بالرغم من المخاوف التي اثارتها الخلافات والتراشقات الإعلامية التي ظهر بعضها على السطح بين حركتي فتح وحماس، خاصة بعد العدوان الاسرائيلي على غزة في يوليو واغسطس الماضيين، الا ان الاعلان عن التوصل الى اتفاق بين فتح وحماس، لطي صفحة الخلافات، ولإفساح المجال امام حكومة التوافق الوطني لتمارس مهامها في قطاع غزة، هو خطوة ايجابية، بل وعلى درجة غير قليلة من الأهمية، ليس فقط على الصعيد الفلسطيني، ولكن ايضا على الصعيد العربي، ولاسيما انها تأتي في ظروف عربية حرجة الى حد كبير.
ومع الوضع في الاعتبار ان الخلافات بين حركتي فتح وحماس، وبين مختلف الفصائل الفلسطينية لن تنتهي بشكل تام او كامل، لأسباب وظروف عديدة ومفهومة، الا ان التوافق والالتقاء على حدود، ولو دنيا، للعمل والتنسيق والتعاون لتحقيق المصالح الوطنية الفلسطينية، والحفاظ عليها، وتمكين منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، من القيام بدورها الوطني للحفاظ على المصالح الفلسطينية والدفع نحو استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، يعد ضرورة حيوية، ولصالح القضية الفلسطينية ككل، وكذلك للفصائل الفلسطينية المختلفة كل على حدة، بما في ذلك حركة حماس وغيرها من الفصائل التي لا تزال لها مواقف ورؤى محددة حيال منظمة التحرير الفلسطينية وتدعو لإعادة هيكلتها على نحو محدد. فالمؤكد ان ضعف المؤسسات الفلسطينية لا يمكن ان يخدم لا القضية ولا اي فصيل فلسطيني على حدة.
وفي هذا الاطار فإن اي التقاء وتقارب وتنسيق وتعاون بين الفصائل الفلسطينية، ولا سيما بين اكبر فصيلين – اي فتح وحماس – هو امر ينبغي الترحيب به، بل ودعمه والحفاظ عليه وتقويته، بكل السبل الممكنة، لأن ذلك هو في الواقع، السبيل لاستعادة الحقوق الفلسطينية، لأن الفرقة والخلافات والإقصاء لا يفيد سوى اسرائيل ومخططاتها ضد الفلسطينيين، وهو درس اثبتته التجارب والاحداث دوما على مدى اكثر من سبعة عقود.
ونظرا لأن الأغلبية الكاسحة من العرب، على امتداد المنطقة، تتطلع الى استعادة اللحمة والمصالحة والتوافق الفلسطيني، على كل المستويات، وحيال كل جوانب القضية الفلسطينية، التي تعد القضية المركزية العربية، فانه من الطبيعي ان يحظى الاتفاق الذي تم اعلانه في القاهرة قبل نحو يومين، باهتمام وترحيب كبيرين، ليس فقط لأنه يعبر عن مطلب وأمل جماهيري عربي على نطاق واسع، ولكن ايضا لأن النجاح في تحقيق ذلك وتحويله الى ركيزة للعمل الفلسطيني الجاد خلال الفترة القادمة، من شأنه التأثير، الى حد كبير على الجهود المبذولة، فلسطينيا وعربيا ايضا، لاستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في الحياة في دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفي اطار حل الدولتين، الذي لا يزال ممكنا. ولعل ما تم يشكل خطوة لتحقيق هذا الهدف والأهداف الفلسطينية الاخرى.


