سيف بن زاهر العبري -
wadiasahtan@hotmail.com -
(1)
كثير من المتغيرات طغت على الحياة المعاصرة بخدماتها التنموية المتسارعة، واكبتها جهود حثيثة للارتقاء بنوعية الخدمات واستحداث قطاعات عمل تؤمن سير العمل بشكل أفضل، وتستوعب عملية الإنجاز المطلوبة وفق الخطط المرسومة، ميزانية الدول تضخ مليارات الريالات لإنجاز مشاريع تنموية ترتقي بالمرافق الخدمية المقدمة للمواطن والمقيم أينما كان في ربوع السلطنة، ومع ذلك هناك الكثير من التطلعات المنشودة في الارتقاء بأداء القطاعات الخدمية، والعمل على رؤية مستقبلية تقوم على مراجعة متكاملة لدور المؤسسات الخدمية وفق الاختصاصات المحددة لها، وتستكشف أوجه القصور في الإنجاز المنشود بما يتوافق مع خطط التنمية المتسارعة في شتى المجالات، وبالتالي فقد حان الوقت أن تكون هناك نظرة متأملة لدور كل جهة وما تقوم به من خدمات، ومعرفة تكاملية الخدمات القائمة على سرعة الإنجاز وعدم تداخل الاختصاصات.
(2)
عندما أنشأت الدولة مؤسسات حكومية منوط بها أداء خدمات تنموية وفق هياكلها التنظيمية، ولدت من رحم هذه المؤسسات قطاعات عمل امتدت إلى سائر المحافظات والولايات مهمتها متابعة إنجاز الأعمال والمشاريع وتسهيل تقديم الخدمة للمواطن أينما كان، ومع ذلك ظهرت أوجه القصور في الأداء بالشكل المطلوب، وقتها تعالت نداءات المواطنين بضرورة تنفيذ مشاريع طال انتظارها، أو تقديم خدمات تعطلت نتيجة أسباب كثير منها يتعلق باختصاصات أو اعتمادات مالية، فعندما تختص البلديات بمهام نقل القمامة ونقلها إلى المرادم بشكل صحيح، كان من المؤمل أن تختفي ظاهرة تكدس المخلفات المنزلية في كل الأحياء السكنية نهائيا، وإنشاء شبكات الصرف الصحي من الأهمية بمكان أن تكون شاملة لجميع الولايات والقرى، لتخفي على الأقل ظاهرة استنشاق الروائح الكريهة المنبعثة من مجمعات الصرف التقليدية.
(3)
مع أهمية النخلة كمحصول زراعي لم تعد وزارة الزراعة قادرة حتى الآن القضاء على أخطر حشرة تهدد أهم محصول اقتصادي في البلاد، فقد استفحل خطر ” حشرة الدوباس ” ولم تعد عمتنا النخلة تطيق إفرازات العصارة اللزجة فإذا بأطرافها الخضراء تجف تدريجيا، ناهيكم عن هلاك الآلاف من أشجار الليمون والمانجو نتيجة أوبئة فتاكة لم نجد لها علاجاً. ووزارة الصحة هي الأخرى لم تستطع استئصال الأمراض المستعصية رغم وجود المستشفيات والأجهزة الطبية المتطورة، فأصبح التفكير في العلاج بالخارج كأحد الخيارات الصعبة، فمن لم يستطع على نفقته الخاصة فعليه بالطب البديل واستخدام طرق العلاج القديمة. ولماذا ذاع صيت المدارس الخاصة، فهل هناك ضعف في المناهج الدراسية بالمدارس الحكومية أم أن اكتظاظ الصفوف أو التدافع المنبوذ في الحافلات المدرسية أحد الأسباب المعروفة. ولماذا اختفت مدارس القرآن الكريم من الولايات أم أن وزارة الأوقاف جعلت ذلك من اختصاصات وزارة التربية، ولماذا ينتظر المصليون في بعض المساجد وقتا إضافيا لأداء الصلاة في انتظار من يؤمهم تطوعا ما دام أن وظيفة الأئمة كدوام رسمي فقط، فأصبحت الحاجة ماسة إلى تعيين مساعدي أئمة ومؤذنين أكبر مع تزايد أعداد المساجد.
(4)
لماذا تتناقص مصداقية العلاقة مع الإعلام المحلي، فهل أصبح مجرد وسيلة إلقاء وتلقي وبث صوت وصورة تصل إلى متلقيها متأخرة جدا بعد أن تربعت وسائل التواصل الاجتماعي في سرعة نقل الحدث مباشرة، أم نحن بحاجة إلى مزيد من القنوات الفضائية والبث السمعي والإلكتروني والمقروءة المبدعة في تخصصها. وأين دور وزارة الشؤون الرياضية في صقل مواهب المبدعين إذا لم تتوفر في كثير من الأندية ما ينشده الشباب من خدمات رياضية متكاملة، وما علاقة وزارة التنمية الاجتماعية بتنظيم معسكر للشباب كان قد أقيم سابقا بنيابة الجبل الأخضر، فهل نسمع بعد ذلك أن تقوم الشؤون الرياضية بتسليم معاشات الضمان الاجتماعي لرد الاعتبار.
وما سبب تداخل اختصاصات وزارتي النقل والبلديات في قطاع الطرق لمشاريع تقام هنا لا تصل مواصفاتها بمستوى مواصفات مشاريع هناك، وما انهيار طريق الحوطة بولاية رخيوت إلا دليل قاطع على عدم جاهزية وزارة البلديات لمثل هذه المشاريع، ولماذا لا تتولى بلدية ظفار تنفيذ مشاريع طرق بأعلى المواصفات ما دام أن بلدية مسقط تنجز مشاريع مماثلة، وكلا البلدتين ميزتا محافظتي مسقط وظفار دون سائر المحافظات الأخرى.
وما هو دور وزارة البيئة والشؤون المناخية في رصد المتغيرات الجوية المتلاحقة إذا ما علمنا بأن تنبؤات الرصد الجوية المستمرة تتم عن طريق هيئة الطيران المدني والتي بلا شك لها دور فاعل يؤهلها أن تكون اختصاصاتها في هذا الجانب بمستوى وزارة مستقلة. وأما قطاع التجارة فله جهات عدة ذات اختصاص بدءا من وزارة معنية بشقيها التجاري والصناعي وأخرى للقوى العاملة وغرفة للتجار تعد بيتهم الحنون، ناهيكم عن مؤسسات وهيئات تدعم أنشطة القطاعات الخدمية في شتى المجالات.
قبل الختام
هناك الكثير من التطلعات نحو مزيد من التطور والنماء والتقدم، حري بنا أن نقلب في دفاتر التنمية المتسارعة هاجس الوعي المتنامي لدى المواطن والمتابع باستمرار الحاجة المتزايدة للارتقاء بالخدمات المقدمة من قبل المؤسسات العديدة وفق الاختصاصات المحددة لها، مما يستدعي معها مراجعة آنية لدور جهات حكومية مختصة ترتقي بدورها المنشود نحو الأفضل. وحان الوقت لمراجعة مدى قدرة المؤسسات الحكومية في الأداء الخدمي على الوجه الأكمل، واجتثاث الترهل وتداخل الاختصاصات بين كثير من الجهات، ما دام أن التفكير منصب نحو حكومة إلكترونية تعايش تطلعات الدولة نحو الأفضل.