وأنتَ أيُّها الحبيبُ ..سعيدُ !

د. يسرية آل جميل -

مدخل :

يدخلون دائرة المفقودات

لتفقد الدُنيا كلها الأهمية بالنسبة لنا

فلا شيء من هذه الدُنيا

دونَ وجودِهم

نُريد ..

“كُل عامٍ و جُروحكم بخير“

إنها ليلةُ العيِدْ

تمرُّ على الدُنيا كلها

وتنسى كعادتها المُرورُ على مدينة قلبي الحَزينة

فأيُ عيدٍ ذلكَ

الذي ينتهي عهدُه بي دائماً

قبلَ أيامٍ من ليلةِ العِيد!

إنها الليلةُ الرُعبُ يا سيدي

تأتي وأنا ألملمُ مشاعري المُبعثرة

لأجدلها ضفيرةً في شَعرِ غيمةِ الأحزانِ

أجاهدُ معها لانتزاعِكَ مِن قلبي

لتثبت لي

أنكَ أكبر مِن النِسيانِ ذاته!

ها هي الليلةُ التي كُنتُ أخشاها تأتي

ولا أدري ماذا أكتبُ لك في مسائها

ولا ماذا أقول

فأي عيدٍ ذلكَ

الذي سيمرُ عليَّ دونَ أنْ

أسهر معك

على صوتك

نتحدث

حتـى تَعلو تكبيرات المآذن

(الله أكبر ..

الله أكبر ..

لا إله إلا الله)

أيُ عِيد !

أيُ عيدٍ ذلك

الذي يمضي من بين أيامي في سُكون

ويُصرُّ مَع كل مجيءٍ له أن يمنحني

الانكسار ..و الحُزن ..والضعف

ومُستقبلٌ أغفوُ بين كفيه

بلا ثوبٍ ولا عِطر

ولا حِناء عِيد.

أيُّ عيدٍ ذلكَ

الذي لا أستطيعُ أن أفرح فيه

ليلي ألمْ

وهاتفي لا يأتي بصوتِ الحبيب

غُرفتي باردة

كأنها قُضبانُ حبسٍ باردة

ألفظ أنفاسَ حنيني بينَ جدرانها

في ليلةِ العِيد

أيُّ عيدٍ ذلكَ

الذي لن أحرقَ فيه

قِطعَ العُودِ تحتَ ثيابكْ

قبلَ خُروجِكَ للصلاة

أيُّ عيدِ ذلك يا سيدي

الذي مازلتُ أحيا فيه على حُلمٍ قديم

لفارسٍ وجوادٍ

أبيضٍ ..عربيٍ.. أصيل

يحملني إلى عَالم الأميرات الصِغارِ

فأنتَ وحدك تعلم أن داخلي طفلةٌ

صغيرة جداً

كثيرةُ التعلُّق بكْ

الحنين إليك

الاشتياق حتى إلى

لُغة الصمتِ

في حضرتك

أيُّ عيدٍ ذلكَ

الذي يَنحرُ حُروفَ

السكاكِر والأمنيات

على شفتي

ويُلقي بها هامدةً

فوقَ أرصفة الطريق

أيُّ عِيد!

أعيادٌ تمرُ وراء بعض

ولا أدري ما الذي تغيَّر

العيد يأتي كل عام في موعده

لا يخذلنا

لا يتأخر عن موعد مروره

لكنه ما عاد بذات الطعم

حتى “ عساكم من عوَّاده “

ما عادت تُدخل السُرور إلى قلوبنا

الكُل مهمومٌ

مشغول

ألف قصة وقصة

تجعل لكلمة العيد مرارة في حلق البعض

وغصة لدى الآخر

أنا شخصياً ما عاد يُسعدني العيد

- سامحني يا الله على ذلك –

لكن العيد بالنسبة إلي

عبارة عن كُرسيٍ فارغ لشخص

كان وجوده يملأ علي الدُنيا

ثمَّ رَحل بلا عودة

ماعدت أهتم بتفاصيل العيد

ما عاد يُشغلني ثوب العيد

ما عادت حِناء العيد تُهمني نقوشها

ولا نوع العطر الذي سأملأ به الأجواء من حَولي

ما عادت “ أهلا بالعيد..”

تلك الأغنية القديمة الجميلة

التي تراقصت على نغماتها كُل بنات الحَي

تُطرب أوتار قلبي

قلبي المُمتلئ بالكثير

مازال يبحث لنفسه

عن مكانٍ خالٍ بين أجواء العيد

فهل سيمنحني هذا العيد

هذه الفُرصة

لأمنح أنا حياتي

من أول وجديد

معنى الفَرح الحقيقي

الذي غادرني منذ أزل!

رُبَّما..

إليه حيثُما كان

غدا العيد

ما أصعبهُ مِن نبأ

تتاهمس به نجومُ السماءِ

في أذني ..

غداً يا سيدي

سأنتظرك

في زاويةِ قلبي المحجوزة باسمك

لأبكي فوقَ صدرك

مِن كذبهم، ونفاقهم

بسخاء

وحتىَ ألقاك

كُل عامٍ وأنتَ أيها الحبيبُ ســَعيد .