حصاة ابن صلت بالحمراء تتعرض للعبث والتخريب

الحمراء – عبدالله بن محمد العبري –

تعد حصاة ابن صلت واحدة من الآثار التاريخية التي تميزت بها ولاية الحمراء وتحكي عبر التاريخ شجاعة الإنسان العماني وإقدامه على تحدي الصعاب في الوقت الذي يرى فيه الحاجة الى الشدة والقوة البارعة التي قلما يمتلكها إنسان سواء في وقته أم في وقتنا الحالي.

وهذه الحصاة تحدت قساوة الطبيعة وبقيت تحكي تاريخ عماني منذ 4000 سنة وعلى الرغم من أن موقع هذه الحصاة كانت في الماضي تبعد عن مركز الولاية بما يقارب خمسة كيلومترات أما الآن ومن خلال الزحف السكاني فقد أصبحت تبعد حوالي كيلومتر واحد فقط وهي تقبع شامخة وسط وادي الخوض ملتقى أودية الحمراء مجتمعة والمعروفة بغزارتها الا ان هذه الحصاة استطاعت الصمود في وجه مياه الأودية العاتية وهذا الموقع أيضا عند سفح قرن كدم الذي ينطوي أيضا على العديد من الآثار القديمة والتي من بينها حوض لتجميع مياه الأمطار في الماضي للاستفادة منه في وقت الحروب.

ان ما يميز هذه الحصاة إنها صخرة كبيرة شبه دائرية وترتفع حوالي ثلاثة أمتار عن قاع الوادي وتحيط بها أشجار الغاف والسدر والأراك من ثلاث جهات وهذا الموقع في حد ذاته الى جانب ما يحمله من عبق التاريخ فهو موقع سياحي الى حد كبير خصوصا عند استمرار جريان الأودية حيث انسيابية الأرض هناك وجميع مياه الأودية تنصب في هذا الموقع كما ان هذه الحصاة منفردة عن الجبل الذي يعتليه قرن كدم وتشتمل على رسومات لفرسان وخيول وكتابات تعود لعصور ما قبل التاريخ حيث يدل ذلك على استيطان الإنسان القديم في هذا الجزء من هذا الوطن الذي شهد من الأحداث والبطولات الكثير وطرد المعتدين.

ولهذه الحصاة رواية وقصة تسميتها يتناقلها الأجيال جيل بعد آخر والتي نسب تسميتها الى فارس من فرسان هذه الولاية اسمه صلت وكان رجلاً شجاعاً لا يقدر أحد على مبارزته وكان أعداؤه والمتربصون به كثر ولكي يتخلصون منه فكروا في حيلة للقبض عليه من خلال عرقلة حصانه الذي يمتطيه ثم الانقضاض عليه فقاموا بغمر الطريق الذي يسلكه بالمياه حتى تصبح وحلا وبالفعل دخل الفارس في ذلك الوحل ولم يستطع الخروج منه حتى خارت قدما الحصان وانغرست قوائمه في الوحل فما كان من ذلك الفارس إلا أن ترجل عن حصانه ودفعه بما أوتي من قوة وأخرجه من ذلك المأزق وكانت كل الأرض موحلة ولا يوجد أمامه مفر إلا أن يجتاز تلك الحصاة الضخمة لكونه كان محاصرا من جميع الجهات وعندما وصل الحصان الى تلك الحصاة انثنى عن تجاوزها وهنا أدرك الفارس انه واقع في الهلاك لا محالة ولكي يخلص الحصان فارسه رجع الى الخلف وانطلق بسرعة البرق واجتازها بعد أن ضرب برجله بالقرب من قمة هذه الحصاة حتى أحدثت حفرة لأثر ذلك الحصان وهي باقية، وفق الروايات المعروفة محليا، الى جانب الرسومات والكتابات القديمة وفي الجانب الغربي من الحصاة يوجد بها اللون الأحمر يقال انه دم الحصان الذي سال من رجله على قمتها بعد أن ضرب بها.

وبعد أن لاقت هذه الحصاة احترام الأجيال المتعاقبة والمحافظة عليها فقد طالتها يد العابثين في وقتنا الحاضر الشيء الذي أبدى معه المسؤولون والمواطنون استياءهم الشديد لما تعرضت له هذه الحصاة من العبث والتخريب. وكانت وسائل إعلامية إلكترونية قد طرحت الموضوع أمس وناقشته بشكل مثير.

وزارت «عمان» موقع الحصاة وتم الاطلاع على أوجه التخريب والعبث حيث قام العابثون بكتابة بعض العبارات على وجه هذه الحصاة ولمعرفة دور المسؤولين هنا للمحافظة على هذا المعلم الأثري كان لنا لقاء مع سعادة الشيخ مالك بن هلال العبري عضو مجلس الشورى حيث قال: هذا الموقع من المواقع التاريخية والأثرية المميزة ليس على مستوى الولاية فحسب ولكن على مستوى المواقع الأثرية في السلطنة لتاريخه القديم ورسوماته المميزة التي تنتظر فك رموزها ودلالاتها.

وقد بادرت منذ سنوات بمخاطبة معالي وزير السياحة لتطوير عدد من المواقع السياحية بالولاية ومنها موقع حصاة ابن صلت الأثري والذي يعود إلى آلاف السنين قبل اﻹسلام بعد أن لاحظت بعض التشويهات عليها وإهمال للمساحة المحيطة به وقد اعتذرت وزارة السياحة عن التدخل بحجة أن المواقع الأثرية تحت إشراف وزارة التراث والثقافة وقد قامت الوزارة بإحالة المطلب إليها.

ولكن وللأسف لم يتم أي تطوير أو اهتمام بالموقع الأثري وغرق في بحر النسيان والإهمال والعبث إلى جانب قسوة المناخ المتقلب.

ونحن ما زلنا ندعو إلى المسارعة في إنقاذ هذا الموقع وباقي المواقع الأثرية الأخرى بالولاية مثل حصن وادي غول وقلعة روغان والحارة القديمة بمسفاة العبريين والحارات القديمة بالولاية وذلك لما تتميز بها من مباني شامخة وصباحات حصينة وأبراج استراتيجية.

لتبقى مصدر فخر واعتزاز بتاريخ السلطنة الضارب بجذوره في عمق التاريخ البشري ومقومات سياحية جاذبة ورافدا للاقتصاد الوطني عبر الأجيال المتلاحقة.