رايان كروكر ووليام لويرز وتوماس بيكرينج – ترجمة قاسم مكي -
واشنطن بوست -
يقول العرب في أمثالهم «اشتدي أزمة تنفرجي» أو «ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت». وما يؤكد صحة ذلك أن تقدم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا يشكل تهديدا للولايات المتحدة وفي الوقت ذاته يوضح الخيارات (الصحيحة) لصانعي السياسات في الولايات المتحدة. ولم يعد السؤال الذي يواجه الولايات المتحدة وإيران هو ما إذا كان عليهما أن يعملا معا ولكن كيف يفعلان ذلك. وفي ضوء عقود من عدم الثقة والعداء فإن التواصل بين البلدين يمكن تسهيله إلى حد كبير من خلال التوصل إلى اتفاق نووي شامل في المحادثات الجارية الآن في فِيينا. والفشل في ذلك لن يُخلِّف سوى خيارات سيئة. وإذا كان من اللازم احتواء (جماعة) الدولة الإسلامية فسيكون على الولايات المتحدة والبلدان الأخرى إعادة النظر في السياسات السابقة وضبط العداوات (بينها وبين هذه البلدان). وبالنسبة لإيران فإن تفكك العراق وإيجاد دولة إسلامية سنية أصولية في الجوار سيكونان كارثة. وعلى القادة الإيرانيين الآن أن يقرروا إمَّا الانضمام إلى الشيعة العراقيين في حرب طائفية دموية أو (بجانب استخدام القوة) العمل مع الآخرين لبناء عراق فيدرالي تتقاسم فيه الجماعات العرقية مسؤوليات ومنافع الدولة. وفي الأثناء، وبعد أعوام من الدعم غير المعلن للإسلاميين السنيين الأصوليين حول الشرق الأوسط، فقد صار من المحتم على الداعمين الاختيار بين إدانة الدولة الإسلامية، التي تشكل مهددا جادا لهم أيضا، أو الاستمرار في التأكيد على النزاع الطائفي مع الشيعة. وفي سوريا فإن خيار حكومة بشار الأسد هو إما توجيه قوتها العسكرية ضد الدولة الإسلامية أو مواصلة قتل مواطنيها السوريين. وليس هناك معنى بالنسبة للغرب لمساندة حربين (في الوقت ذاته) واحدة ضد الأسد وأخرى ضد الدولة الإسلامية. إن الأسد شرير. ولكنه بالتأكيد في هذه الحال أهون الشَّرَّين. ويبدو أن القيادة التركية قرَّرت مساندة العمل العسكري الكردي ضد الدولة الإسلامية. واختارت بذلك المخاطرة بتمكين الأكراد من الحصول على المزيد من الاستقلال لأن البديل هو نظام إسلامي أصولي على حدودها. وإسرائيل أيضا يلزمها إدراك أن هذه الفتنة الأصولية العنيفة تتطلب منها إعادة تعريف القوة الأجنبية التي تشكل أخطر تهديد لها. إن إيران والولايات المتحدة يتقاسمان المصالح في العراق وأفغانستان. وتستمد إيران دورا بارزا في البلدين من شبكتها الاستخبارية وهويتها الدينية ونفوذها السياسي وتاريخها وموقعها الجغرافي. وفي الوقت نفسه فإن القوة الجوية للولايات المتحدة وقواتها الخاصة ومستشاريها العسكريين وتاريخها القريب والتزامها بعدم إهدار الأرواح والأموال التي استثمرتها في كلا البلدين تشكل كلها أيضا عوامل تؤكد على دورها الكبير هناك. وفي حين أن محادثات مباشرة وهادئة قد أجريت حول العراق إلا أنه من الواجب حسم المفاوضات النووية قبل أن تتفق الولايات المتحدة وإيران على إجراء محادثات منتظمة حول هذا الموضوع. وأية محادثات من هذا النوع يجب أيضا أن تكون حساسة لردود فعل السنيين، خصوصا من هم في العراق ممن يبغضون إيران. ومن الواضح ان الجانبين كليهما ملتزمان ببذل أقصى جهد للوصول إلى اتفاق نووي بحلول العشرين من يوليو. إن اتفاقا جيدا هو الآن في متناول اليد. وعلى الرغم من التوقعات (السلبية) للعديد من المراقبين، فقد تحقق تقدم لافت. لقد استوفت إيران معظم المطالب التي تقدمت بها البلدان الستة المشتركة في المحادثات. وتعمل الأطراف المعنية على تأسيس إطار زمني عملي لإيران كي تمتثل للقيود المفروضة على برنامجها النووي تحت مراقبة وضمانات استثنائية. لقد كانت المفاوضات أكثر لطفا عما كان يمكن أن يتخيله أي أحد قبل عام. ولكن تفاصيل مهمة ربما تكون مقوضة للاتفاق وتتعلق بالحجم والمدى النهائي للبرنامج النووي الإيراني لاتزال غير محسومة. وإذا انهارت المفاوضات (وهذا احتمال وارد) فسيبعث ذلك مجددا شبح الصراع العسكرى ويؤدي إلى تفكك تحالف دولي ساهم في المجيء بإيران إلى طاولة الحوار. وسيستحيل حينها التواصل الثنائي بين البلدين. وسيتلاومان فيما بينهما. ومع تداعي التحالف الذي بنته الولايات المتحدة فإن إيران قد تنجح في بناء علاقاتها التجارية والسياسية الخاصة بها مع روسيا والصين وأوروبا الغربية. كما أن الفشل سيقوض آمال حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني. وقد يؤدي إلى إقصاء أولئك القادة الإيرانيين الذين سعوا إلى ترك حقبة أحمدي نجاد المصادم وراء ظهورهم. وقد يبدو تأسيس علاقة استراتيجية جديدة بين الولايات المتحدة وإيران مستحيلا وينطوي على مخاطرة. ولكن هذه العلاقة أيضا ضرورية وفي مصلحة كلا الطرفين. وفي حين أن إنشاء تحالف مسألة لايمكن التفكير فيها إلا أن العمل الموازي والمتفاهم حوله ضروري. ويقول مثل عربي آخر «حين يضيق الطريق فلا أخ لك حينئذ ولا صديق.» حقا، فمع دخولنا عهدا جديدا لصراع الشرق الأوسط يبدو الطريق ضيقا ومحفوفا بالقلق. ويلزم الولايات المتحدة أن تتعاون مع العديد من رفاق الطريق الغرباء. ولكن مع توصل طهران وواشنطن إلى الاتفاق النووي المطلوب واتخاذهما قرارات استراتيجية براجماتية، فسيكون هنالك سبيل للتقدم إلى الأمام.
* كروكر، سفير أمريكي سابق في العراق وأفغانستان وعميد مدرسة جورج بوش للحكم والخدمات العامة بجامعة تكساس أيه آند أم. لويرز، سفير سابق للولايات المتحدة في فنزويلا وشيكوسلوفاكيا ومدير مشروع إيران. بيكرينج، وكيل وزير الخارجية للشؤون السياسية من 1997 وحتي 2000 وسفير لدى الأمم المتحدة من 1989 وحتى 1992.