الجزائر – «أ.ف.ب»: اتلفت السلطات الجزائرية قبل اسابيع اكثر من 1.5 مليون اسطوانة مقرصنة، ضبطت خلال مداهمة “مصانع” تنتج عشرات الالاف منها يوميا، في ظاهرة تكاد تقضي على الانتاج الموسيقي في بلد موسيقى الراي.
ويقول مدير ديوان حقوق المؤلف والحقوق المجاورة سامي بن الشيخ الحسين ان “هناك “مخابر” لانتاج الاقراص المدمجة المقرصنة بكميات صناعية والكميات التي نضبطها في كل عملية لم تعد بالمئات او بالالاف بل بعشرات الالاف”.
ويؤكد “نحن نضبط في كل عملية 40 الى 50 الف قرص”. وآخر عملية بهذا الحجم حصلت قبل شهرين حين داهمت قوات الشرطة والدرك واعوان ديوان حقوق التأليف “مخبرا” لانتاج الاقراص المدمجة في حي المدينة الجديدة الشعبي في وسط وهران (43 كلم غرب الجزائر) بناء على معلومات تقدم بها احد باعة الاقراص المنسوخة في الشارع.
وعثرت قوات الامن هناك على 18 آلة ناسخة للاقراص المضغوطة يمكن ان تنتج 25 الف قرص في اليوم، على ما اوضح بن الشيخ الحسين.
وفي وهران عاصمة اغنية الراي من الطبيعي ان يكون ملك هذا النوع الموسيقي الشاب خالد واميرها الشاب مامي والنجم الذي فرض نفسه في السنوات الاخيرة الشاب بلال، اكثر المغنين ضحايا للقرصنة.
ورغم ان الشاب خالد لا ينتج البوماته في الجزائر الا انها تباع بشكل كبير فيها “وكلها مقرصنة”. واشهر هذه الالبومات “سي لا في”(هذه هي الحياة) الذي لقي نجاحا كبيرا عبر العالم منذ صدوره في 2012.
وقال الشاب خالد لوكالة فرنس برس “انا لدي عقد مع شركة +يونيفرسال+ ولا يمكنني توقيع عقد آخر مع شركة اخرى، واؤكد ان كل ما ينتج في الجزائر مقرصن وغير قانوني”. واكد “انا اتعرض للقرصنة منذ 40 سنة..منذ اصدرت اول اغنية لي في 1974″ و”المنتجون يستغلون الفنانين المحليين، فهم يبيعون اضعاف ما يعلنونه”.
واوضح ملك الراي “حضرت آخر مرة الى الجزائر لما تم تلف 1.5 مليون قرص ولاحظت ان كمية كبيرة من هذه الاقراص هي البوماتي وخاصة منها البوم «سي لا في»”. واضاف” انا جداً مسرور بما شاهدته واستطيع القول اننا اصبحنا مثالا يقتدى به في دول العالم الثالث”.
وبحسب صفحة الشاب خالد على موقع “يونيفرسال” فان ملك الراي باع اكثر من عشرة ملايين اسطوانة في العالم قبل اصدار البوم “سي لا في”.
اما في الجزائر فان الشاب بلال يحتل ساحة اغنية الراي التي تصدر بشكل “قانوني” في الوقت الحالي، فهو باع خلال السنوات الخمس الماضية 3,2 ملايين اسطوانة اي بمعدل 600 الف في السنة من دون احتساب النسخ المقرصنة، بحسب ديوان حقوق التاليف. القرصنة تكاد توقف الانتاج تماما في الجزائر والمنتجون يرفضون المغامرة باخراج البوم ستتم قرصنته قبل ان ينزل الى السوق. واذا كان الشاب خالد وبلال يحققان مبيعات كبيرة في الخارج تجعل تاثير القرصنة على منتجاتهما اقل ضررا الا ان مطربين محليين “يعانون البطالة”، وعدد هؤلاء يفوق 2600 مطرب.
المطرب عبد العزيز بنزينة هو احد اعمدة الاغنية الاندلسية (المالوف) وقد حقق شهرة كبيرة في السنوات الماضية خصوصا مع اغنية “راني نحبك يا سارة” و”صالح باي” في 2009. وهو قال لوكالة فرانس برس ” لم اجن من نجاح اغاني الا الشهرة.. اما المبيعات فلا اعرف اصلا حجمها”.
واضاف “الفنانون يعانون البطالة والقرصنة تكاد تقتل الفن وانا شخصيا افكر احيانا في التوقف عن الغناء”.
واشادت المنظمة العالمية لحقوق التأليف بجهود الجزائر في مجال محاربة القرصنة اذ انتقلت من نسبة 80 % الى اقل من 40 % في الثلاث سنوات الاخيرة، بحسب ديوان حقوق التاليف. واكد مدير هذه الهيئة ان “الجزائر قامت بخطوات عملاقة فنحن نتحرك في العمق للوصول الى المنتجين الحقيقيين وليس الباعة في الطرقات”.
وافاد مصدر قضائي ان عدد القضايا المتعلقة بالقرصنة بلغ 170 قضية تنتظر البت بها خلال العام 2013 وحده. وصدر في 2009 قانون يمنع تحميل المنتجات الفنية عبر الشبكة العنكبوتية، ويحمل مسؤولية مراقبة ذلك لمزودي خدمة الانترنت. الا ان هذا القانون لم يطبق على ارض الواقع لعدم صدور النصوص التطبيقية له.
واضافة الى قرصنة الاغاني، يواجه ديوان حقوق المؤلف مشكلة مع القنوات الفضائية التي تعمل في الجزائر لكنها تبث من الخارج.
وتعرض هذه القنوات اخر افلام هوليوود، بمجرد صدورها في الولايات المتحدة، وتتفوق في بعض الاحيان على القنوات الاوروبية. ومصدر هذه الافلام هو القرصنة.
ويمكن الحصول على اخر انتاجات السينما والموسيقى العالمية في شوارع العاصمة الجزائرية بنوعية جيدة، وهؤلاء الباعة قليلا ما يتعرضون للمضايقة “لان جهود مصالح الامن مركزة اكثر على المنتجين الكبار”، على ما اكد مصدر امني.
وتسعى الجزائر منذ 2001 للانضمام الى المنظمة العالمية للتجارة، ومن بين معوقات ذلك “حماية الملكية الفكرية ومحاربة القرصنة”.