د. ناصر الناعبي -
لكي لا يدان بريء أو يفلت مجرم من العقاب أحاطت التشريعات أطراف الدعوى بكثير من الضمانات الجوهرية وذلك خلال مراحل الدعوى، ومن ضمن هذه الضمانات حق الطعن في الأحكام الصادرة.
يشكل حق الطعن في الأحكام ضمانة قوية لحماية حقوق المتهم، حيث إن العدالة البشرية ليست مطلقة، فقد يصدر الحكم مقترناً بظلم أو مشوباً بعيب الخطأ، فالذي يصدر هذا الحكم بشر، وطالما أن الذي يحكم بين الناس هو بشر مثلهم، فهو غير معصوم من الخطأ والزلل والقصور، وذلك إما ناتج عن قصور في إمكانياته من الإحاطة الشاملة والمطلقة بجميع عناصر الدعوى، أو لتظليل بعض الأدلة له فإذا ما وقع ذلك وثبت الخطأ منه، فمن الأنجع تفاديه وإصلاحه بالطرق القانونية، ويأتي طريق الطعن في الحكم هو الوسيلة الناجحة التي تصورها المشرع لإصلاح ذلكم الخطأ القضائي، كما أن أطراف الدعوى قد لا يرتاحون لحكمه، ولهذه الأسباب وحرصاً من المشرع على حسن تطبيق القانون وضماناً لحقوق الأفراد في المجتمع وتحقيقاً للعدالة المنشودة فيه، فقد أوجد طرق الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم وذلك من أجل إعطاء المحكوم عليه الذي يشعر بالظلم من الحكم الصادر بحقه كذلك فرصة أخرى، لكي يعاد النظر في دعواه أمام محكمة أخرى غير التي نظرت دعواه، وأصدرت حكمها فيها والذي يشعر بالظلم منه.
وليس هذا فحسب بل إن الطعن في الأحكام القضائية يولد الثقة لدى القضاة أنفسهم وأطراف الدعوى كذلك في مجريات العدالة، وهو بدوره يؤثر على قوة الأحكام الصادرة، وبالتالي يتحقق الاستقرار القانوني وتقصي الحقيقة التي هي بنت البحث والتحري.
ولا شك أن هذه الفرصة الممنوحة للمحكوم عليه بالطعن في الحكم تتحقق وفق طرق قانونية رسمها المشرع، وثمة شروط يلزم توفرها في جميع طرق الطعن بعضها شكلي والآخر موضوعي، منها أنه لا يجوز الطعن إلا في الأحكام الفاصلة في النزاع، وكذلك أن يكون الطاعن خصماً في الدعوى، وأن تكون له مصلحة من رفع الطعن وفي تعديل الحكم الذي أضر به.