أزمة أوكرانيا فرصة لاستعراض التغييرات في الجيش الروسي

لندن – (رويترز): يقول خبراء إن إجراء تدريبات عسكرية على حدود أوكرانيا وارسال قاذفات إلى حدود المجال الجوي لحلف شمال الأطلسي يبين أن القوات المسلحة الروسية بعد التعديلات التي شهدتها في الآونة الأخيرة أصبحت في قلب المواجهة الإقليمية التي تمت تهيئتها لها.

فقد رفعت موسكو الانفاق العسكري بنحو 30 في المئة منذ حرب عام 2008 مع جورجيا ويقول المراقبون الذين يتابعون القوات المسلحة الروسية إن هذه الأموال لم تنفق على العتاد وحده بل على إقامة هيكل عسكري أكثر مرونة من ذي قبل بكثير.

والنتيجة في رأيهم قوة أكثر سلاسة يمكن تعبئة وحدات رئيسية منها في غضون أيام تدعم هدف الرئيس فلاديمير بوتين بإعادة تأكيد النفوذ الروسي على الدول التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفييتي.

وفي وقت سابق من الشهر الماضي قال الجنرال فيليب بريدلاف من سلاح الجو الأمريكي وهو القائد العسكري لحلف شمال الأطلسي إن القوات المصطفة الآن على حدود أوكرانيا يمكنها أن تتغلب على القوات المسلحة الأوكرانية في غضون خمسة أيام.

وربما يكون الهدف من نشر هذه القوات إرهاب الحكومة الجديدة في كييف ومنعها من ارسال قوات أكبر إلى مناطق شرق أوكرانيا التي يتحدث أهلها باللغة الروسية حيث استولى انفصاليون موالون لموسكو على مبان حكومية في عدة مدن.

والأربعاء الماضي حلقت القاذفات النووية الروسية على طول بحر الشمال مما دفع مقاتلات حلف شمال الأطلسي للانطلاق وقيام مقاتلة بشن هجوم وهمي على مدمرة أمريكية في وقت سابق من الشهر فيما يعد أيضا اختبارا للرد الغربي.

ويقول كير جايلز الخبير السابق في شؤون روسيا بأكاديمية الدفاع البريطانية الذي يعمل حاليا باحثا لدى مؤسسة تشاتام هاوس للابحاث الدولية “الجيش الروسي فكر مليا في عمليات أخرى وتعمد هيكلة نفسه ليصبح أكثر مرونة.”

ويقول محللون إن الإصلاحات التي دفع بها بوتين ووزراء دفاعه ترمي إلى جعل الجيش أكثر قدرة على الحركة. وربما تفتقر القوات المسلحة الروسية إلى قدرة واشنطن على نشر قوات في مختلف أنحاء العالم لكن قدراتها ازدادت بشكل كبير في المناطق القريبة من روسيا.

في عصر الحرب الباردة بني جانب كبير من الجيش الروسي حول فرق تمثل هياكل في الأساس رغم كونها عملاقة من الناحية النظرية قائمة بضباطها ومعداتها على أن يتم تجييش المجندين وقوات الاحتياط خلال الحرب. وتم ابدال الكثير من الفرق لتحل محلها ألوية أصغر بكثير بكامل ضباطها وجنودها يجري اعدادهم من خلال المناورات المفاجئة لاختبار مدى استعدادهم للقتال.

كما أصبحت المناورات المخطط لها مسبقا أكبر حجما وتجري في الغالب في مناطق حدودية لتذكر الدول المجاورة بما قد يحدث لها إذا ما خالفت بوتين.

واشترك في المناورة زاباد-13 في أغسطس الماضي في روسيا البيضاء ما يصل إلى 70 ألفا من الجنود بالاضافة إلى قاذفات ومقاتلات ونحو 30 سفينة حربية. وتم التدريب قرب دول البلطيق والحدود البولندية ويقول بعض المسؤولين الغربيين إن التدريبات اختتمت فيما يبدو بضربة نووية وهمية على دولة عضوة في حلف شمال الأطلسي.

وقال الميجر جنرال كارليس نيرتنيكس بالجيش السويدي في دراسة للأكاديمية الملكية السويدية لعلوم الحرب “نحن نرى قدرة روسية سريعة التزايد على شن عمليات عسكرية واسعة النطاق ومعقدة في محيطها.”

ويعتقد بعض المحللين أن المنطقة العسكرية الغربية في روسيا كانت محط اهتمام أكبر من المعتاد من حيث المعدات والتدريب. وتواجه هذه المنطقة أوكرانيا ودول شرق أوروبا الأعضاء في حلف شمال الأطلسي وتقول دول البلطيق إن تدريبات روسية على مستوى منخفض تجري فيما يبدو بصفة شبه مستمرة على امتداد حدودها.

ويبدو أن الوحدات الموجودة على امتداد الحدود الأوكرانية لديها أحدث ما لدى موسكو من عتاد.

ويقول المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن لقطات فيديو نشرتها مواقع اخبارية روسية ومواقع أخرى على الإنترنت أظهرت أن الدبابة تي-72بي3 أحدث نسخة من الدبابة التي كانت سائدة في عصر الحرب الباردة ضمن القوات المتراصة قرب أوكرانيا.

ومن التحسينات التي أدخلت عليها نظام جديد للتحكم في النيران وكمبيوتر لتوجيه المقذوفات لتحسين دقة التصويب وأجهزة رؤية حرارية بالاضافة إلى تحسين الدروع.

ورغم أن واشنطن أشارت إلى أنها لن ترسل قواتها إلى أوكرانيا فقد أرسلت قوات لتعزيز الدول الشرقية لحلف الأطلسي بما في ذلك قوات مظلية وطائرات حربية إلى دول البلطيق.

وقال دوجلاس لوت السفير الأمريكي لدى الحلف إن الانخفاض الأخير في عدد الطائرات الروسية التي تقترب من دول البلطيق ربما كان نتيجة لهذه التحركات.

ويبدو الكرملين حريصا على اختبار مثل هذه الحدود.

والأربعاء من الاسبوع الماضي أطلقت بريطانيا والدنمارك وهولندا طائراتها ردا على طيران قاذفة نووية روسية قرب أراضيها. وكانت موسكو استأنفت هذه الطلعات في عام 2008.

والأغرب أن طائرة روسية وحيدة من طراز سو-24 نفذت هجوما وهميا فيما يبدو على المدمرة الأمريكية دونالد كوك في البحر الأسود يوم 12 أبريل.

وقال نيكولاس جفوديف أستاذ دراسات الأمن الوطني بكلية الحرب البحرية الأمريكية “يبدو أن هذا التصرف الروسي يهدف إلى تحديد مجال فعلي للنفوذ لمعرفة المناطق التي سيرد فيها الغرب.”