-، عطفا على الصورة الرسمية لجلالته على كرسي الحكم والصورة الأولى تعود إلى العام 1977.
تحت عنوان «عمان اللؤلؤة المضيئة» تقول المصور: بالرغم من أن أربعة عقود من السنين لا تعد شيئا من عمر الشعوب والأمم، إلا أن تجربة عمان خلال خمسة وأربعين عاما، منذ أن تولى السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في عام 1970 حتى اليوم، تعد تجربة فريدة وثرية بالإنجازات داخليا وخارجيا فما تحقق خلال هذه الفترة… كان شيئا فريدا ولافتا للنظر يستحق الإشادة والتقييم واستخراج الدروس المستفادة من هذه الحقبة المهمة في تاريخ هذا البلد الشقيق.
تصف المصور في عددها صاحب الجلالة بأنه «حكيم العرب»، الذي قاد بلاده بسياسته الحكيمة إلى آفاق التقدم والديمقراطية في توازن دقيق وبفكر مستنير، ليجمع بين الأصالة والمعاصرة، تجربة وطن عربي شقيق تستحق الدراسة والتقييم والتحية.
رصدت المصور خلال التسعين عاما دور عمان السياسي في التضامن العربي ورأب الصدع العربي، وشهد العالم دور السلطان قابوس بن سعيد أثناء فترة التشرذم العربي، وقطع العلاقات بين الدول العربية ومصر بعد معاهدة السلام، التى أعادت مصر بقيادة الرئيس السادات، وسيناء بعد احتلال إسرائيل دام لسنوات طوال كاد يتحول إلى استيطان.. فتمسك السلطان قابوس بموقفه الشجاع الرافض لقطع العلاقات مع الشقيقة الكبري مصر، وظل ثابتا راسخا في موقفه، رغم كثرة السهام والمهاترات. وأثبتت الأيام بعد نظر قائد عمان وحنكته وحكمته، حتى استحق أن يطلق عليه حكيم العرب، حيث توالت مواقفه الحكيمة المتزنة في العديد من المواقف المعقدة، خاصة أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وأثناء حرب الخليج وغيرها من المواقف الحكيمة الشجاعة.
ماذا عن المصور… الرحلة والتاريخ؟
خرجت مجلة المصور للنور في أكتوبر عام 1924، في أعقاب زلزال ثورة 1919 ونفي زعيم الأمة سعد زغلول وأصحابه من الوفد المصري إلى جزيرة سيشل، كضرورة وطنية، وبعدها ظلت المصور تنفرد دون غيرها لسنوات طويلة بنشر الصورة الصحفية، التى تستحق أن يقال عنها أنها تساوي ألف كلمة، وتمنحها المساحة المعقولة، وفوق كل هذا تحتل الصفحة الأخيرة والغلاف عند الإعداد لهذا العدد التاريخي ـ تقول كلمة المصور ـ وقعنا أسرى لفلسفة المجلة الأولى، القائمة على مساحات واسعة من الصور مع القليل من الكلام وروعة الإخراج.
على صفحات هذا العدد التذكاري الثمين، يشاهد القارئ بعينيه صور ملوك ورؤساء وأصحاب جلالة وثوار وزعماء، انفردت المصور بهم في طفولتهم وصباهم، ورصدت انتصاراتهم وانكساراتهم، وأحداث وتقلبات الزمن، وثورات الشعوب، وحركة التاريخ.
إن دار الهلال وهي تقدم هذا الإصدار التذكاري بمناسبة مرور 90 عاما على صدور العدد الأول لها في عهد الملك فؤاد الأول ملك مصر والسودان، تغامر بفتح صندوق من كنزها الثمين، بعد أن توالت عليها الفصول والديون، وأصبحت مهددة بالإغلاق بين لحظة وأخرى.
والأيام دول، فقد كانت دار الهلال ومجلة المصور تحديدا، أملا للكثيرين، لدرجة أن كبرى الصحف القومية عرضت الانضواء تحت لوائها مطبوعة في زمن فكري باشا أباظة ورفضت دار الهلال.
يحمل العدد مقالات تذكارية لا تضيع من ذاكرة القارئ العربي، من عينة ما كتبه الزعيم الخالد جمال عبد الناصر عام 1962 بقلمه، تحت عنوان «نحن العرب لن نعيش عالة على الآخرين».
ومقال آخر للزعيم أنور السادات عنوانه «مع الفجر والناس نيام.. ذكريات وأسرار… عن قصة ثورة 1952 وكيف جرت ليلة 23 يوليو…» عدد لا غني عنه يؤرخ لمصر الحديثة من زمن محمد علي باشا الكبير (1805 ـ 1848) إلى زمن الرئيس عبد الفتاح السيسي.