نصرة المستضعفين في غزة

ما جاء الإسلام إلا ليقيم القسط وينشر العدل ويعين الضعيف وينتشل المستضعف من استبداد المستبد واستكبار المتغطرس، لذلك ساد العدل لما حُكم بشرع الله، وآنس الناس راحة واطمئنانا بل إن الذين استظلوا بظل الإسلام عرفوا حقه وآمنوا به وصدقوه واتبعوا النور الذي أنزل معه، قال تعالى: «ولَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ، وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ، أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ».

لقد أدركوا أن الإسلام ليس نظريات تسطر فحسب، ولا شعارات براقة تكتب فارغة من التطبيق على أرض الواقع بل هو عمل دؤوب لا ينقطع، ومنهج واضح لا التواء فيها ولا تحيز، فالقول لا ينفع صاحبه إن لم يصادف عملا على أرض الواقع، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ». فخيرية الأمة لم تأت من قوم صرخوا ومرغوا أنوفهم بالتراب بل أتت من قوم غيروا واقعهم وتحملوا المصائب في سبيل تبليغ دعوة الله تعالى للعالمين، قال تعالى:» الم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ، أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ، مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ».

فخيرية الأمة في الإيمان بالله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ»، لذلك وجب على الأمة أن تنصح نفسها ومطالبة أيضا أن توجه وعظها لغيرها قدر استطاعتها، وأن تساعد المستضعفين من حولها أيا كان دينهم وعقيدتهم، فهي أمة مستخلفة هكذا هي إرادة الله أن جعل الخلافة في أيدي عباده الصالحين من قبل ومن بعد، فكانت أمة محمد صلى الله عليه وسلم قد استلمت الخلافة منذ عهد نبينا صلى الله عليه وسلم وما زالت مطالبة بأن تفعّل هذه الخلافة كما فعلها الأجيال الأولى والصحابة الكرام، لتكون سيدة العالم تأمر وتنهى وفق أوامر الله تعالى وشرعه، قال تعالى عن خلافة آدم:» وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ»، وقال عن إبراهيم الخليل:»وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ»، وقد أكد الله أن الاستخلاف لا يكون إلا لعباد الله الصالحين، قال تعالى: «وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ، إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ»، ثم قال عن نبينا محمد أنه ما أرسل إلا رحمة للعالمين، قال تعالى:»وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»، وأكد القرآن على خلافة سيدنا محمد، وأتباعه تبع لنبيهم، قال تعالى:»آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ».

فالخلافة مسؤولية عظمى ومهمة جديرة بالاهتمام وبذل الوسع، ولا سيما بعد ما ارتضى الإنسان حمل هذه الأمانة وأخذها بجدرة فلا يجوز له أن ينكث مع من نكث، قال تعالى: «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا، لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا».

لذلك حري بالإنسان أن يتمسك بالخلافة وأن يتبع الحق أينما توجه، ويؤمن برسالة خاتم النبيين فهي طريق النجاة والسلامة ولا سيما بعدما نسخت الشرائع السابقة بسبب تحريفها وطول الشقة والعهد بينها وبين أتباعها، فلا رسالة صالحة اليوم إلا ما نبعت من رسالة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم قال تعالى:» وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ».

فإذا كنا نحن الأناسي يلزمنا أن نتبع الحق أينما كان وقد ثبت أن الحق مع رسالة الإسلام السمحة التي دعت إلى مكارم الأخلاق والالتزام بالقيم المثلى والصفات السامقة فجدير بنا أن نكون أهل قرار في هذا العالم المترامي الأطراف وأن ننبذ الخلافات جانبا فهناك أمم على الأرض تنتظر الخلاص ولكن كيف نخلصها ونحن قد وقعنا في شباك البغضاء والشحناء فهلا وحدنا صفوفنا وجمعنا شملنا فتلك قيم دعانا إليها ديننا الحق الذي عرفناه وما زلنا نصرخ بتلك القيم ليل نهار، قال تعالى:» وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ، وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ».

إن حضارتنا التي ظلت سنين عديدة لا بد لها أن تنهض كما كانت فتلك حضارة استمدت قيمها من رب العالمين فلا يمكن أن تذبل أو تموت أبدا ولكن علينا أن نعيد واقعنا ونوحد صفوفنا وفق قيم إسلامنا وبوسائل عصرنا المتنوعة والمتباينة في آن واحد فما لم نستفد من طرق الآخرين وأطروحاتهم فلن نستطيع جعل رسالتنا عالمية فقد ربطها الله تعالى بالتغيير من قبلنا، قال تعالى:» إن الله لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ».

فيجب أن يكون التغيير في الاستمساك الكامل بقيمنا الإسلامية فلا يجوز لنا أن نأخذ بعضها ونترك الآخر فالإسلام كل لا يتجزأ، قال تعالى منكرا على أهل الكتاب أخذهم الأمور هوى: «وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ، ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ».

وهذا ما يحدث اليوم في واقعنا يشتد بعض المسلمين على بعض ويتحكمون في رقاب الخلق فيكفرون هذا من أجل قول رءاه أو اتبعه أو مسألة وافق فيها غيره أو من أجل اتباعه لمذهب لا تتوافق جميع آرائه مع مذهبه فتلك والله طامة كبرى أن يكون الولاء للمذهب أو القبيلة ويذهب الإسلام في مهب الرياح.. فما هذه العقيدة التي لا تربط المسلمين بعضهم ببعض؟ للدولة التزام وللقبيلة التزم ولكن أيجوز أن نترك أخانا يقتل في شرق العالم وغربها ونقول: ذلك حزب لا ينبغي أن يساعد وأولئك أناس لا يستحقون التقدير ماذا دهاك يا رجل؟! الإسلام علمنا أن الخلاف رحمة وإثراء للفكر أتريد من الجميع أن يكون مثلك في الشكل واللون والفكر تلك خسارة والله وضرب من ضروب المستحيل، لا يعقل أن تتوحد الأفهام في كل شيء، ولا يجوز لنا أن نقصي الآخر ولا أن نفرض برامجنا على الكل فاختلاف الفهم سنة كونية فهلا استثمرناها لما يصلح حالنا ويزيد من تفوقنا، ولنا في نبينا صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة فقد علمنا منهج الخلاف، فقد ورد في الرواية عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَادَى فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ انْصَرَفَ عَنْ الْأَحْزَابِ أَنْ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَتَخَوَّفَ نَاسٌ فَوْتَ الْوَقْتِ فَصَلَّوْا دُونَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَقَالَ آخَرُونَ لَا نُصَلِّي إِلَّا حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ فَاتَنَا الْوَقْتُ قَالَ فَمَا عَنَّفَ وَاحِدًا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ». فالاختلاف نعمة وإيجابية يجب أن تستثمر في الخير فكل مذهب إسلامي -على سبيل المثال- له ميزات وأحكام فرعية لا توجد عند الآخر من المذاهب علما بأن الاتفاق والتكامل يفوق الاختلاف والتباين بكثير.

فاختلاف الأفهام التي تستمد من منهج واحد فيها من الفوائد ما لا يوجد في غيرها فنحن نعبد إلها واحدا ونتبع رسالة نبي واحد ونؤمن جميعنا بأركان الإسلام والإيمان، وتأريخنا واحد مشترك فمعنا من وسائل الترابط والتلاحم ما يفوق التصور لذلك حري بنا أن نظهر ذلك لأجيالنا لعلها تعي أن التنوع مظهر من مظاهر الإيجاب والتفوق وأن التباين مدعاة إلى التحسن والوصول إلى الحق والطريق المستقيم ولولا التمايز لما ظهر الحق ولما عرف العارفون الخلل فلنشمر عن ساعد الجد، ولندع أهلنا وكل من حولنا أننا لن نتقدم ما لم نع واقعنا ونعرف أن اتحادنا سر تفوقنا، قال تعالى:» أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ».

إن هذا التراص يجب أن يكون اليوم أكثر من الماضي لأننا نشهد صراعا حادا بين المسلمين فها هم إخوتنا في العراق والشام واليمن وليبيا وغيرها من الأقطار يعانون الأمرين، وقعوا بين فكي كماشة بين ظلم الحاكم وضيق الأفق لذلك لا نجاة لنا إلا بلملمة الجراحات وبث روح التسامح بين الجميع لنأمن من ويلات التعصب والتمذهب ولنتفرغ لعدونا الجاثم في أراضينا ولا سيما الصهاينة الحاقدون الذين عاشوا من قبل وما زالوا يعيثون فسادا في الأرض المباركة فلسطين وها هم اليوم يستحلون حرمة أهلنا في غزة فيقصفونها برا وجوا وبحرا سيلا من الصواريخ والمتفجرات فهلاكنا وحدة واحدة ننتقم من شر أتانا؟ ونتخلص من حفنة من البشر أبت إلا نشر الفتنة بين ظهرانينا؟.

ديننا يأمرنا أن ننتصر لإخوتنا في غزة بكل ما نملك من سلاح ومال ورفع للحصار، قال تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ» كلمة (قوة) جاءت نكرة مؤكدة أننا يلزمنا أن نعد أي قوة سواء كانت سلاحا أو مالا أو اقتصادا أو إعلاما فالقوة تشمل كل ما يعين المسلم على الانتصار ويمكنه من الفوز على عدوه فواجبنا اتجاه إخوتنا أن نتحرك بكل ما نملك من قدرة.

ولا ينبغي أن يقف الدعم على الدعاء والصراخ في وسائل الإعلام فحسب بل يتعدى ذلك إلى دعم بالمال والنفس، وجهاد المال فهو جهاد وأي جهاد لأنه به يحصل المجاهد على قوته ويعينه على شراء عدته، ويكفيه مؤونة أهله وولده فلله در من شارك في جمع التبرعات لأهلنا في غزة وشكرا لصاحب المبادرة العمانية الأهلية لنصرة غزة وشكرا للهيئة العمانية لقيامهما بجمع التبرعات في بلدنا المعطاء عمان.

ولا يستصغرن أحدكم الجهاد بالمال فهو مقدم في القرآن على الجهاد بالنفس لأن جهاد المال يمكن أن يقوم به القاعد والقائم، المريض والصحيح، المسافر والمقيم، البعيد والقريب أما جهاد النفس فقد تمنعه الحدود من الوصول أو المرض أو السفر لذلك قدم المال على النفس فما أعظم من جمع المال قاصدا الجهاد، قال تعالى:» لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا، دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا»، وقال أيضا: «إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ»، وقال: «الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ»، وقال: «لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ، إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ، وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ»، وقال: «فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ»، وقال: «لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»، وقال: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ».

فها هي غزة تنادينا لمساعدتها بعد ما دمرتها الصهاينة وتدعونا لنصرتها بالدعاء والتضرع إلى الله وعونها بالمال فهو سلاح المقاومة الفتاك، يجب علينا أن نصطف مع إخوتنا ونحس بإحساسهم ونشعر بضيقهم وظمئهم ونشر قضيتهم أمام العالمين ليقف معنا العالم بأسره، ويدرك أن غزة وفلسطين من حقهم أن يعيشوا كما يعيش الناس.

دعمنا لإخواننا قد يعزز انتصاراتهم الباهرة فقد أثبتوا للعالم أجمع أنهم أبطال لا يحتاجون إلا الدعم الكافي، فقد بذلوا جهدهم في التعليم والتدريب فصنعوا طائرات بلا طيار وقنابل يدوية وحفروا الأنفاق وباعوا نفوسهم رخيصة في سبيل طرد العدو وتحرير وطنهم المسلوب فلله درهم ولله در من ناصرهم وحفزهم وأعانهم ففي الأفق بدا مشهد النصر قريبا فبادروا رحمكم الله في تسريع الانتصار فذلك يوم يفرح فيه المؤمنون ويحزن المتخاذلون.