جبهة موحدة لتوعية المجتمع بمخاطر الاستخدام السلبي لتقنية المعلومات

Close up of wooden gavel at the computer keyboardندوة تناقش قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية -

متابعة وتصوير. مروه حسن -
كعادتها في الاهتمام بقضايا الشباب وتوسيع مداركهم نظمت اللجنة الوطنية للشباب ندوة صحفية حول قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات من حيث تعريفه وأسباب وجوده ومدى تطبيقه ودوره في تقنين استخدام وسائل تقنية المعلومات بشكل لا يضر بالفرد أو بالمجتمع . مرايا حضر الندوة وهنا عرض لأهم ما جاء فيها وكيفية الاستفادة من هذا القانون في تحقيق حماية الأفراد.


بدأت الندوة بسؤال من عضو اللجنة الوطنية للشباب ومدير الحوار مازن بن محمد السعدي للدكتور حسين بن سعيد الغافري مدير الشؤون القانونية بهيئة تقنية المعلومات حول القانون وكيفية ظهوره، حيث أجاب الغافري قائلا : انطلقت فكرة إنشاء القانون من مبدأ دستوري قائم وهو أنه (لا عقوبة ولا جريمة بدون نص) وقد وقعت أول جريمة إلكترونية بالسلطنة في أواخر 1997 .

واكتشفت لجنة التحقيق في ذلك الوقت أنه لا توجد نصوص تشريعية تجرم الأفعال التي ترتكب باستخدام وسائل تقنية المعلومات وهنا جاءت فكرة أنه لا بد من وجود إطار تشريعي ينظم هذه الفكرة فصدر في 2001 تعديل في قانون الجزاء العماني بإضافة نص خاص لمواجهة الجرائم التي ترتكب بوسائل تقنية المعلومات المختلفة وأيضا ظهر قانون تنظيم الاتصالات في 2002 وبعد ذلك بسنوات صدر قانون المعاملات الإلكترونية في عام 2008 وقانون حماية المؤلف والحقوق المجاورة في نفس العام ، ووقتها كان هناك بشكل عام عدة قوانين متفرقة لجرائم المعلومات كما ظهرت جرائم جديدة إلكترونية لا يوجد لها أي نص ومن هنا ظهرت فكرة إعداد القانون وكان ذلك بغرض تجميع النصوص الموجودة والمتفرقة في نص واحد واضح وأيضا لسد النقص التشريعي الموجود فعلى سبيل المثال هناك اتجار بالمخدرات وغسيل الأموال والإتجار بالبشر والأسلحة عن طريق الإنترنت وهؤلاء لم يكن موجودا لهم تشريع من قبل بحيث لو تمت عن طريق هذه التقنية ، لذا أضيف كل هذا في مشروع القانون وبالتالي جاءت فكرة إعداد القانون .

وقد استمر العمل في القانون حوالي سنتين ونصف وقد حاولنا أن نبدأ بما انتهى به الآخرون حيث تم الاطلاع على تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال سواء غربية أو عربية أو خليجية وقد تم تجميع هذه النصوص ودراستها ثم تم وضع الخطوط العريضة للقانون وتم إعداد المسودة الأولى للقانون وإرساله للجهات المعنية وبعد ذلك صدر في 2011 بموجب المرسوم السلطاني رقم 12/2011 ودخل حيز التنفيذ منذ صدوره، ولم يتم إدخال اية تعديلات عليه حتى الآن.

وأضاف من أبرز القضايا التي تستلزم المساءلة القانونية في هذا الحيز، أن هناك جرائم معلوماتية بحتة كالاختراقات بكافة أنواعها مثل اختراقات المواقع وأجهزة الحاسب الآلي والأجهزة المحمولة واختراقات للأنظمة المعلوماتية وقواعد البيانات وايضا بث الفيروسات وغيرها من هذه الجرائم والعقوبة تختلف تبعا لاختلاف الجريمة.

وهذه الجرائم ظهرت بتطور المجتمع تكنولوجيا وتظهر جرائم جديدة تبعا لهذا التطور كل يوم.

وهناك نوع آخر من الجرائم وهي الجرائم التقليدية المعروفة سابقا ولكن أصبحت تتم الآن باستخدام تقنية المعلومات مثل الاعتداء على الحريات الخاصة كنشر الصور الشخصية دون إذن صاحبها والسب والتشهير والإتجار بالمخدرات والأسلحة والأعضاء البشرية ، وهناك ايضا المواد الإباحية والتي انتشرت بشكل كبير والابتزاز نتيجة ذلك.

وهذه المواقع للأسف يصعب مراقبتها وإذا تم غلقها فإن هناك طرقا أصبحت تسهل دخولها بشكل غير مباشر.

وقد اكتشفنا من خلال بعض الندوات التوعوية التي قمنا بها في المدارس المختلفة بالسلطنة أن الطلاب والطالبات يستخدمون تقنيات التواصل الاجتماعي في نشر الاشاعات والسبب فيما بينهم وهم غير مدركين مساوئ ذلك ولا يعرفون أن بعضا مما يقومون به يعتبر جريمة من وجهة نظر القانون، وهذا ليس على نطاق طلبة المدارس وحسب بل اكتشفنا أن هناك مدرسين ومديرين وموظفين في مؤسسات مختلفة يقومون بذلك دون إدراك أنها جريمة.


نظرة اجتماعية


ومن الناحية الاجتماعية لهذا القانون ومدى تأثير تقنية المعلومات على الفرد والأسرة بالمجتمع قالت وضحى الفارسية ( ممثلة جمعية الاجتماعيين العمانية): إن تقنية المعلومات أو وسائل التواصل الاجتماعي ينظر إليها المتخصصون في علم الاجتماع بزوايا مختلفة فلا أحد ينكر أن هذه التقنية أصبحت واقع ملموس لا غنى عنه للجميع خاصة الشباب ولكن هذه التقنية هي سلاح ذو حدين فهي لها جوانب إيجابية عديدة تفيد الفرد والمجتمع ولها أيضا جوانب سلبية تؤثر على الفرد وايضا المجتمع وذلك حسب نوع الاستخدام والغرض المخصص له فمن السلبيات التي أثرت سلبا اجتماعيا أن هناك إدمانا عند البعض لاستخدام وسائل تقنية المعلومات وخاصة مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي حيث أدت في بعض الحالات إلى إحداث نوع من التفكك الأسري بسبب انشغال أفراد الأسرة بها بشكل طغى على العلاقات الأسرية فيما بينهم لذا نقول كمتخصصين اجتماعيين أنه لو استخدمت هذه التقنية بشكل متوازن وبقدر صحيح ودون التطرق لسلبياتها فإن ذلك سيعود بالنفع على الفرد وبالتالي فإن العكس صحيح لذا فإنه يجب على المجتمع ككل توعية أفراده بمخاطر هذه التقنية وطرق الاستفادة منها بالشكل الصحيح والذي لا يضر بأي شخص في هذه المنظومة.

وأضافت أيضا : أحيانا تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي في التعبير عن الرأي بحرية ولكن أحيانا تكون هذه الحرية بشكل منفلت وغير مسؤول لذا يجب أن تكون الحرية مسؤولة وهي حق يكفله المجتمع ولكن دون سب الغير أو الإضرار بالغير.


التعديل مطلوب


أما المغردة والمحامية ميمونة السليمانية (مؤسسة مجلة القانون والحياة) فقد تحدثت عن أهمية التغريد والتواصل الاجتماعي في حياة الفرد حيث قالت: مناخ التواصل الاجتماعي أصبح نوعا من التقنيات الحديثة المتطورة التي تفيد الفرد وتزيد خبراته المختلفة ففرضية الوصايا التي كانت ومازالت موجودة عند البعض ليس لها مكان الآن في ظل هذا التطور التكنولوجي السريع الذي نشعر به جميعا فالأصل في الأمور الإباحة وأعتقد أنه الآن أصبح من غير المعقول أن تسأل أي شخص هل أنت موجود على موقع من مواقع التواصل الاجتماعي أم لا ؟ ، لأن هذا السؤال أصبح ليس له معنى حيث تفرض هذه الأيام علينا استخدام هذه الوسائل وأصبح من البديهي أن يكون الشخص ملما باستخدام إحدى أو كل هذه الوسائل.

وبالنسبة لهذا القانون فأنا كمحامية أقول ان لي بعض التحفظات عليه حيث أن هذا القانون يحتوي على 35 مادة 32 منها تبدأ بفعل (يعاقب) وهذه الصيغة في التعامل مع الشباب تحتاج إلى تغيير وأعتقد أنه قد حان الوقت لإضافة التغيير في هذا القانون ليواكب لغة العصر وليصل بشكل أفضل للشباب، وقد دشن مؤخرا قانون التوثيق الإلكتروني من هيئة تقنية المعلومات والذي أرى أنه قانون ممتاز ولكن ينقصه فقط التعديل في قانون مكافحة قانون جرائم تقنية المعلومات حتى تكتمل الصورة ويكون له التأثير الأفضل ، وأرى أنه يجب توجيه المجتمع بشكل إيجابي لهذا القانون دون استخدام لغة حادة به.

واختلف أحمد بن خلفان الذهلي (رئيس جماعة القانون بكلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس) مع المحامية ميمونة السليمانية في الرأي حول القانون حيث قال أنا لدي وجهة نظر مختلفة بخصوص كلمة (يعاقب) حيث أعتقد أن اللغة المستخدمة في القانون هي اللغة الأفضل في الصياغة لأنه يجب علينا كقانونيين أن نراها بهذه الصيغة ويجب أن يراها الأفراد بالمجتمع هكذا لكي يعرفوا جيدا أن الإضرار بالآخرين والاستخدام السيئ لتقنية المعلومات يكون جزاؤه كذا من القانون ولكني أتفق معها في ضرورة توجيه المجتمع بشكل إيجابي وتوعيته بالسبل الممكنة للحماية من هذه الجرائم والاستخدام الأمثل لهذه التقنية .

وأضاف عمر بن محمد المعمري ( طالب بكلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس): في رأيي ان القانون هو أسلوب حياه وأعتقد أن كل فرد يجب أن يعرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات لكي لا يضر نفسه ولا يضر بالمجتمع الذي يعيش فيه وهذا ليس مقصورا على دارسي القانون فقط بل يجب أن يلم به الجميع، وأنا قد قررت دراسة القانون لمعرفة هذه الجوانب ولمساعدة الآخرين في الإلمام بها.

وتحدث المعمري عن الشائعات التي أصبحت منتشرة عبر برامج التواصل الاجتماعي حيث قال: يجب تغيير بعض الأفكار غير المسؤولة الموجودة عند البعض ومعرفة أسباب نشر الإشاعة وسلبياتها وعمل توعية مجتمعية بذلك ويجب أن تتكاتف كل مؤسسات الدولة وأفرادها في ذلك كالإعلام والاجتماعيين وغيرهم ممن يستطيعون تقديم التوعية المطلوبة.


روح القانون


وكان للجنة الوطنية للشباب مشاركة خاصة حول مشروع ( روح القانون) الذي تم العمل فيه مؤخرا حيث قالت منى بنت محمد آل فنة العريمية (عضو اللجنة الوطنية للشباب ) : مشروع روح القانون هو مشروع توعوي هدفه توعية الشباب من المخاطر التي قد يكونون غير مدركين لها عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وهذا المشروع مركز على ثلاث نقاط أساسية : الجرائم الإلكترونية وجرائم المخدرات وقانون العمل.

وهذا البرنامج أو المشروع تشرف عليه لجنة الدراسات والبحوث ومدته من ثلاث إلى أربع سنوات ويركز على توعية الشباب بمسقط ، وقد كانت البداية عبر موقعي تويتر وفيس بوك حيث بدأنا بتناول القانون وتم عمل نقاش مع الشباب حوله، وقد كانت الزيارة الأولى لفريق روح القانون في محافظة شمال الباطنة بصحار وتم عمل حلقة بعنوان (القانون معك) وكان الهدف منها حث الشباب على فهم أن القانون معهم ووجد ليحميهم وليوضح لهم نقاط الضعف التي قد لا تدرك أثناء استخدام وسائل تقنية المعلومات، وقد لا حظنا من خلال تفاعل الشباب معنا أن هناك ملاحظات حول القانون ونوع التجريم وقد حاولنا من خلال النقاش أن نوضح لهم النقاط الخاصة بالقانون واستخدامه وقد استفاد الشباب من هذه الحلقة كثيرا ووجدنا أننا لا بد أن نزور مختلف محافظات السلطنة وأن نوسع نطاقنا لتوعية الشباب ، وذلك لتأكيدنا على ضرورة أن يكون لنا دور في توعيتهم وإرشادهم لمخاطر وسلبيات استخدام تقنية المعلومات.

وفي آخر الجلسة تم الاتفاق على مقترح قدمته وضحى الفارسية حول ضرورة عمل برنامج يضم القانونيين والاجتماعيين ولجنة الشباب وكافة الجهات المعنية بهذا الأمر لكي تكون هناك جبهة موحدة لتوعية المجتمع بمخاطر الاستخدام السلبي لتقنية المعلومات وكيفية تجنبها.