استعادة موسيقى قدماء المصريين في عروض أوبرالية بالأقصر

الدراسات تكشف اهتمام الفراعنة بالإيقاعات الراقصة -

الأقصر( مصر) – (د ب أ): في صورة لما كان يجري من عروض غنائية وموسيقية لقدماء المصريين قبل آلاف السنين، وفى نفس المكان الذي شهد عروض أوبرا عايدة في معبد الأقصر عام 1987، اقيمت في معبد الأقصر التاريخي عروض موسيقية أوبرالية، قدم خلالها فنانون وعازفون وعازفات مصريات مقاطع من موسيقات أوبرا عايدة للموسيقار الايطالي جوزيبي فيردى، ومقتطفات من عروض أوبرالية ارتبطت بمصر وتاريخها وآثارها.

جاء ذلك في احتفالية مساء أمس الأول استمرت حتى الساعات الاولى من صباح أمس اتسمت بسحر وغموض الفراعنة، وسط حضور حاشد من الشخصيات المحلية والدولية المعنية بالسياحة وعلوم المصريات يتقدمهم وزيرا الآثار والسياحة بمصر ومحافظ الأقصر وسفراء من بلدان أوروبا واسيا وأمريكا اللاتينية، ليستعيد جمهور تلك العروض المبهرة التي قدمت وسط معالم معبد الأقصر الشاهقة، ضمن فعاليات الاحتفال بافتتاح النسخة المقلدة من مقبرة الملك توت عنخ آمون صورا لما كانت تشهده معابد مصر الفرعونية في الأقصر والكرنك وغيرها من المناطق التاريخية من عروض فنية وموسيقية قبل آلاف السنين.

وكما شهدت عروض أمس عازفات مصريات، فان نقوش ورسوم المقابر والمعابد الفرعونية تسجل صورا مماثلة لعازفات مصريات، يقمن بعزف مقطوعات موسيقية وسط أجواء احتفالية مبهرة، كان يشارك فيها حشود من قدماء المصريين يتقدمهم الملوك والملكات والنبلاء والأشراف.

وازدهرت الفنون والمعرفة في الحضارة المصرية القديمة، وتقدمت على كثير من الحضارات الأخرى، وكانت بما حوته من رقي ومدنية بمثابة مركز إشعاع حضاري في كافة العلوم والفنون والثقافة، فمنها انبثق فجر الحضارة والمدنية في العالم أجمع.

وكما تقول الباحثة المصرية نجلاء عبد العال الصادق فان “الأثريين وعلماء المصريات تمكنوا من الكشف عن مجموعة من الآثار الموسيقية التي تم العثور عليها في المعابد ومقابر الملوك وكبار رجال الدين والدولة مثل الآلات الموسيقية والجداريات الخاصة ومشاهد الموسيقى والغناء والرقص في تأكيد لريادة المصريين لفنون الموسيقى ، بقدر ريادتهم للكثير من العلوم الأخرى مثل الفلك والطب”.

وتشير الباحثة بمركز ايزيس للدراسات والبحوث في مدينة الأقصر التاريخية بصعيد مصر إلى أن اهتمام ورعاية ملوك وملكات الفراعنة وكهنة المعابد بالموسيقى كان له الأثر الكبير في ازدهار الموسيقى بمصر الفرعونية، وانتشار فنونها بين كافة طبقات المجتمع، “وكانت الأعياد مناسبة لديهم لإقامة أفراح عظيمة تغنى فيها أناشيد جماعية تنشدها النبيلات المشتركات في المواكب مع أصوات القيثارات وأغاني الغرام والأناشيد المصاحبة لحركات الرقص”.

وترى الباحثة شيرين النجار مديرة مركز ايزيس للبحوث والدراسات أن رجال الدين في مصر الفرعونية كانوا يرون للموسيقى دورا اساسيا في اثبات الشعور الديني داخل بيوت العبادة وبذلك نالت الموسيقى قداسة المعبد

وأضافت: “كما كان لهذا التراث دور هام في حياتهم الدنيوية حيث شاركت الموسيقى والغناء والرقص في شتى مناسبات الحياة الاجتماعية مما اثرى تراث الأدب الشعبي من عادات وتقاليد وأنماط للسلوك شملت مختلف طبقات المجتمع المصري القديم بدءا بالملك الفرعون وحتى فئات الطبقات الدنيا ولا تقتصر أهميته على المصريين المحدثين فقط بل يشغل اهتمام كثير من المجتمعات والشعوب في جميع انحاء العالم”.

والمثير أن كثيرين ممن شهدوا العروض الأوبرالية في معبد الأقصر أمس الأول، والذين ينتمون لثقافات ولغات شتى، قد انبهروا بالموسيقى وصفقوا بحرارة للفرقة الموسيقية الأوبرالية في تأكيد على عالمية لغة الموسيقى كأحد أصول التعارف والتواصل بين الثقافات والحضارات وأحد جسور التفاهم الهامة بين الشعوب، وهو ما جعل وزير السياحة المصري هشام زعزوع ومحافظ الأقصر اللواء طارق سعد الدين يعلنان عن مساع مشتركة لإعادة عروض أوبرا عايدة مجددا إلى أحضان معابد الأقصر الفرعونية التي شهدت عروضا مبهرة لأوبرا عايدة داخل معبد الأقصر في عام 1987، وفي ساحة معبد الملكة حتشيبسوت في عام 1997.