مناقشا التحديات ومستعرضا تجارب إعلامية نسائية –
كتبت: خلود الفزارية –
انطلق أمس حوار صحافة المرأة العمانية الثاني الذي تنظمه جمعية الصحفيين العمانية ممثلة في لجنة شؤون الصحفيات تحت رعاية صاحبة السمو السيدة الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد وحضور كل من معالي الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني ومعالي الشيخ خالد بن عمر المرهون وزير الخدمة المدنية، ومشاركة عدد من الشخصيات الرسمية والقيادات النسائية من السلطنة وخارجها بفندق إنتركونتيننتال مسقط.
تناولت فعاليات اليوم الأول للحوار الصعوبات والعقبات التي تعترض مسيرة الإعلامية العمانية وتحد من إبداعها وقدرتها على الوفاء بمهامها الموكلة إليها، ودور الإعلام في دعم حق المرأة للوصول إلى المؤسسات التشريعية وفي إنجاح مشاركة المرأة سياسيا، بالإضافة إلى التعرف على معايير وأسس الأداء المهني الصحفي لتغطية الانتخابات البرلمانية بهدف تطوير جودة التغطية الإعلامية المهنية للانتخابات، في ظل أطروحات مثرية حظيت بنقاشات مثمرة عززت فيه المرأة من حضورها الإعلامي والعملي.
وأشادت صاحبة السمو السيدة الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد بحوار الصحافة للمرأة العمانية وثمنت الجهود المبذولة التي أبرزت المرأة الصحفية العمانية وأتاحت لها الفرصة لمناقشة أفكارها والرؤى الإعلامية علاوة على تشجيع الصحفيات الجدد للمشاركة والدخول في هذا المجال. منوهة على ضرورة أن تخرج المرأة من القالب المعتاد للصحافة العمانية وأن تطرق مجالات متنوعة، لأن دورها في السنوات المقبلة ومسؤوليتها تجاه المجتمع أصبح أكبر.
وأكدت السيدة منى أن المرأة الصحفية تستطيع أن تواجه العوائق والصعوبات التي تعترض طريقها بعملها ومن خلال إيجاد الحلول ببلورة توصيات هذا الحوار، متمنية أن نلمسها على أرض الواقع وأن تشارك النساء العمانيات بعدد أكبر في مجال الصحافة والإعلام.
وبدأت الفعاليات بكلمة لجنة شؤون الصحفيات بجمعية الصحفيين العمانية ألقتها جيهان بنت عبدالله اللمكية رئيسة لجنة الصحفيات بالجمعية أشارت فيها إلى أن حوار صحافة المرأة العمانية الثاني يأتي في نسخته الثانية ليشكل حاضنة فكرية ومنبرا لطرح جملة من الموضوعات ذات العلاقة بالمرأة العمانية، بغية مناقشتها وتحليلها للخروج بتوصيات ومخرجات عملية، تجسد خلاصة المداولات والنقاشات المثرية بين المشاركين في الحوار، والذين يمثلون نخبة من الخبراء والمختصين وصناع القرار، بما يخدم مسيرة تطور المرأة العمانية ويسهم في ارتقائها ذرى المجد.
مبينة أن الدعم الذي حصلت عليه المرأة العمانية من لدن مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه- منذ بزوغ فجر عصر النهضة، الأثر البالغ في تطوير مسيرتها، وتعظيم إسهامها في تنمية وبناء وطنها، وذلك من خلال نهج مؤسسي ومدروس، يركز على بناء قدرات بنات الوطن بالتعليم والتدريب ووضع النظم والتشريعات التي تكفل للمرأة حقوقها وتبين واجباتها وتجعلها قادرة على الارتقاء بذاتها وخبراتها.
وأضافت: لقد درج جلالة السلطان في خطاباته السامية على تأكيد ضرورة إسهام المرأة في شتى مجالات التنمية، باعتبارها نصف المجتمع، وفي هذا الصدد يقول جلالته: «إننا ماضون في هذا النهج لقناعتنا بأن الوطن في مسيرته المباركة يحتاج إلى كل من الرجل والمرأة» مشبها جلالته الوطن بالطائر الذي يعتمد على جناحيه «الرجل والمرأة « في التحليق إلى آفاق التطور والازدهار، وأن هذا الطائر لا يستطيع الطيران إذا ما كان أحد هذين الجناحين مريضا، وقد حققت العمانية إنجازات عديدة، وتبوأت مراكز سامقة، وأصبحت لها مكانة خاصة ودورا مميزا في كافة مؤسسات الدولة وفي مختلف مناحي الحياة، حتى أصبح يشار لها بالبنان، متقدمة على وصيفاتها في العديد من دول المنطقة والعالم.
دور الإعلام
مؤكدة أن الإعلام يلعب دورا رئيسيا في تشكيل الرأي العام وتوجيهه، والتعبير عن قضاياه، واستشعارا لأهمية هذا الدور دأبت جمعية الصحفيين العمانية ومن خلال لجنة شؤون الصحفيات للعمل على تفعيل العمل المشترك لتحسين البيئة الإعلامية في السلطنة، والإسهام في توفير الظروف الملائمة للإبداعات النسائية، وإبراز الطاقات الخلاقة، ومساعدة المواهب الناشئة، كما أنه وفي ذات السياق نحرص على أن يعكس الإعلام دور المرأة العمانية، ويعمل على تمكينها من أداء أدوارها المختلفة في المجتمع، وذلك من منطلق الإيمان بأهمية تفعيل إسهام المرأة في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع.
وتطرقت اللمكية إلى التحديات التي تكتنف تحقيق هذه الطموحات، ومنها الصعوبات التي تواجه الإعلامية العربية بشكل عام والعمانية على وجه الخصوص مما يحتم العمل الجاد لتذليل هذه العقبات، حتى تنهض الإعلامية العمانية بدورها المأمول وعلى الوجه الأكمل، إسهاما في تطوير الرسالة التنويرية التي ينهض بها إعلامنا العماني.
وتابعت: يأتي حوارنا محاولة لرصد الإشكاليات والهموم والتحديات المهنية والمجتمعية التي تواجه النساء المنتميات لحقل الصحافة والإعلام في السلطنة، والوقوف على كافة المعوقات التي تقف أمام ممارستهن للعمل الإعلامي المهني، وبحث سبل تذليلها وصولا إلى تهيئة بيئة عمل ملائمة ومحفزة تشجع على الانخراط في المعترك الإعلامي، وتعزز حضور المرأة العمانية فيه، الأمر الذي ينعكس على مضاعفة إسهامها في منظومة الأداء، وظهور بصماتها على مخرجاته الإبداعية لخدمة المجتمع والوطن والغالي، وتحقيقا لهذه الغايات، سعت جمعية الصحفيين العمانية إلى تضمين الحوار حزمة من المحاور، ومجموعة من الفعاليات التي تهدف في مجملها إلى تكريس حوار واع ومسؤول لتكون مخرجاته متناسبة ومواكبة للتطلعات الكبيرة المعقودة عليه لتعزيز منظومة العمل الإعلامي والارتقاء بالمستوى المهني، وكذا الارتقاء بدور المرأة العمانية، وتهيئة مناخات ملائمة لتمكين المرأة في حقل الإعلام، وتوظيف هذا الدور في دعم مكانتها في المجتمع، لأن تبادل الخبرات وتلاقح الأفكار، يعدان من أنجع السبل للتطوير والارتقاء، فإن هذا الحوار يشكل أرضية مناسبة، ومنصة استثنائية لمناقشة كل ما من شأنه رفع مستوى حضور المرأة العمانية في العمل الإعلامي وتسنم المناصب القيادية في هذا الحقل الواعد.
مشوار صعب
وتم تقديم فيلم وثائقي قصير استعرض الدور الذي تقوم به لجنة الصحفيات بالجمعية، وتطلعات المرأة الصحفية المستقبلية، بعدها تم استعراض تجارب إعلامية لبعض الإعلاميات العمانيات، أشارت فيها عزيزة الحبسية إلى تجربتها فقالت إن مشوارها الإعلامي اكتنفه جملة من الصعوبات والتحديات وكان ذلك لأسباب كثيرة منها قلة الكادر النسائي آنذاك وتحفظات من المجتمع فلم يكن المجتمع يتقبل عمل المرأة إعلاميا إلا أن رغبتي الذاتية كانت عنصرا مهما وتشجيع الأسرة ساهم بكل تأكيد في الانخراط في المهنة الإعلامية، فبدأت عملي بجريدة عمان كمحررة صحفية وكان لي عمود أسميته «نوافذ» اكتب فيه المشاكل الاجتماعية بأنواعها كما كانت لي مشاركات وكتابات على نطاق خارج السلطنة، إضافة الى مشاركات في مناسبات المجتمع المدني، مضيفة أن الوقت حان للمرأة أن تملأ بعض الفراغات في المناصب القيادية حيث إن مشاركتها العربية ضعيفة والسبب تجاهلها.
وقالت الدكتورة عائشة الغابشية إنها اهتمت بتقديم برامج تتعلق بالأسرة لمناقشة مواضيع تلامس احتياجات الأسرة والمجتمع ومناقشة قضايا متعددة في المجتمع العماني، بينما اعتبرت الإعلامية مديحة السليمانية تجربتها مصاحبة لتحديات كبيرة متعددة فكون أنها امرأة ومسؤولة عن تربية أسرة فوقتها داخل العمل الإعلامي تحد صعب، وأشارت إلى انتقالها من وظيفتها الحكومية والاتجاه للعمل في قناة خاصة كأول امرأه تتجه لهذا المجال وهو تحد آخر ولكن الرغبة الذاتية والتشجيع عاملان رسما صورة جديدة في مشوار حياتي.
مشيرة إلى أن عملها لم يكن محصورا في مجال واحد وإنما كان متنوعا بين البرامج المنوعة وقراءة نشرات الأخبار ووجهت السليمانية رسالة للمرأة العمانية الإعلامية بقولها إن الإعلام مسؤولية كبيرة فحان الوقت أن تتطرق الصحفية إلى مواضيع أكثر جرأة تهتم بمشاكل المرأة بكل تفاصيلها.
تحديات تواجه المرأة
وابتدأت حلقات العمل بجلسة حملت عنوان المرأة الصحفية تحديات وصعوبات برئاسة منى بنت محفوظ المنذرية مستشارة إعلامية بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ومقررة الجلسة هي سعاد بنت سالم العريمية محررة صحفية بدائرة الاعلام بمجلس الدولة وعضوة لجنة الصحفيات.
شهدت الجلسة حوارا مفتوحا وتفاعلا كبيرا من كافة الحضور والمشاركات، حيث قدمت فيها أوكتافيا نصر إعلامية ومؤسسة شركة بريدج ميديا كونسلتنغ، ورئيس تحرير في محطة سي ان ان لشؤون الشرق الأوسط سابقا بالولايات المتحدة الامريكية، ورقتها التي تناولت البحث عن الذات في الصحافة النسائية وعن هيمنة المجتمعات الذكورية في المجتمعات التي نعيش عليها، وقيم المحافظة على العادات والتقاليد لا سيما في الاستعانة بكبار السن.
مشيرة إلى أنها بدأت التخصص الإعلامي في صغرها وتوجهت للعمل في مجال الاعلام الذي اعتبر خروجا عن المألوف وكان صعبا جدا على والديها ولكنها أضافت: أصبحت النساء الآن تأخذ مكانها اللائق بها حيث تنجح المرأة بتميزها عن الرجال من حيث إظهار العاطفة والسبق والعزم والإصرار والمكافحة وأهمية إعطاء الفرصة بالتساوي للجميع وليس على أساس الجنس ومسؤولية فرض المساواة على أساس الكفاءة.
وأضافت أن الإناث يؤثرن بشكل إيجابي لذلك يجب اقتناص كل الفرص للانطلاق نحو الأفضل مع القادة والمرشدين ويتم تقاسم العمل والحمولة ويصبح العمل أسهل.
وقدم الدكتور عبدالله بن خميس الكندي أستاذ الصحافة المشارك بقسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس ورقته حول الدراسات الميدانية والمسوحات البحثية المختلفة التي استمتعت بها، مشيرا إلى أن الحديث عن المرأة في الصحافة عالميا تبدو متشابهة رغم الفروق السياسية والاجتماعية، فمثلا الاتحاد الأوروبي يؤكد ان المرأة الصحفية تعاني من ضغوطات العمل وارتباط الحياة الخاصة بالعمل وواحد من هذه الفروق هي الأجور واختلافها وفي أمريكا يدور الحديث الآن عن حضور المرأة الذي يكسب الإعلام إيجابية كبيرة.
مشيرا إلى أن مثل هذه التحديات ووجودها في دول كبيرة والوضع في المنطقة العربية مختلف، فمشاكل العمل الصحفي متنوعة والإشكالات تتكرر وما يفرق هو اختلاف البيئة فقط، وأن عمل المرأة في الصحافة هو صندوق سيغلق ومساحته محددة فالمرأة في الصحافة النسائية هي مجال للإبداع وتوجد إشارات في التاريخ لبداية العمل الصحفي في العالم وذكر «هند نوفل» صاحبة مجلة الفتاة التي بدأت العمل في عام 1892م التي تعتبر من رواد الصحافة وعميدة الصحفيات العربية.
الصحافة البرلمانية
وتناولت الجلسة الثانية دور الإعلام في إنجاح مشاركة المرأة بمجلس الشورى برئاسة سعادة الشيخ علي بن ناصر المحروقي الأمين العام لمجلس الشورى العماني، والمقررة هي أمل بنت طالب الجهورية باحثة إعلامية بمجلس الشورى العماني ونائبة رئيس لجنة الصحفيات بجمعية المرأة العمانية.
وتطرق فيها المكرم الدكتور أحمد المشيخي عضو مجلس الدولة إلى تجربة الشورى العمانية التي مرت بمراحل كثيرة وبمتغيرات متعددة فهناك انتخابات بالتعيين وانتخابات غير مباشرة وانتخاب مباشر من قبل الشعب، وهذا التنوع من المشاركات من أبناء الشعب أفرز مشاركة كثيفة للمرأة في العملية الانتخابية مما أعطى مؤشرا بأن المرأة لها حضور في الانتخاب.
موضحا أن تلك المتغيرات من العمليات الانتخابية تحتوي على بعض السلبيات فالدور القبلي كان حاضرا بقوة وغياب العنصر المتعلم والمثقف عن عملية الانتخاب كان أيضا عنصرا مهما إضافة الى غياب البرامج الانتخابية، وهذه أمور أسهمت في غياب دور المرأة وإخفاقها وربما يعود ذلك للمرأة التي نأت عن الإعلام وضعفها على التواصل مع وسائل الإعلام مما كان له أثر سلبي في وصولها لمجلس الشورى.
من جانبها أوضحت الدكتورة معصومة بنت صالح المبارك أستاذة العلاقات الدولية في جامعة الكويت أن الاعلام يلعب دورا محوريا ومهما في حياتنا مهما تطورت وسائل الاتصال، مؤكدة أن التركيز على جانب الإعلام في عملية الانتخاب يعتبر النافذة التي يطل من خلالها الناخب على المجتمع والوصول لأي شريحة كانت، فيجب أن تكون الحملة الانتخابية منظمة ولها أهداف واضحة نظرا للتنافس الشديد بين الناخبين.
وأشاد الدكتور فؤاد عبدالرازق كبير مذيعي إذاعة بي بي سي العربية بدور السلطنة التي أتاحت للمرأة حق التصويت والانتخاب والترشح مشيرا إلى أن الحملات الانتخابية يجب أن تكون مكثفة وتوظف الوسائل المتاحة، كما يجب أن يكون الإعلام مسايرا للخطط الانتخابية، حيث يجب على المرأة أن تعطي صوتها لزميلاتها في المجالس، كما يجب استغلال شبكات التواصل الاجتماعي لرفع مستوى الوعي الاجتماعي، وعلى الصحفيات أن يؤمن بإيصال الرسالة لزميلاتهن الناخبات والتواصل معهن وعمل تحقيقات صحفية لتكون منسجمة مع العادات والتقاليد العمانية والقيام بدور توعي والتشجيع على الترشح والتصويت.
حلقة إثرائية
بعد ذلك تم مناقشة أسس تغطية الانتخابات والأسس المهنية في التغطية الإعلامية للانتخابات البرلمانية للدكتور فؤاد عبدالرازق في حلقة إثرائية حضرتها الصحفيات المشاركات في الحوار. ويناقش حوار المرأة الذي يختتم فعالياته اليوم دور الإعلام الإلكتروني في إيصال صوت المجتمع الى صناع القرار، كما ستكون هناك حلقة عمل بعنوان تمكين الصحفيات من مهارات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.