نصائح للمُستثمرين في الأسواق المالية (2)

لؤي بديع بطاينة –

Lbb_65@yahoo.com –

استكمالاً للأسبوع الماضي واستجابة لعدد من المتابعين بضرورة المُشاركة في الخبرات والدروس والعبر التي تمت الاستفادة منها وتعلمها طيلة أكثر من 15 عاماً في التعاطي والمتابعة والدراسة والتحليل مع وفي أولِ الأسواق المالية وخصوصاً الواقعة في منطقة الخليج العربي، ومحاولة مُقارنتها والاستفادة منها في الدراسات والأبحاث التي أشرنا إليها في الأسبوع الماضي في مدى وكيفية تجنب الأخطاء في الأسواق المالية.وفي تلك الدراسة التي أشرنا إليها في الأسبوع الماضي كنا قد وجدنا نصائح مُثيرة للجل والسخرية والتساؤل فيما يتردد ويتداول بين المستثمرين في الأسواق المالية، وتؤدي في النهاية إلى خسارة المزيد من الأموال.

إن المُستثمر الناجح يجب أن يتحلى باتباع المنطق السليم، وهو دراسة البيانات والمعلومات التي تفصح عنها الشركات لتساعده على اتخاذ قراره السليم بشأن الاستثمار الذي يمكن أن يضع فيه أمواله. والمستثمر الواعي يستطيع أيضا أن يُميز ويُدرك ماهية المعلومات الصحيحة من غير الصحيحة والمَبنية على الشائعات قبل اتخاذ أي قرار استثماري.

ومن أكثر الدروس والعبر التي تمت الاستفادة منها والتعاطي معها هو، الاستماع إلى الشائعات وكيفية التحقق منها وتجنب الانسياق إليها إلا في حالة التأكد منها و/أو ظهور علامات مؤشرات تستدعي اتخاذ كل السبل والمعايير والطرق والاستراتيجيات للحد من التأثر منها والتأثير على قراراتنا وخطط عملنا.

إن انتشار الشائعات، يُعتبر من أخطر وأكبر المخاطر على السوق المالي لما لها من تأثيرات سلبية وردات فعل عكسية من المُمكن (بل من المؤكد) التأثير على أداء السوق المالي بشكل عام وأداء سهم الشركة مدار الشائعة (في حال كون الإشاعة تخص شركة بعينها وليس الدولة و/أو النظام المالي ككل).

ولكن من المُحزن على الدوام توجه وانقياد المُستثمرين وخصوصاً الصغار منهم نحو تلك الشائعات وإعادة برمجة واتخاذ قراراتهم المالية والاستثمارية استنادا على تلك الشائعات سواء كان تلك القرات تؤدي إلى شراء و/أو بيع أسهم بعينها لكي يكون كبش الفداء لغربان السوق ومطلقي ومروجي الشائعات والذين طبقاً للقانون وفي جميع الدول والأنظمة والتشريعات المالية والتشريعية يجب معاقبتهم ومحاسبتهم والقصاص منهم.

إن مطلقي ومروجي الشائعات ليسوا على الدوام من أصحاب وحملة الأسهم أو من المُلاك (حسب ما هو مُتعارف عليه) ولكن من المُمكن أن يكونوا من الجهات والأفراد التي لا تمتلك مراكز مالية وسهمية في تلك الشركات ويهدفوا من إطلاق الشائعات إلى الضغط على أسعار تلك الأسهم لدفعها إلى الانخفاض ومنها الدخول عليها في مستويات متدنية وجديدة لم تصلها منذ مدة زمنية كبيرة كما يحدث الآن لدى بعض الشركات وعلى بعض الأسهم في منطقتنا وفي أسواقنا المالية مما يؤدي إلى ضعف كفاءتها وعدم مرونتها وبالتالي التأثير وإضعاف مستويات السيولة فيها مما يؤدي إلى خروج بعض الصناديق ومديري المحافظ الاستثمارية منها خروجاً بلا عودة.

ومن الممكن أن يتم الترويج للشائعات من أصحاب وحملة الأسهم المؤسسين بهدف زيادة حصصهم في شركاتهم وعلى مستويات متدنية وخصوصاً ما قبل الإعلان عن النتائج المالية لشركاتهم مما يؤدي إلى إعطاء مؤشرات سلبية عن الأداء المالي والتشغيلي لشركاتهم ما قبل الإعلان عن النتائج مما يؤدي إلى انخفاض أسعار أسهم تلك الشركات حتى يقوم صغار المُساهمين بتلك الشركات ببيعها وبشكل سريع وبدون أي تفكير وتروي مما يؤدي إلى انخفاض أسعارها فيقوم كبار المُلاك بشرائها وبأسعار منخفضة.

ومن المخاطر والمؤشرات التي يجب على المُستثمرين على الدوام مراقبتها والتأكد منها والمحاولة بمُتابعتها والتأكد من أية معلومات تخصها:

1. مخاطر الإدارة: وهي تلك المخاطر التي تخص أية قرارات إدارية وتشغيلية وتسويقية تم اتخاذها من قبل الإدارات الحالية و/أو السابقة قد تؤثر سلباً و/أو إيجاباً على ربحية واستمرارية الشركات وأدائها المالي والتشغيلي وبالتالي تدفقاتها المالية سواء كانت تلك الآثار على المدى القريب و/أو البعيد مما سيؤدي إلى التأثير على الفور على أسعار أسهم تلك الشركات وبالتالي العوائد المالية والاستثمارية التي يتوقعها المُستثمرون عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية (سواء كان بالشراء والبيع).

2. المخاطر الناتجة عن قرارات كبار المُستثمرين ببيع مراكزهم وحصصهم وأسهمهم في بعض الشركات والقطاعات: في حال قيام بعض كبار المُستثمرين ببيع حصص كبيرة في بعض الشركات مهما كانت الأسباب سواء كانت ناتجة عن حاجتهم للسيولة النقدية و/أو وصول استثماراتهم وأسعار أسهمهم في تلك الشركات إلى المستويات المطلوبة والتي يرغبون بالخروج منها وتحقيق الأرباح أو بما يُسمى (Profit Booking) والمخاطر هنا تكمن في نتيجة عملية بيع أعداد كبيرة من الأسهم سوف يؤدي إلى انخفاض أسعار تلك الأسهم وحدوث حالات من الهلع والخوف لدى صغار المُستثمرين مما يؤدي إلى قيامهم ببيع أسهمهم ومن المُمكن ذلك يؤدي إلى تحقيق خسائر كبيرة وقد تكون غير مُحتملة.

3. توجهات الأسواق وتضارب التوقعات: من الطبيعي أن يكون على الدوام توجهات مُختلفة للمُستثمرين وخصوصاً ما بين صغار وكبار المُستثمرين وما بين التحليل الفني والأساسي وما بين المُستثمرين قصيري الأمد والمُستثمرين طويلي الأمد، مما يَنتُج عنها وعلى الدوام فريقين من المُستثمرين، فريق يمثل جانب الشراء والفريق الآخر بكل تأكيد جانب البيع، مما يعني أن البائعين يتوقعون بأنه الوقت قد حان للبيع والمُشترين بأن الوقت قد حان للشراء. وهذا يعني بأن أسعار الأسهم لتلك الشركات سوف تتأثر بمدى إما قوة المُشترين ورغبتهم بالشراء وعلى المستويات الحالية أو بمدى قدرة البائعين بالبيع على تلك المستويات الحالية أو التنازل عن تلك المستويات والبيع على مستويات منخفضة مما يؤدي إلى المزيد من حالات الهلع والخوف عند الفئات التي لا ترغب (في الأصل) بالبيع.

4. المخاطر الناتجة عن الطمع والخوف لدى فئات من المُستثمرين: والطمع هي ظاهرة طبيعية ومن البديهي وجودها لدى العديد من المُستثمرين لأن الطمع بالأصل هو عبارة عن رغبة جامحة لامتلاك الثروات أو السلع أو الأشياء ذات القيمة المُطلقة بغرض الاحتفاظ بها لنفسه، وهو يسري على الرغبة الطاغية والبحث المستمر عن الثروة والمكانة والسلطة. وكمفهوم علماني نفسي، يعتبر الطمع، بالطريقة نفسها، رغبة جامحة للحصول على أكثر مما يحتاجه الشخص وامتلاكه. والخوف هو شعور قوي ومزعج تجاه خطر، إما حقيقي أو خيالي. الخوف هو العدو الأعظم للإنسان، فالخوف هو السبب وراء الفشل والمرض وخلل العلاقات الإنسانية. ويخاف ملايين الناس من الماضي، والمستقبل، والشيخوخة، والجنون، والموت. ولكن الخوف ما هو إلا فكره في عقلك الباطن وهذا يعني أنك تخشى أفكارك. ويُعتبر الطمع والخوف من أهم العوامل المؤثرة على الاستثمار في الأسهم، حيث إن الخوف يؤدي إلى إسراع الأفراد لبيع الأسهم بشكل جماعي وهو ما يترتب عليه هبوط شديد في المؤشر العام للبورصة، وفي هذه الحالة يجب على المستثمرين تجنب عمليات الشراء في أوقات وجود خوف من الهبوط في الأسعار واتجاه الأفراد نحو البيع الجماعي، وعلى الجانب الآخر فهناك ظاهرة الطمع فهو أحد محددات السوق غير القابلة للقياس والتي تؤثر بشكل مباشر في حركة شراء الأسهم ويؤدي الطمع بالمُستثمرين إلى الشراء بدافع الحصول على مزيد من الربح مما يدفع الأسعار نحو الارتفاع وهو ما يؤدي إلى حدوث فقاعة كبيرة في السوق بسبب وصول أسعار الأسهم لأعلى من قيمتها الحقيقية، وعندما يدرك المستثمرون حقيقة هذه الفقاعة سوف يتجهون إلى البيع وهو ما ينتج عنه خسائر كبيرة سواء لحاملي الأسهم أو للشركة المصدرة للسهم، ولا شك أن كلا من ظاهرة الخوف والطمع يترتب عليه وجود مخاطر كبيرة في سوق الأسهم.

5. مخاطر التضخم: وهي تُعتبر من المخاطر المؤثرة لأنها تؤثر على قوة العُملة التي نقوم بالاستثمار بها وقوتها الشرائية كما يحدث مثلاً عند الاستثمار في الأسواق المالية في دول وبأسهم مقومة بعملات غير قوية، مما يعني أنه في حال حدوث أية تقلبات وضعف في القوة الشرائية للعملات المحلية بانخفاض قوتها الشرائية وبالتالي انخفاض قيمتها وقيمتها المالية والاستثمارية كما حدث مؤخراً في دول عديدة ومنها مصر والهند وتركيا والبرازيل والأرجنتين والتي انخفضت أسعار عملاتها في العامين الماضين لأكثر من 25%. وكما هو معلوم أن التضخم يؤثر على العائد على الاستثمار سلباً، فإذا كان العائد على الاستثمار أقل من مُعدل التضخم، فيعني ذلك أن أي استثمار في أسواق الأسهم سيفقد ويخسر من قيمته وقوته الشرائية مما يعني بأنه يجب على المستثمرين أن يتأكدوا من أن العائد على الاستثمار يجب أن يكون أعلى من معدل التضخم.

ومن المخاطر أيضاً والتي تؤثر على قرارات وتوجهات المُستثمرين هو الاستمرار بعدم استشارة من لهم خبرة واستشارة عديمي الخبرة (الذين يعتمدون في خبراتهم على الحدس والتوقع والشائعات) مما يؤدي في أغلب الأحوال خسائر فادحة لرؤوس أموالهم. ومن المخاطر أيضاً التي تواجه المستثمرين هو عدم وضوح أهدافهم الاستثمارية وخصوصاً في المدة الزمنية للاستثمار وقراراتهم الزمنية التي تتعلق في الاستثمار وأيضاً بمدى قدرة المُستثمر على تحمل الخسائر؟. وأيضاً هنالك مخاطر تواجه المُستثمرين والتي تتعلق بمخاطر تقلبات وتغيرات أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى التأثير على كافة الاستثمارات والتي لديها معامل ارتباط كبير بالتغيرات بأسعار الفائدة المصرفية والمُحددة في الغالب من قبل المصرف المركزي، مع بقاء العوامل الأخرى على حالها فإنه هنالك علاقة عكسية ما بين سعر الفائدة في السوق المالي وأسعار الأسهم.

وفي النهاية يجب على المُستثمرين في سوق الأسهم السرعة في اتخاذ القرارات المهمة، وخاصة في قرار الخروج من السوق، خصوصا في حالة عدم الاستقرار، أو في حالة توقعات صدور بيانات مالية تؤثر على الأسهم المستثمر بها والمُراقبة المُستمرة والجيدة لاستثماراتهم في السوق المالي.

مُلاحظة: تم الاستعانة بعدد كبير من الأبحاث والدراسات ونشرات الأخبار العالمية والإقليمية وبتصرف.