في الوقت الذي مثلت فيه الزيارة التي قام بها للسلطنة جلالة الملك خوان كارلوس الأول ملك مملكة أسبانيا للسلطنة “نقطة تحول” لتوثيق وتوسيع وتعميق العلاقات العمانية الأسبانية، في مختلف المجالات، سواء بما تحظى به هذه العلاقات من دعم قوي من جانب عاهلي البلدين، أو بما تمخضت عنه من نتائج واتفاقيات، تعمق مسيرة هذه العلاقات، فإن ما أشار إليه العاهل الأسباني خلال لقائه مع عدد من رجال الأعمال العمانيين والأسبان، من أن “السلطنة جسر للتواصل بين آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا.. وأنها حظيت باحترام العالم لها لما تحققه في المنطقة من سلام وأمان بفعل التعامل الحضاري بين الامم” ينطوي على الكثير من الدلالة، ليس فقط على صعيد العلاقات الثنائية بين الدولتين والشعبين الصديقين، ولكن أيضا على مستوى علاقات السلطنة مع العالم من حولها، وما يمكن لها استثماره في هذا المجال، خاصة أنه من المعروف أن ما تتمتع به الدولة من احترام ومصداقية وسمعة طيبة– وهو ما توفره السياسة الحكيمة لجلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه– لا يتوقف أثرها على الجوانب السياسية أو الأدبية في العلاقات مع الدول الأخرى، ولكنه يمتد بالضرورة إلى الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، بما في ذلك الثقة في المنتجات التي تحمل علامة “صنع في عمان”، والأمثلة في هذا المجال عديدة، وفي قطاعات اقتصادية مختلفة.
وفي هذا الإطار فإنه في حين تنطلق العلاقات العمانية الأسبانية إلى تعاون أوثق، فإنه ليس مصادفة أن تحظى المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم- كمنطقة استثمارية واعدة- باهتمام إقليمي ودولي كبير، وفي الوقت ذاته استطاعت شركة النفط العمانية للمصافي والصناعات البترولية “أوربك” التوقيع على اتفاقية تمويل بقيمة 8.2 مليار دولار مع 21 مؤسسة مالية عمانية وخليجية وعربية لتمويل عدد من مشروعات الشركة، بما فيها مشروع تطوير مصفاة صحار ورفع كفاءتها عما هى عليه الآن. يضاف إلى ذلك التوقيع على اتفاقية مشروع إنشاء مصنع لتجميع حافلات الركاب بأنواعها المختلفة، وهو المشروع الذي سيقام في المنطقة الصناعية في المضيبي بمحافظة شمال الشرقية بتكلفة 160 مليون دولار، وذلك بالتعاون بين السلطنة ودولة قطر الشقيقة، ويشكل هذا المشروع امتدادا واستمرارا لتعاون مثمر بين الدولتين الشقيقتين في مجالات عديدة، إنتاجية وخدمية وسياحية وغيرها.
واذا كان ما تتمتع به السلطنة من علاقات طيبة ومكانة وثقة، على كل المستويات الخليجية والعربية والدولية يعد عنصرا مهما وأساسيا لتحقيق مزيد من التقدم والازدهار، فإن استكمال الاستراتيجية الوطنية للخدمات اللوجستية بالسلطنة (2014 – 2040) من شأنه الاستفادة، ليس فقط بالموقع الحيوي المتميز للسلطنة، وبما ستوفره الاستراتيجية من تسهيلات وتكامل في عمليات الشحن والتفريغ والتوزيع عبر الموانئ العمانية، ولكن أيضا بعلاقات السلطنة وبالثقة في جدية مشروعاتها، والتزام منتجاتها التي تحمل علامة “صنع في عمان” بمستويات الجودة، وأعلى درجات الكفاءة، وهو أمر حرصت وتحرص عليه السلطنة لأنه يشكل أحد عناصر النجاح والتقدم والازدهار التي لا يمكن الاستغناء عنها.