في زاوية حديث القدس كتبت الصحيفة مقالا بعنوان: العقوبات الإسرائيلية الدائمة والعارضة، جاء فيه: بدأت الحكومة الإسرائيلية في فرض عقوبات على الفلسطينيين خلال اليومين الماضيين، وكانت العقوبة الأولى، كالعادة هي وقف تحويل أموال الضرائب الفلسطينية- وهي أموال تجبى على واردات السلع المستوردة للأراضي الفلسطينية، وبالتالي فإن ما قامت به إسرائيل ليس إلا سرقة وسطو بالقوة على هذه الأموال، التي تشكل العمود الفقري لمدفوعات الرواتب لمستخدمي السلطة الفلسطينية، ومستحقات الشركات والقطاعات الخاصة والعامة التي تتعامل مع الحكومة الفلسطينية.
هذه العقوبة التي تستخدمها إسرائيل بشكل موسمي وعارض كلما أرادت ابتزاز الحكومة الفلسطينية أو الضغط عليها، حتى لا نقول معاقبتها،على قرارات سيادية تتخذها، تمس بشكل واسع بالشعب الفلسطيني كله، ومن هنا فهي عقوبة جماعية وجريمة ضد الإنسانية، لأن المتضرر من فرضها هم مئات الآلاف من أبناء شعبنا، بالإضافة لكونها عملية سلب وسطو بالقوة على أموال فلسطينية، والمفروض أن يتعامل معها المجتمع الدولي على هذا الأساس.
ولدى السلطات الإسرائيلية “بنك عقوبات” تفرضها على الشعب الفلسطيني وعلى السلطة الفلسطينية. غير أن العقوبات الدائمة التي يعانيها الشعب الفلسطيني منذ الاحتلال عام ١٩٦٧ يتصدرها الاحتلال نفسه. وهو احتلال شرس وإحلالي استيطاني هدفه تهويد الأراضي الفلسطينية، وتفريغها من أصحابها الشرعيين.
والاستيطان هو العقوبة الثانية حيث تقام على الأراضي المحتلة مستوطنات تتسع وتمتد لتبتلع أراضي الفلسطينيين، وتمنع التواصل الجغرافي بين مدنهم وقراهم. هذا في الوقت الذي توفر فيه الطرق الالتفافية، المقامة على أراض فلسطينية هي الأخرى، وسائل المواصلات للمستوطنين فيما بين مستوطناتهم من ناحية، وإسرائيل داخل الخط الأخضر من الناحية الأخرى. والعنف الاستيطاني ضد المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم وحرياتهم في زرع حقولهم وجني محاصيلها عقوبة دائمة ثالثة. وهناك هامش حرية لقطعان المستوطنين في ممارسة هذا العنف ويتمثل هذا الهامش في تساهل السلطات الإسرائيلية مع عنف المستوطنين، ووجود ازدواجية قانونية في الأراضي المحتلة بين قانون مدني متساهل للتعامل مع المستوطنين، وقانون عسكري متشدد آخر يلاحق الفلسطينيين دون هوادة وتصادر بموجبه الأراضي الفلسطينية بجرة قلم، وبقرارات عسكرية صارمة.
وهدم المنازل تحت ذريعة عدم الترخيص في القدس، وبحجة وقوع بعض المباني في المنطقة (ج) في الضفة الغربية عقوبة دائمة تفرضها إسرائيل بشكل روتيني. وقبل أيام جددت السلطات الإسرائيلية أوامر منع البناء في المنطقة (ج)، ومع أن هذا المنع كان مطبقا جزئيا قبل اتفاق المصالحة الفلسطينية، فإن تجديده قبل أيام يتساوق مع الضغوط الإسرائيلية لابتزاز السلطة الفلسطينية، وحفزها على التنصل من المصالحة، والعودة للمفاوضات العبثية الأبدية مع إسرائيل.
والتعامل مع العقوبات الإسرائيلية العارضة والدائمة يتطلب تفعيل التحرك الفلسطيني للانضمام إلى الهيئات القضائية الدولية، وهي التي تمتلك الآليات لوضع حد لهذه العقوبات، والضغط على إسرائيل لإنهاء الاحتلال، وكل ممارساته وعقوباته التي يعاني منها الفلسطينيون منذ سبعة وأربعين عاما.


