قاعدة التاجي (العراق) – (أ ف ب) – تنقل الرقيب مايكل لير بين القواعد الامريكية في العراق في العام 2011، مشاركا في نقل معداتها العسكرية ضمن عملية انسحاب قوات بلاده، من دون أن يخطر بباله أنه سيعود في مهمة عسكرية بعد أقل من ثلاثة أعوام.حزمت القوات الأمريكية عتادها منهية وجودا عسكريا استمر نحو تسع سنوات، تخلله اجتياح بري واسقاط نظام الرئيس صدام حسين، وبتكلفة باهظة تمثلت في مقتل عشرات الآلاف من العراقيين ونحو 4500 جندي أمريكي.
وبينما كانت مستويات العنف عند الانسحاب في ادنى مستوياتها منذ اعوام، تبدلت المعادلة في يونيو 2014، مع هجوم تنظيم (داعش) وسيطرته خلال أيام على مساحات واسعة في شمال العراق وغربها.
يجد الرقيب لير نفسه حاليا في العراق للمرة الثالثة، مشاركا في تدريب القوات العراقية على استعادة الاراضي التي فقدتها لصالح التنظيم .
ويقول لير لوكالة فرانس برس في قاعدة التاجي العسكرية الضخمة شمال بغداد «لم يخطر ببالي اننا سنعود».
يضيف اثناء وقوفه على درب موحل محاط بحواجز اسمنتية مرتفعة، حاملا بندقيته الرشاشة من طراز «ام 4»، « تنقلت بين كل القواعد المتقدمة لتجهيز المعدات العسكرية ونقلها برا الى مرفأ في الكويت» نهاية 2011.
يتابع «كان الامر بمثابة حجر الاساس لمرحلة كبرى، كنا نحمل معداتنا معنا (للمغادرة)، وهذا كان دليلا ايجابيا».
الا انه عندما عاد الى الكويت في يونيو تزامنا مع التقدم المتسارع للتنظيم المتطرف من شمال العراق جنوبا باتجاه بغداد وانهيار العديد من قطعات الجيش العراقي، ادرك لير ان مهمة جديدة تنتظره.
ويوضح «قلت لنفسي – كن جاهزا للعودة -، لأنني واثق اننا لن نجلس جانبا ونتفرج على حدوث هذا الامر».
وبالنسبة الى الرقيب الذي خدم ايضا مع قوات بلاده في افغانستان، العودة الى العراق هي استمرار لنمط حياة اعتاده منذ اعوام.
وردا على سؤال عن هذه العودة، يجيب «كان الامر مريحا، على رغم ان اجابة كهذه قد تبدو غريبة». يضيف «انها المرة الرابعة اؤدي فيها مهمة عسكرية (خارج الولايات المتحدة)، وهذا ما انا معتاد عليه». يتابع «لا اعرف القيام بأي شيء آخر، اصبح الأمر اشبه بعادة».
لير هو واحد من نحو 180 جنديا امريكيا يقيمون حاليا في قاعدة التاجي، وسيرتفع عددهم في وقت لاحق، بحسب النقيب في الجيش تايلرهيتر.
والتاجي واحدة من خمس قواعد ستستخدمها واشنطن وحلفاؤها لتدريب خمسة آلاف عسكري عراقي كل ستة اسابيع لقتال تنظيم داعش.
ويقول اللواء في الجيش الامريكي دانا بيتارد ان هذا التدريب سيكون «على المبادىء الدنيا المطلوبة لشن هجمات مضادة».
وانفقت واشنطن مليارات الدولارات على تدريب الجيش العراقي وتجهيزه.
الا ان العلاقة بين الطرفين تقلصت بشكل كبير عقب الانسحاب في 2011.
ويقول الجنود الامريكيون ان اقرانهم العراقيين لم يلتزموا بعد ذلك ببرنامج التدريب المطلوب للحفاظ على المهارات المكتسبة.
واستخدمت القوات العراقية قاعدة التاجي بعد عام 2011، الا ان العديد من علامات الوجود الامريكي لا زالت موجودة، من تجهيزات لملاعب كرة السلة، الى علبة فارغة لنوع من التبغ كان مفضلا لدى الجنود الامريكيين.
كما لا زالت اسماء بعض الوحدات العسكرية الامريكية مطبوعة على الحواجز الاسمنتية، كما يمكن رؤية شعار فرقة الخيالة الاولى في الجيش الامريكي مطبوعا على خزان مياه يشرف على القاعدة.
وتأتي عودة الجنود الامريكيين الى العراق، ضمن سعي واشنطن وحلفائها الذين شكلوا تحالفا ينفذ ضربات جوية ضد التنظيم في سوريا والعراق، لتدريب القوات العراقية على استعادة المناطق التي خسرتها.
ومن هؤلاء الجنود، الرقيب اول مارلون دايلي الذي خدم سابقا ثلاث مرات في العراق، احداها اثناء غزو عام 2003.
وخدم دايلي مرتين في الموصل (شمال) اولى المناطق التي سيطر عليها التنظيم المتطرف في هجوم يونيو.
ويرى هذا الجندي السقوط السريع للمنطقة امرا «صادما للغاية».
ويقول لفرانس برس «اردت ان آتي الى هنا، كنا في الكويت واعتقد اننا سنحدث تأثيرا اكبر اذا كنا هنا، نقوم بما نقوم به حاليا».
اما بالنسبة لكبير الرتباء («كوماند سرجنت مايجور») روبرت كيث، فهي المرة الخامسة يأتي فيها الى العراق منذ 2003.
ويقول «لم افكر انني سأعود»، ويستذكر خلال 2011 «كان الجميع يحزمون امتعتهم ويتجهون الى الكويت».
ويشير الى انه خلال مهماته المتعددة في العراق «رأيت الكثير من التقدم، والكثير من التغيير»، معتبرا ان رؤية ذلك التغيير يتراجع بفعل هجوم تنظيم داعش «امر محبط».
ويرى كيث ان ما يقوم به وزملاؤه حاليا «يشبه اعادة اختراع العجلة.
عندما تؤسس الكثير وتعود، الامر اشبه بالبدء من الصفر».
رغم ذلك، يشعر كيث بسعادة جراء العودة.
ويقول «استمتع بالقدوم الى العراق، الناس رائعون هنا ومضيافون»، مشيرا الى ان معارفه الذين يخبرهم بذلك «يعتبرون اني مجنون».