والي عبري: المكتبة مبادرة فريدة لغرس ثقافة الاطلاع لدى النشء
الطائي: المكتبة تفاعل إيجابي من "الرؤية" مع اهتمامات المجتمع المحلي
الكلباني: انطلاق المكتبة من مقر "الغرفة" دافع لمزيد من العمل لخدمة أهالي الظاهرة
الرؤية- ناصر العبري-
أطلقت مؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر، مكتبة السندباد المتنقلة؛ صباح الخميس الماضي بولاية عبري، تحت رعاية سعادة الشيخ صالح بن ذياب الربيعي والي عبري، وذلك بمقر فرع غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة الظاهرة، وبحضور أصحاب السعادة ولاة ولايات محافظة الظاهرة، وعدد من المسؤولين من مديري الدوائر الحكومية، إضافة إلى جمع من طلاب الكليات والمدارس.
وتقدم سعادة والي عبري صالح بن ذياب الربيعي بالتهنئة إلى جريدة الرؤية لاختيارها محافظة الظاهرة وولاية عبري لتكون المحطة اﻷولى لتدشين مكتبة السندباد المتنقلة، مؤكدًا أنها مبادرة طيبة من جريدة الرؤية ولها دﻻﻻت سامية وأهداف نبيلة للعودة باﻷمة إلى أصلها، فهي أمة اقرأ. وأضاف الربيعي أن جريدة الرؤية دائماً سباقة إلى مثل هذه المبادرات الثقافية، مشيرًا إلى أن أهم ما يميز هذه المبادرة أنها تستهدف شريحة اﻷطفال، وتعويد الطفل على القراءة وغرس ثقافة القراءة لدى النشء، لكي تنمو معه حتى يكبر. وأوضح أن المجتمع بحاجة إلى ماسة إلى مثل هذه المبادرات في ظل هذا الكم الهائل من الثورة المعلوماتية والغزو الثقافي والفكري الذي يأتينا من الخارج. وتابع: "بهذه المناسبة أتوجه بالدعوة لكافة سكان محافظة الظاهرة بشكل عام وولاية عبري بشكل خاص لزيارة هذه المكتبة واصطحاب أطفالهم لتعويدهم وتشجيعهم على القراءة متمنياً التوفيق لجريدة الرؤية في هذه المبادرة الطيبة".
من جانبه، قال حاتم بن حمد الطائي المدير العام رئيس تحرير جريدة الرؤية في كلمته إنّ تدشين مكتبة السندباد المتنقلة، يأتي في سياق متصل مع المبادرات المجتمعية التي تطلقها الجريدة من منطلق مسؤوليتها الاجتماعية، وفي إطار التفاعل مع قضايا المجتمع والإسهام الإيجابي فيها. وأشار الطائي إلى أنَّ المكتبة المتنقلة تهدف إلى غرس حُب القِراءةِ وتأصيل شغف الاطلاعِ في نُفوسِ الأطفالِ والنّاشئة حتى يشُبَّوا على هذه العادةِ الحضاريةِ، حتى تكون وسيلتَهم للاستزادة من العُلوم والتَّشبُع بالمعارفِ بما يدعم حصيلَتَهم المعرفية ويُنمِّي مداركْهُم ويُعزِز قُدراتهم الفكريةِ واللغويةِ، الأمر الذي يُؤهلهم لمواجهة استحقاقات المُستقبل بكفاءةٍ، وقيادة حياة مُثمرة على الصعيدين الشخصي والعام. ولفت إلى أن المكتبة تسْعى إلى الإسهامِ في مُعالجةِ ظاهرةِ تراجُع القراءة في المجتمع في ظل ما تشير إليه الإحصاءات من ضعف الإقبال على الإطّلاع، خاصة مع طُغيان وسائل الترفيه التقنية الحديثة التي باتت تستأثر بمُعظم الوقت، خصوصا لدى النّاشئة والصِغار. واعتبر الطائي أن ذلك يستلزم جهداً كبيراً من الجهاتِ الرسميةِ ومُؤسسات المُجتمعِ المدني ذات الصلة، لإعادة المكانة للكتاب.
وأضاف الطائي أنّ من أهداف "سندباد الرؤية"- وهي تجوب أرجاء السلطنة بالمعرفة- تعريف أطفالنا بتاريخ أسلافنا المليء بالإنجازات ولا تخفى عليكم الدلالة الرمزية لاسم السندباد، حيث اقتحم أجدادنا البحار وسبر أغوارها رسل وسلام فاختطوا تاريخيا وبنوا أمجادا.. وهي سيرة من الفخار والمجد علينا أن نرسخها في أذهان النشء لتكون نصب أعينهم وهم يسعون لبناء مستقبل مشرق لعمان الحضارة.
وأوضح الطائي أنّ الاختيار وقع على محافظة الظاهرة وولاية عبري تحديدًا لتكون منطلقاً لهذا المشروع الحضاري والمحطة الأولى التي تنطلق منها مكتبة السندباد المتنقلة لتجوب كافة أرجاء السلطنة بنور العلم وضياء المعرفة. وتابع أن هذا الاختيار صادف أهله، وعبري التي تحتضنها محافظة الظاهرة ولاية تتكئ على التاريخ؛ حيث الحصون والقلاع والأبراج والكهوف والمدافن الأثرية تقف شاهدًا على عراقة المكان، كما ترتوي بدفق العيون والأفلاج وتستشرف المستقبل بحزمة من المشاريع في كافة القطاعات التنموية للارتقاء بنوعية حياة إنسان هذا الجزء من عماننا الغالية. وزاد: "إنّنا ونحن نُدشِّن انطلاقةِ هذا المشروع الحضاري، يحدونا الأمل في أن يجد ما يستحق من التفاتةِ مجتمعيةِ، ومساندة من أولياء أمور الطلابِ والوسط التربوي والتعليمي ومؤسسات المجتمع المدني حتى يحقق هذا المشروع أهدافه وغاياته النبيلةِ".
واختتم بالقول: "الشُكر أجزله لكلِ من مدّ يد العونِ والدعم لهذا المشروع، ولكل من ساعد في انطلاقته من الرعاةِ والداعمين.. وشُكر خاص نزجيه لأهالي عبري الواعدةِ ممثلين في والي الولاية راعي حفلنا هذا، وفي فرع غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة الظاهرة.. آملين أن تتجدد لقاءاتنا على دروب الخير والعطاء".
من جهته، قال علي بن صالح الكلباني عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان رئيس فرع الغرفة بالظاهرة إنّ مبادرة الرؤية والتي تتمثل في مكتبة السندباد المتنقلة على مستوى محافظات السلطنة من المبادرات الرائدة والتي تنشط الثقافة واﻻبداع بين الناشئة واﻷطفال ونحن في محافظة الظاهرة أشد سعادة بإقامة حفل التدشين في عبري والذي تمّ تنظيمه من قبل جريدة الرؤية وبالتعاون مع فرع الغرفة بمحافظة الظاهرة فتحية لكل المبادرات الوطنية.
وأضاف الكلباني: "شعارنا القادم والذي نسعى من خلاله إلى تنمية الاستثمارات في محافظة الظاهرة "استثمر من أجل الظاهرة" وانطلاق هذه المبادرة من مقر غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة الظاهرة دافع لمزيد من العمل وتضافر الجهود لمزيد من المبادرات التي تخدم المجتمع في مختلف المجالات".
جولة ميدانية
بعد ذلك انتقلت قافلة السندباد لتجوب شوارع ولاية عبري وتحط رحالها في بلدة العراقي أمام لولو هايبر ماركت عبري، ما أتاح فرصة أكبر أمام الأطفال والزوار الذين ما إن حطت القافلة رحالها حتى بدؤوا يتهافتون عليها من كل حدب وصوب. وتسعى المكتبة لإيصال الخدمة المكتبية إلى المناطق البعيدة ومناطق البادية وسواها من المناطق الأخرى، لتتمكن خلالها من الاتصال بمثل هذه التجمعات السكانية لنشر الوعي الثقافي والإرشادي والصحي. وأثنت مديرية التربية والتعليم بمحافظة الظاهرة- ممثلة في سالم الجساسي الخبير الإداري بمكتب مدير عام الظاهرة- بهذه المبادرة الرائعة؛ حيث أشار إلى أنّ هذا المشروع سيسهم ويشجع على الاهتمام بالقراءة وأن التربية والتعليم ستعمل على إنجاح هذا المشروع الذي يستهدف فئة الأطفال للوصول إلى الهدف المنشود وتشجيع الطفل على ارتياد المكتبات والاستفادة من كافة خدماتها، بالإضافة إلى إرشاد الأطفال إلى كيفية اختيار وانتقاء كتبهم وذلك بتوجيههم عند اختيارهم لها أثناء الشراء حيث إنّه لا بد من سكب مختلف العلوم والمعارف داخل أعماق وعقول الطلاب لتنمية شخصياتهم وتغذية مداركهم والتي بدورها تمنحهم بعدًا تربويًا آخر يتناسب مع متغيرات ومستجدات الأحداث.
وأثنى طارق بن عبد الله العبري أحد زائري المكتبة والذي جاء بصحبة أبنائه على فكرة هذا المشروع، وقال إنّها لمبادرة يثنى عليها من قبل جريدة الرؤية وهذا يدل على اهتمام القائمين عليها بتعليم الطفل وغرس الثقافة فيه منذ الصغر وكما قيل "العلم في الصغر كالنقش على الحجر"، فهذا هو الترسيخ الفعّال للطفل العماني بمكتبة متجولة تجوب محافظات السلطنة، وأضاف العبري أنّه لا توجد هناك أيّ علاقة بين مكان وقوف مكتبة السندباد المتنقلة وزوارها بل إنّ الأمر يعتمد كليًا على ثقافة الفرد نفسه.
هواية الاطلاع
فيما قال سالم بن راشد الإسماعيلي مدير وصاحب قناة الغبيراء إنّ قيام مكتبة السندباد بهذه الجولة في ربوع ولايات ومحافظات السلطنة لتعويد الأطفال على حب الاطلاع على الكتب وممارسة هواية القراءة، سيسهم في جني ثمار المستقبل اليانعة والتي تتمثل في التأسيس لجيل قارئ ومثقف تنهض به الأمم وتتباهى به عمان بين أقرانها من الدول. وأوضح أنّ مجتمعاتنا العربية والإسلامية تعاني من قلة القراءة ومعدلات منخفضة للالتحاق بالمؤسسات التعليمية، وتظهر معطيات نشرتها الأمم المتحدة حول عادات القراءة أنّ معدل ما يقرأه الفرد في أرجاء العالم العربي سنويًا هو ربع صفحة فقط، وهذا ما أكده تقرير أصدرته مؤسسة الفكر العربي بأنّ متوسط قراءة الفرد الأوروبي يبلغ نحو 200 ساعة سنوياً، بينما لا يتعدى المتوسط العربي 6 دقائق، وحسب إحصاءات منظمة اليونيسكو، لا يتجاوز متوسط القراءة الحرة للطفل العربي بضع دقائق في السنة، مقابل 12 ألف دقيقة في العالم الغربي.
وتلبية لنداء ومطالبات أهالي ولاية ينقل بمحافظة الظاهرة لزيارة مكتبة السندباد إلى ولايتهم ومن منطلق "أن تأتي المكتبة إلى القارئ إن لم يكن قادراً على الذهاب إليها"، توجه السندباد صباح أمس السبت إلى الولاية حاملاً معه مجموعة من الكتب والهدايا المقدمة للأطفال، حيث استقرت المكتبة في نادي ينقل الثقافي ولاقت إقبالاً كبيرًا من الأطفال والأهالي، جاء ذلك على لسان عامر البحري الذي أكد بدوره أن "المكتبة المتنقلة هي بداية غرس مفهوم القراءة لدى النشء؛ حيث تعطي توجهًا حكيمًا للمجتمع لاقتناء الكتب القيمة التي تعود بالنفع عليهم في ظل انشغال الناس بالخدمات الإلكترونية والتي أصبحت هاجسا يؤرق الكثير من المجتمعات، كما تساعد مكتبة السندباد على الاطلاع على المعلومات ومعرفة علماء وأدباء وكتاب وشعراء". وأضاف البحري: "إنّ وجود مثل هذه المكتبات المتنقلة على مستوى المدارس من الصفوف الأولى وحتى الدراسات العليا يطلب من خلالها من الطلاب استخراج أي معلومة أو بحث لزرع ثقافة معرفة الكتاب بحذافيره ابتداء من اسم الكاتب وحتى دور النشر، وذلك لترسيخ مثل هذه المفاهيم التي من شأنها خدمة الطالب أو الطالبة في حياته المستقبلية والعملية".
أما أسماء المقبالية إحدى زائرات مكتبة السندباد المتنقلة، فقالت إنّ هذه المكتبة هي بداية جميلة للقراءة والتصفح فيها العديد من الكتب المفيدة للأطفال والتي بلا شك تعود عليهم بالفائدة الكبيرة وجني ثمارها الطيبة، كما وطالبت المقبالية بتوسيع المكتبة بشكل أكبر وأفسح من الحافلة ليتسنى للجميع الإطلاع على مختلف الكتب حيث إنه وبالقراءة يزيد الرصيد الثقافي لدى الفرد ويعلم ما يجري من حوله كما وإنّ القراءة تفتح آفاقاً رحبة لدى القارئ فتعزز لديه ثقته بنفسه وبكيانه " أنا أقرأ.. إذا أنا موجود".
وقدمت سعاد العلوية من سكان ولاية ينقل حلقة دراسية ضمن فعاليات تدشين المكتبة، وأدت دور الراوي الذي يحكي للأطفال القصص الشيقة التي تحتويها مكتبة السندباد المتنقلة، حيث تحتوي المكتبة على إصدارات من مختلف دور النشر والمكتبات للفئة العمرية من 3-10 سنوات.
يشار إلى أن مكتبة السندباد ستجوب مختلف ولايات السلطنة، إسهامًا من مؤسسة الرؤيا في تعزيز ثقافة القراءة وتحفيز النشء للاستمتاع بالقراءة من خلال توفير الكتب والمطبوعات الخاصة بالأطفال؛ حيث إنّ المكتبة المتنقلة مبادرة نابعة من المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة.. والمكتبة المتنقلة هي في الأصل حافلة تمّ تحويلها إلى مكتبة عامة لتجوب القرى والمدارس في مختلف ولايات السلطنة، لتقدم الكتب للأطفال حتى يتسنى لهم اقتراضها، ومن ثمّ قراءتها بشكل مجاني، والرجوع في وقت لاحق إلى المكتبة حيث يمكن استبدالها بمزيد من الكتب.
وتتوفر الكتب باللغتين العربية والإنجليزية في شتى صنوف القراءة والاطلاع، كما توفر المكتبة العديد من الأنشطة الأخرى ذات الصلة بالمطالعة لغرس حب القراءة في نفوس الأطفال مما يساهم في تغيير حياتهم بشكل كبير.
وألقى الشاعر الشيخ غصن العبري كلمة نيابة عن أهالي محافظة الظاهرة وشيوخها وأعيانها، وقال: "استيقظت محافظة الظاهرة على حدث معرفي جديد وغرس ثقافي وليد بمبادرة شجاعة من قبل جريدة الرؤية، تلكم المبادرة تتمثل في إطلاق مكتبة سندبادية متنقلة بين أرجاء المحافظة". وأكد العبري أن المبادرة تعد تجربة فريدة من نوعها؛ حيث سيتمكن الطفل من الحصول على الكتاب الذي يناسب سنّه وميوله على سبيل اﻹعارة، وذلك بهدف تحبيب اﻷطفال في القراءة وتعويدهم عليها.
وأضاف العبري أنّه من المؤمل لهذا المشروع أن يغطي كافة محافظات السلطنة، مشيدًا في الوقت ذاته بهذه الخطوة التي أكد أنها إسهام متقدم على طريق غرس حب القراءة لدى اﻷجيال الصاعدة، متمنين من المجتمع أن يسهم هو الآخر بتشجيع أبنائه على اقتناء الكتب والتعود على القراءة النافعة.
وتقدم العبري بالشكر لكافة القائمين على مشروع مكتبة السندباد، معربًا عن أمله في أن تتواصل المبادرات النافعة للشباب فكرياً وثقافيًا ورياضيًا، وصولاً إلى الأهداف المنشودة في بناء الإنسان القادر على العطاء والإنتاج.