محمد الشحري -
تمنح الاجراءات التي تتخذها الدولة فيما يتعلق بفتح ملفات الأراضي وإعادتها لملكية الدولة، ثقة المواطن في الأجهزة الرقابية والقضائية والتنفيذية، وما على المواطن في هذه الحالة إلا الوقوف خلف سيادة القانون داعما له في اتخاذ قراراته التي تحقق العدالة، العدالة ولا غيرها هي التي يجب أن تسود، ولذلك نعيد الكتابة عن الأراضي الممنوحة للملكيات الخاصة فردية كانت أم للشركات، مطالبين الجهات الحكومية بإيضاحات حول شواطئ مرباط الواقعة شرق المدينة، والممنوحة للاستثمار السياحي، والجهات الحكومية المعنية بالتوضيح هي (وزارة السياحة، ومكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار، ووزارة الاسكان)، فمن يطّلع على المجسم المُوضوع في فندق ماريوت (صلالة) بمرباط يكتشف مساحة الأرض المُعدة للاستثمار السياحي فيما يعرف بمنتجع شاطئ مرباط.
إن الأسئلة التي يجب أن توجه إلى الجهات الحكومية المعنية والمذكورة سابقا، هي عن الجهة التي منحت هذه المساحة الشاسعة للاستثمار الخاص، وماهي الضمانات الكفيلة بتحقيق العائد المادي والمعنوي على المجتمع دون التأثير السلبي على عاداته وتقاليده وقيمه الثقافية، والتي سيُفقد الجزء الكبير منها كارتباط الانسان بالمكان، والذي شكّل للأهالي مصدر رزق، وتمثل لهم كمتنفس لا ينافسهم فيه أحد، لكنه لن يظل كذلك حين يجد الفرد نفسه ملزما بالدفع لرؤية المكان الذي كان يوما ملكا عاما وللجميع.
إن الاستثمار السياحي الذي يهب الأراضي الشاسعة للملكيات الخاصة لا يعني استثمارا، بل هي محاولة لتكريس الفكر الليبرالي الاقتصادي عبر توسيع هامش حرية الفرد على حساب المجتمع، أي بمعنى تمكين رأس المال من التحكم في مصالح المواطن، وهذا ما لا يجب أن تسمح به الدولة، مهما برر المتمصلحون ربحية الدولة من ذلك، لأن الواقع يقول أن العائد المالي لن يذهب لخزينة الدولة بل إلى حساب أحد الأثرياء وإلى شركات أخرى دولية عابرة للحدود وللثقافات، أضف إلى ذلك فإن القطاع الخاص المعني بالسياحة في السلطنة لا يمتلك الإمكانيات في الاستثمار السياحي ادارة وتشغيلا – كما نرى- ، بل جل ما يفعله بعد الحصول على أرض من الدولة، هو إقامة عقار يؤجره لإحدى الشركات المتخصصة في أعمال الفندقة وإدارة المنشآت السياحية.
إن السياحة التي نأمل منها المساهمة في الدخل القومي، ليست سياحة تأجير المباني والأراضي، بل السياحة القائمة على الثقافة المحلية المراعية لمشاعر المجتمع، وتحترم قناعاته في عناصر الجذب والتسويق السياحي، وتهدف إلى جعل المواطن عنصرا أساسيا، في التخطيط لبرامجها وفي المردود النفعي الذي يتحصل عليه المواطن من السياحة، وهي شروط لم تتحقق إلى الآن على أرض الواقع في المجتمعات التي قامت فيها المنتجعات السياحية.
ولهذا فإن على الحكومة إعادة التفكير في الأراضي الممنوحة للاستثمار في منتجع شاطئ مرباط، عبر تخصيص مساحة معقولة للمنشآت السياحية، وتخصيص مساحات أخرى للمواطنين والسياح القادمين إلى شواطئ مرباط، فالكل يعرف أن تلك الشواطئ أصبحت مقصدا للشباب والأسر في العطل الاسبوعية للتنزه والترفيه، بالإضافة إلى ذلك فإن الحكومة مطالبة أيضا بإعطاء الأولية للمجتمع المحلي في السلطنة بشكل عام، وفي ولاية مرباط بشكل خاص، للاستفادة من المشاريع السياحية التي تقام في الولايات، كتشجيع المواطنين على تأسيس شركة أهلية تتحصل على الدعم المادي من المواطنين المساهمين، ومن صندوق الرفد، لتمويل مشاريع سياحية ولتكن إقامة عقارات على مساحة محدود وتؤجر لاحقا للشركات السياحية المتخصصة في إدارة الفندق والمنتجعات السياحية، كما تفعل الشركات الخاصة المحلية، لكي يكون المواطن شريكا في العمل مساهمةً وانتاجاً في القطاع السياحي، وبذلك يستفيد المجتمع المحلي من السياحة دون التفريط بأراضي الدولة، ودون فرض السياحة كأمر واقع على حياة المواطن وعلى قيم المجتمع.