سالم بن حمد الجهوري -
salim680@hotmail.com -
الدول التي تتجه إلى الاستثمار لدعم الناتج القومي تكيف الكثير من التشريعات وتجعلها أكثر مرونة وأكثر جاذبية وقدرة على تقديم الحوافز وتبسيط الإجراءات والحرص على إظهار القدرة على حل المعضلات والصعوبات. ونجحت الكثير من تجارب هذه الدول التي أصبح الاستثمار الاجنبي والمحلي فيها يمثل خانة مهمة في روافدها المالية وإيراداتها السنوية، ونمت من عام إلى آخر واجتهدت لتوفير المزيد من البيئة المناخية الاستثمارية الجاذبة.
ولأن الاستثمار السياحي والتجاري والاقتصادي والصناعي ركائز مهمة لنهوض الدول، فإنه بات من الأهمية أن تركز عليه خلال المرحلة المقبلة، لأنها تعتمد على المشاريع الاقتصادية من الاستثمار الخارجي والمحلي لدعم مسيرة اقتصادياتها وتعظيمه ومراقبته سنوياً، لكنها في الوقت ذاته تراجع ذلك وتسأل، هل يضيف شيئاً للدولة؟ أم أنه يشكل عبئاً عليها؟ وفي حالة الوقوف على أي من الأمرين يتم العمل على التطوير والمراجعة.
ولأننا نحتاج كدول ناشئة إلى اقتصاديات السوق التي تجعل الحراك الاقتصادي دائما ومستمرا ويخضع للتحديث من عام إلى آخر، فإنه لا بد من أن تكون نظرة جذب الاستثمار أكثر شمولية في الوقت الراهن. في عمان لدينا الكثير من الإمكانيات الجاذبة للمستثمر في المجالات التي ذكرت منها التنوع السياحي والفرص الاقتصادية والموقع الجغرافي والاطلالة على بحار العالم وتوسط الشرق والغرب والقرب من خطوط الملاحة والاشراف على مضيق هرمز مما يجعل أيا من المشاريع التجارية والصناعية ناجحة، ولدينا العلاقات السياسية المتعددة مع جميع دول العالم التي قلَّ نظيرها عند الغير ولدينا الشباب الباحث عن عمل في المجالات المتعددة وإمكانية مشاركة رؤوس الاموال القادمة وغيرها. لكن بقي الأمر في غاية الأهمية هو أنه تنقصنا الجهة الراعية التي يمكن أن تنجز رغبات المستمثرين في مكان واحد، وأن توفر لهم جميع المتطلبات. تحت سقف واحد كالمحطة الواحدة.
فقد بدأت تظهر اليوم بعض الأصوات لمستثمرين ضخوا الكثير من الأموال تطالب بالمزيد من المرونة وإيجاد علاج لبعض الصعوبات التي يواجهونها، وإن لم يحصل المستثمرون على ذلك فإنهم سيفكرون في الرحيل، وسينقلون مشاريعهم إلى أماكن أخرى قد تكون على مرمى حجر من عمان.
علينا أن نعيد التفكير في مسألة المستثمرين بتوفير بوابة واحدة فقط يتعاملون معها، جهة موحدة تستطيع أن تنجز لهم كل شيء كما يحدث في دول العالم، توفير اجراءات مبسطة وأماكن لاقامة مشاريعهم ويد عاملة وتراخيص وخدمات ومرافق في المناطق الصناعية وغيرها من التي تستطيع أن تساندهم على انطلاق تلك المشاريع، ودون ذلك لن نجد من يأتي إلينا لإقامة مشاريعه وضخ امواله فيها وتعريض نفسه للمغامرة، ما لم تتوفر كل الوسائل التي تساعد على النجاح.
العملية ليست بالتمني بل تحتاج إلى خارطة طريق تحدد للمستثمر الخارجي والمحلي خطوات الدعم والمساندة، وما عليه من واجبات مترتبة من تشغيل اليد العاملة وتدوير رؤوس الأموال. اصوات تظهر هنا وهناك حول بعض الملاحظات لمستثمرين نأمل أن لا يصلوا إلى حالة اليأس التي تدفعهم إلى تصفية اعمالهم والبحث عن دول أكثر جاذبية. نعم لدينا مشكلة وعلينا أن نراجعها وأن نطور من أدائنا وتشريعاتنا واجراءاتنا في كل المؤسسات المعنية بالاستثمار وهذا ما سيبقي المستثمرين متمسكين بعمان.